آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-12:45ص

الو وزير العدل.. السلام عليكم

الإثنين - 21 مارس 2022 - الساعة 12:00 ص

د. الخضر عبدالله
بقلم: د. الخضر عبدالله
- ارشيف الكاتب


ننطلق بداية هذه المقالة بحديث رسول الله - عليه الصلاة والسلام - قال :" قاض في الجنة وقاضيان في النار.. )  قاض علم بالحق وقضى به، فهو في الجنة، وقاض قضى بجهل وأهلك حقوق الناس، وقاض علم الحق وقضى بخالفه، وكالهما في النار.

ونحن إذ  نكّن التقدير والتوقير للقضاء وللقضاة الخائفين من الله في عملهم ، ولكننا في هذا المقام  نقصد من عناهم سيد البشر من الذين ينطبق عليهم قوله، الذي ورد أعلاه مثالا على ذلك.

يا وزير العدل .. لعلكم لا تتابعون قضايا الناس المظلومين ,فهناك المئات من شكاويهم  التي تورد ظلمهم بوثائق رسمية , وكيف أنهم يعيشون  تحت وطأة الظلم ويتجرعون مرارته في كل لحظة من حياتهم يبكون ويشكون ليس من ظلم خصومهم ,بل من  ظلم القضاة العاملين في وزارة العدل التي يعول عليها المظلومين  في إنصافهم لرد  حقوقهم. 

ولقد تعلمنا يا معالي الوزير .. إن القضاء حصن وأمان لأفراد المجتمع، الذى يريد العيش بسلام واطمئنان, لأن الغاية من القضاء هي إقامة العدل بين الناس.

ولذلك يلجأ الكثير من الناس إلى القضاء, لرفع الظلم عنهم وإعادة الحقوق لأصحابها، فمهمة القاضي أن يقتص من الظالم، وإنصاف المظلوم، فقد صار أكثر قضاة المحاكم والنيابات هم خصوم  المظلومين  إلا من رحم الله , فإذا كان القاضي يا وزير العدل  هو خصمك فمن تقاضي إذاً.

معالي الوزير .. يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام -  " ألا كلكم راع , وكلكم مسؤول عن رعيته, فالأمير الذي على الناس راعٍ , وهو مسؤول عن رعيته " 

معنى ( كلكم راعٍ ) الراعي هنا : هو الحافظ المؤتمن، أو هو من وُكِلَ إليه تدبير الشيء وسياسته وحفظه ورعايته، وقال العلماء: الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلاح ما قام عليه وما هو تحت نظره، ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقاته."

إذن معالي الوزير..فأنت المسؤول الأول والأخير بشان القضاة الفاسدين وكما هو مُشاهَد اليوم ، أصبح بعض قضاة المحاكم والنيابات, يعاقبون من يعارضهم, بل يتلذذون في معاناتهم .

ونسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به"  رواه مسلم.

وصيغة الحديث " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً " تدل على العموم، فيدخل في ذلك كل من ولي ولاية من الولايات سواء كانت هذه الولاية ولاية عامة، أو كانت ولاية جزئية خاصة، فإنه داخل في هذا.

معالي الوزير إنه ابتلاء ابتُلينا به، أن يتحكم فينا أمثال هؤلاء، فقد ورد أنه بعد أن تجبّر البرامكة حينما كانوا وزراء لبني العباس، ثم عُزلوا وسُجنوا وقبعوا في السجون المظلمة التي طالما حبسوا فيها غيرهم، قال ابن يحيى البرمكي لأبيه: يا أبتِ، بعد العز أصبحنا في القيد والحبس، بعد الأمر والنهي، صرنا إلى هذا الحال؟! فقال: يا بُنِي، دعوة مظلوم، سَرَت بليل، ونحن عنها غافلون، ولم يغفل الله عنها!

وما حدث مع القاضي المعتزلي "أحمد بن أبي داود"، الذي كان أحد رؤوس الفتنة في عهد الواثق، والذي كان يُفتي بضرْب العلماء وسجْنهم وقتْلهم، فسُئل بعد أن قتَل الواثقُ، الإمامَ أحمد بن نصر الخزاعي، فقال: ضرَبني الله بالفالج؛ أي: الشلل، فشاء الله تعالى، أن يُصاب بالفالج، فمكَث 4 سنوات، قبل موته طريحاً في فراشه، كما تسبب في حبس الإمام أحمد وتعذيبه، وعزله المتوكل من وظيفته. تسبب أيضاً في فصْل عشرات ومئات الأشخاص من وظائفهم، كما أمَر المتوكل بمُصادرة جميع أمواله.

ختاما معالي وزير العدل .. إن دعوة المظلوم إذا خرجت من قلبٍ قد اكتوى بنار الظلم، فكأنما تخرج ناراً مستعرة، وتخترق الحجب؛ لأنه ليس بينها وبين الله حجاب.

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء) (سورة إبراهيم: 42-43)