آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-06:51م

المحسوبية تدمر البلد

الخميس - 31 مارس 2022 - الساعة 05:18 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى
- ارشيف الكاتب


غالبية دول العالم تعتبر المحسوبية ممارسة مدمرة وضارة بالبلاد، وفي بعض الحالات حتى جريمة جنائية، أما في اليمن فهي جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الوطنية ولا توجد منافسة مفتوحة عمليًا على الوظائف في اليمن، حيث تقوم الاكثرية في هرم الإدارات الحكومية بتدفئة الكراسي للأقارب، الذين سيتولون المناصب الجيدة بوجودهم ليساعدوهم في التجسس على بقية الموظفين وتغطية فسادهم، كما أن روابط الاقارب تعزز ولاء الموظف بحيث لا يضطر المسئول إلى القلق بشأن منافس كفوء أن يصطاد منه كرسي المسؤولية.

أصبح الكثير في اليمن يعلم بعدم وجود نظام عادل لاختيار الموظفين وان الترقية والتعيين في الوظائف في مؤسسات الدولة غالباً لا تخضع للقوانين، وان الفساد والمظاهر اليومية لمحاباة الأقارب قد أضرت باقتصاد البلد بشكل عام ومع ذلك هناك إصرار غبي على مواصلة هذا النهج المدمر، الذي وفقًا لإحدى الدراسات ، يمكن أن يؤدي الفساد المقترن بالمحاباة إلى إزهاق الأرواح.

التقاليد والحداثة علنًا تتحدث عن وجود محسوبية الأقارب في المجتمع اليمني وعواقبه الخطيرة، التي تهدد الوضع الداخلي والخارجي للبلاد، حيث تمنع روابط المحسوبية تدفق القوى الجديدة إلى هياكل الدولة وتمثل عقبات كبيرة أمام تحول النظام السياسي والاقتصادي نحو التعافي، والمستمرة الى يومنا هذا بسبب عدم مكافحة هذه الظاهرة وغياب التدابير التشريعية للقضاء على المحسوبية.

مفهوم التعيين والترقية في وظائف اليمن يعيش حالة من التشوهات في الوعي العام  بسبب المحسوبية، التي تنمو في حالة تصاعدية مرعبة، حيث يفقد أقارب المستفيد رغبتهم في تحسين احترافهم، بسبب وجود "سقف" يضمن الحصانة حتى في حالة الفشل المهني، حتى المستويات الدنيا في الجهاز الإداري تفقد الحوافز لتحسين مستوى المؤهلات، لأن صفاتها المهنية لا تؤخذ في الاعتبار في النمو الوظيفي في ظروف المحسوبية.

الافتقار إلى المنافسة والاختيار الموضوعي للكفاءات والتعينات والترقيات في مؤسسات الدولة اليمنية في الوقت الحالي للأسف تقع خارج سياق القانون، كقاعدة عامة هي السبب في الفساد الشامل والرشوة والاختلاس وانحلال النظام الاجتماعي والاقتصادي بأكمله، ولا تزال معايير اختيار الموظفين لهياكل الإدارة العامة في أغلب الأحيان في اليمن ليس للأولوية المهنية والعلوم والشهادات المصحوبة بالخبرة والصفات الأخلاقية، وإنما بالعلاقات الشخصية ومحاباة الأقارب.

إن التباطؤ في تنفيذ الإصلاحات الوظيفية في مؤسسات الدولة ومحاربة المحسوبية في ظل أوضاع الاقتصاد المتأزم سيؤدي إلى عدد من المخاطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأولها زيادة في عدم الكفاءة المهنية وفائض البيروقراطية، وزيادة المشاكل والعزلة بين الموظفين والمسؤولين وبين الشعب والدولة، التي يجب أن تكون الضامن الذي لا يتزعزع لتكافؤ فرص العمل لجميع المواطنين.