آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-03:36ص

 لا تناصروا المستبدين

الأحد - 27 فبراير 2022 - الساعة 06:25 م

ماجد عبدالله الناصري
بقلم: ماجد عبدالله الناصري
- ارشيف الكاتب


انقسم مؤخرا الشارع اليمني بل والعربي إزاء الحرب الأوكرانية إلى ثلاثة أقسام، قسم يؤيد أمريكا وثاني روسيا، وثالث يسخر ويشمت مما يحدث في أوكرانيا، ومن المفترض إننا أكثر الشعوب رحمة لمن شردوا من أوطانهم لأننا عرفنا معاناة الحروب وقسوتها وماتخلفه من تأثير نفسي ومادي ومعنوي، من المؤسف أن نرى اليوم من يؤيد روسيا على حساب الشعب الأوكراني الذي أصبح في الملاجئ بين لحظة وضحاها.


وإذا لم تعرف الحق فلا تصفق للمستبدين، لا تناصر لا الشرق ولا الغرب لا أمريكا ولا روسيا، الدولتان يداها ملطخة بالدماء، احتلال روسيا لأوكرانيا لا يعني أنها بريئة وتقدم الورود للشعب الأوكراني، واحتلال أمريكا لأفغانستان والعراق وتأجيجها لحرب أوكرانيا ونشر أجنداتها في معظم الدول لا يعني أنها بريئة مما يحدث اليوم في الشرق والغرب، نشهد اليوم سباقا لاستعباد وإخضاع الدول تماما كما هو سباق التسلح بين القوى العظمى وفي الوقت الذي بات الحياد فيه جريمة،

مانراه اليوم من حشد للأسلحة من دول الاتحاد الأوروبي وواشنطن وتزويد أوكرانيا بها هو دليلا على أن الحرب مخطط لها من قبل، وبرهانا آخرا على نية القوى الداعمة لإطالة الصراع لصالح قوى دولية، دون أي اكتراث لمعاناة الشعب الأوكراني القتيل والمشرد الذي تدور المعركة داخل مدنه ووسط أحياؤه المكتضة بالسكان البالغ تعدادهم (42,7) مليون نسمة، بينما هذا العالم يريد الحرب، فبدلا من المبادرة والضغط على زيلنسكي وبوتين لإيجاد حل سياسي؛ بادروا في إغراق العاصمة "كييف" بالسلاح  لمواجهة جارتها موسكو في معادلة غير متوازنة..!

الإصرار على الحرب جريمة يسوق لها تجار السلاح وأطماع التسلط العالمي، ويجب أن نعي بأن القوي ليس الذي يشن الحروب ويشرد الآمنين بل الذي يسيطر على أفكاره ويقتل توهماته حفاظا على الأرواح، القوي من يقدم التنازلات تقديسا لحرمة الإنسان دمه وماله وعرضه، أما هذه الأمبراطوريات التي تتصارع اليوم وتتسابق على استقطاب المزيد من الدول إلى صفها فهي دموية وتاريخها أسود وتملك أسلحة دمار شامل لقتل وتدمير الإنسان.

قفوا مع المظلومين والمقهورين ضد كل المتعربدين المتعطشين للحروب والدماء، نحن نعاني أيضا، استنكروا كل ما يعرض حياة الإنسان للخطر ويشرد الآمنين من منازلهم، العنوا الدكتاتور مهما كان وإن وجدتموه لا تترددوا واقذفوا أحذيتكم عليه، هؤلاء إن أيدتموهم اليوم سيأتون غدا ويقتلونكم تحت أي مسمى وأي شعار، سياسي كان أم ديني، وهاهم اليوم يعيثون فسادا بأوطاننا من خلال أدواتهم التي زرعونها ويغذونها بشتى أدوات الموت والتنكيل.

ومن بين محاور الشر هناك خيارا ثالثا بديلا عن تأييد الدكتاتوريات؛ ألا وهو السلام والعيش بحرية وكرامة دون سيطرة القوي على الضعيف، والإنسان السوي لا يؤيد دمار الآخر على حساب أهوائه وأطماعه وتوجهاته السياسية والقومية والدينية، كن إنسانا وقف مع الحلقة الأضعف التي يجبرها القوي على الخضوع أو المواجهة أو الموت، تحلوا بالرحمة والإنسانية ف "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.