آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-11:18م

الحرب العالمية الثالثة .. لعنة الحروب!

الجمعة - 25 فبراير 2022 - الساعة 12:00 ص

فرج العامري
بقلم: فرج العامري
- ارشيف الكاتب


كالحربين العالميتين الأولى والثانية ها قد بدأت الحرب العالمية الثالثة بجنونٍ رهيب تلوّحُ بيديها لتبدأ بقرع الطبول، طبول الحرب اللعينة والتي ستكون في حالة نشوبها أبشع الحروب دمويةً في التاريخ، حيث إن الأسلحة التي يمتلكها طرفا الصراع ليست كسابقتها بل هي أشد خطراً منها وأبلغ دمارا !
وكما بدأت الحربان العالميتان الأولى والثانية من القارة العجوز ستبدأ هذه أيضاً من القارة نفسها _ وإن كانت الأخيرة من الشرق والسابقتان من وسط أوروبا، في حين أن هتلر هذه الحرب قد تحول اسمه إلى بوتين، أما ألمانيا النازية فانتقلت إلى روسيا المافية، والنمسا التي كانت تدعي ألمانيا أحقيتها بها وانتماءها إليها أرضاً وإنساناً أخذت مكانها أوكرانيا والتي تراها روسيا جزءاً لا يتجزأ منها جغرافيةً وتأريخ إلى درجة استعدادها لشن حربٍ عالمية من أجل إبقائها في حظيرتها المحيطة بها من جهة الغرب كسورٍ منيع والذي إن سقط فهو مدعاة لسقوط ما بعده شرقاً وما ناحية الشرق إلا موسكو العاصمة وقصر الكرملين..
وعن خطورة هذه الحرب فهي بالغة الخطورة جداً لسببين : الأول يتمثل بأن العالم اليوم أصبح شبكة معقدة من حيث المصالح المشتركة في جميع أقطار الأرض وفي حالة اندلاعها فسوف تغطي معظم أصقاع الأرض إن لم يكن كلها ، والسبب الثاني : أن هذه الحرب إن نشبت _ لا قدر الله _ فستكون من نوعٍ آخرٍ تماماً؛ كون أن الأسلحة التي وصلت إليها العقول البشرية من شدة خطورتها إن استخدمت فلن تُبقي ولن تذر .
لكم أن تتخيلوا أن قنبلتين نوويتين تعد _ مقارنةً بالقنابل النووية الحديثة_ تقليديةً جداً وأبسط خطورة ، ألقتهما الولايات المتحدة على اليابان، ففعلتا فعلتهما في الدمار وأجبرتا ساموراي اليابان العنيد على الاستسلام واضعتَين بذلك نقطة نهاية سطر الحرب العالمية الثانية! حيث كان أضخم سلاح استخدم آنذاك هو قنبلة "الرجل البدين"، وهي القنبلة الذرية التي ألقتها قاذفة استراتيجية أميركية فوق مدينة هيروشيما عام 1945، بقوة 15 كيلوطن ، أما الآن فالسلاح النووي أشد خطورةً بأضعاف مضاعفة حيث إن الأسلحة النووية _ والتي تمتلكها الدول الإحدى عشر الكبرى بكمية تصل إلى عشرات الآلاف_  تطلق كميات هائلة من الإشعاع بشكل مدمر ، يمكن أن تتسبب في الإصابة باعتلال التعرض للإشعاع؛ وتأثيرها الفعلي يستمر لفترة أطول من الانفجار نفسه، أما الأشد خطراً من ذلك فهي القنابل الهيدروجينية، والتي تجعل المرء يتصبب عرقا وهو يستمع إلى تفاصيلها، وكما هو معلوم فإن القنبلة الهيدروجينية _ والتي توصف بأنها أقوى من وهج الشمس _ تعادل ألف قنبلة نووية! وكل ذلك يمكن استخدامه من خلال حمله على رؤوس ضخمة متفجرة عبر صواريخ عابرة للقارات لا يمكن لرادارات العدو تحديدها لتميزها بخاصية التمويه، وهو ما يعني وصولها إلى الأهداف المرادة بكل دقة. إذن دون شك ستكون حرباً مدمرة للغاية، خصوصاً أن الحرب لن تكون روسية أوكرانية فقط وسطحي الرؤية من يرى ذلك والأصح أن المواجهات الروسية الأوكرانية بوابة الدخول فقط أما النهاية فعلمها عند ربي وربما ستصل إلى الجزيرة العربية وأواسط افريقيا وجنوب أمريكا اللاتينية.
فالعالم في حقيقته ومن حيث المصالح المشتركة منقسمٌ إلى قسمين: حلف الغرب "النيتو" والذي يضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا واليابان واستراليا ودول أخرى عديدة بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والثاني حلف الشرق والذي يضم روسيا والصين وأمريكا الشمالية وإلى حدٍ ما إيران. وكلٌ له أهداف ولديه مصالح ولن يتوانى في تحقيقها عندما تتعكر المياه وتتلبد السماء بدخان المعارك الجهنمية في ظل الحرب اللعينة والتي هاهي على أبواب العالم متأهبةً للوثوب. 
فعندما تهجم روسيا على أوكرانيا_ والتي هي دونها بفارق كبير من حيث القوة والعدة _ فإن الغرب سيهب إلى دعم أوكرانيا بالسلاح، لكنها لن تصمد أمام روسيا القوية، مما سيجد حلف الغرب نفسه مضطراّ إلى التدخل خوفاً على صورته من أن تهتز وتغري أعداءه بمواصلة استفزازاته والتقليل من شأنه وبالتالي الاعتداء على مصالحه في حالة عدم الردع بالمستوى المطلوب، وبهذا التدخل الغربي _ والذي لن تكون حربٌ عالميةٌ إلا به_  ستكون الحرب اللعينة قد نشبت أظفارها وكشرت عن أنيابها الشيطانية واثبةً على الكوكب بشكل لا يمكن التراجع عنه، وهنا ستضطر روسيا إلى ضرب المصالح الغربية في كل الأماكن التي يمكن لها الوصول إليها، وهي كثيرة ومنها الخليج المصدر الكبير للنفط والغاز ؛ وذلك في محاولة منها لإصابة دول الغرب بشللٍ لانقطاع الوقود عنها وهنا تكون توسعت الحرب كخطوة أولى لها تأثيراتها الممتدة، أما الصين فهي الأخرى لها خططها في خضم هذه الحرب، فكم ظلت متربصةً بتايوان الدوائر متحينةً الوقت المغري بغزوها؛ فهي تراها أكثر مما ترى روسيا أوكرانيا وستقتحم ميدان الحرب بكل قوتها لضمها إلى الوطن الأم كما تقول، وهنا تستغل كوريا الشمالية الوضع وتشن هجوما مجنونا على شقيقتها الجنوبية لضمها إليها وهي التي تعد العدة مترقبةً الفرصة المناسبة لذلك، وهنا تتدخل اليابان بضغط أمريكي في الصراع لما تمثله الصين وكوريا الشمالية من خطورة عليهما وعلى مصالحهما في حالة سقوط كوريا الجنوبية وتايوان، والقواعد الأمريكية في منطقة شرق آسيا سيكون لها دورها في إذكاء النار وإحماء الوطيس ، ومن جهةٍ أخرى ستباغت باكستان الهند بهجوم واسع في فرصة تراها سانحةً لانشغال الدول الكبرى بنفسها وهي _ أقصد الدول المنشغلة_ طالما انحازت إلى الهند في مواقفها غير المنصفة؛ وذلك الهجوم من قبل باكستان في محاولةٍ لاستعادة بقية أراضي كشمير التي بيد الهند وهي ثلثاها ؛ خصوصاً وقد صوّتَ أبناؤها بالانضمام إلى باكستان أثناء إعلان تقرير المصير في منتصف القرن الماضي ، لترد عليها الهند بالانقلاب على الاتفاق ورفض النتيجة وإعلان النفير العام، ومن جهة الحدود الصينية الهندية فسوف تهجم الصين على النيبال للسيطرة عليها  وانتشالها من مربع موالاة الهند المشغولة بالحرب مع باكستان وإلى الشرق الأوسط فهناك تركيا والذي أضحى الجميع يخطب ودها لموقفها في وسط الصراع جغرافياً وسياسياً وأيضاً لعلاقاتها المتوازنة بين القطبين إضافةً إلى بروزها بصورة قوية وتأثيرها الذي ظهر مؤخراً بشكل لافت حيث إن لها مشروعها التوسعي والذي تعمل من أجله، وكذلك إيران هي الأخرى والتي لديها خطة توسعية في المشرق العربي عبر المليشيات الموالية لها التي تصرح بذلك بل تفتخر به، ولا مفر من نشوب حرب بين تركيا وإيران لتقاطع خطوط مصالحهما في المنطقة بصورة كبيرة وستكون بدايتها من سوريا والعراق بالإضافة إلى الجزء الأذربيجاني المحتل من قبل إيران وهو مايعني أن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خصوصاً الوطن العربي كالعادة سيكون مسرحاً لكل الأقطاب كما في الحربين العالميتين السابقتين أو حروب الوكالة والتي لا تزال حتى  اللحظة مع أنها في الحقيقة حروب ليس له فيها ناقة ولا جمل والتاريخ الحديث والمعاصر يؤكد ذلك  ... 
حربٌ ضروسٌ تعلك بأنيابها الجبال، وتنفخ نيرانها ثم تنتشر بسرعة البرق في كل بقاع الأرض انتشار النار في الهشيم، المنتصر فيها مهزوم بكل المقاييس، حربٌ موديةً بأعداد ضخمة من البشر، ومن لم يمت بالحرب مات جوعاً واختناقا وذعرا .. ولا سبيل إلى تجاوز هذه الأزمة إلا بالتعقل، وهو ما أراه مستحيلاً أمام غطرسة التوسع وجشع المصالح وغرور الزعامة، الأمر الذي سيكلف الكرة الأرضية الكثير بجميع مافيها من البشر والشجر والحجر وطبقات الغلاف الجوي وصولاً إلى الأوزون وهذا ما يجعل منها حربٍاً لعينة ، وبهذا الدمار الهائل الشامل الذي ستحدثه ستكون قد قضت على ملايين ولا أستبعد تجاوز العدد إلى المليار من البشر، معطلةً كلَّ وسائل التكنولوجيا بشكلٍ جذري لتعود بالكوكب قروناً إلى العصور الوسطى  محدثةً واقعاً جيوسياسي جديد لا مكان فيه للأسلحة الحديثة حتى الخفيفة منها ، وهذا ماتنبأ به اينشتاين قائلاً: لا أعلم بأي سلاح سيحاربون في الحرب العالمية الثالثة، لكن سلاح الرابعة _دون شك_ لن يكون سوى العصي والحجارة.