آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-07:31م

الجنوب القادم من تحت تاج الملك !

الإثنين - 21 فبراير 2022 - الساعة 08:16 ص

مصطفى المنصوري
بقلم: مصطفى المنصوري
- ارشيف الكاتب


تتسارع خطوات الشرعية اليمنية هذه الأيام في اتجاه لملمة نفسها سياسيا بعد أن ادركت ان ليس لديها قوة عسكرية ، تمترست الشرعية اليمنية منذ نشاءتها عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014م خلف القرارات الدولية والاعتراف الدولي  بهادي ،  لم تقدم الشرعية اليمنية روئ واقعية ، وتضحية حقيقية لمشروع اليمن الجديد ، وليس بمقدورها واقعا حماية اليمنيين او حكم اليمن ، في حوار موفمبيك في صنعاء انتقل اليمن من الاستقرار البسيط الى الهش الى فقدان الدولة وتم تدمير كل شيء ، هي تلك العقول الاقصائية تعيد نفسها على رأس المشهد السياسي مرة اخرى اليوم .
سبع سنوات من الحرب ، والتحالف العربي قدم لهادي وشرعيته مالم يتم تقديمة لأي قُطر عربي  يعيش نفس الصراع ، وفي النهاية يسعى هادي وشرعيته باتجاه إعادة صياغة التحالف العربي ، خروج البركاني المعين رئيس للبرلمان اليمني من امريكا يدعي أن المرحلة القادمة هي مرحلة سيتم فيها الجلوس مع التحالف - الذي لم يبقى فيه حسب قوله سوى السعودية والإمارات  - بهدف صياغة ورقة واضحة المعالم توضح ماذا يريد التحالف ؟ وماذا يريد منا ؟ ...يؤكد أن ثمة تحركات إقليمية ودولية تغزل واقع سياسي جديد بعد فشل الشرعية اليمنية وإزاحة أذناب النظام السابق المغموسين بالفساد والفشل ، تقدمت الشرعية خطوة على التحالف تضن بذلك أن بمقدورها لي ذراع السعودية والإمارات  .
البركاني   أكد ان هادي سيلتقي بكافة الأحزاب السياسية وهناك توجه للشرعية  في توحيد الجبهة عبر لقاء يضم كافة القوى السياسية ، بداء البركاني يتحذلق بكلماته ، ذهب يبترع في أمريكا امام مجموعة نفرمن الجالية اليمنية هناك على زامل أن لا تخادم بين حزب ألإخوان اليمني الإصلاح  والحوثيين ، واعتبر تسليم السلاح والمناطق في مارب ونهم والجوف وحجة أنها اخطاء تقع في المعارك ، وعدد بطولات أبناء محافظة تعز ومحافظة إب اليمنيتين ، لا نرى في هذه التحركات سوى أن الإخوان يسعون الى إعادة تخليق أنفسهم مجددا عبر خلط الأوراق والقفز الى المقدمة بعد ان تلقوا الضربات الموجعة في عدن وشبوة وسقطرى وادركوا  أن حضرموت والمهرة في طريقها نحو قذفهم منها ،  حتى مأرب تنتفض اليوم بتحرك قبلي مسلح لنهي تواجد وعبث الاخوان ،  بداءت شراراة ذلك في صافر وكذا رفض ال جلال بقوة السلاح استحداث أي نقاط للإخوان على أراضيهم .

الملفت للنظر أن وزير خارجية الشرعية عوض بن مبارك خلال لقاءه مستثمرين ورجال اعمال اوربيين على هامش مؤتمرميونخ للأمن في 18 /2/ 2022م اكد ان خارطة الطريق الحكومية تستند الى ركيزتين أساسيتين هما توحيد القوى المعتدلة للدفع نحو تحقيق تسوية سياسية ، والتصدي للتحدي الاقتصادي ، بعيدا عن الهرطقات  الاقتصادية في ظل ( الحرب والوصاية ) .. إلا أن مايهمنا هو : ماذا يعني بن مبارك بالقوى المعتدلة ؟ والتي تسعى الحكومة جاهدة لتوحيدها ، والاتجاه بها نحو طاولة التسوية السياسية للتفاوض، تعيش الشرعية تآكل سياسي وعسكري كبير كما تحدثنا ، وافرزت الحرب واقع جديد لقوى سياسية نافذة ، لها مشاريعها وفي الخلف منها قوة عسكرية ضاربة ، ومناطق نفوذ وسيطرة يتحركون عليها ، بن مبارك يريد ان يعيد بهلوانيات مؤتمر موفمبيك  ، يسعى نحوا تجميع قوى سياسية بمفهوم ( المعتدلة ) كمطية لمشاريع ذات افق مسدود .
الشرعية كالحوثية لا تؤمن بالتنوع والتعدد ، ولا تعمل با لمطلق باتجاه تصويب كل هذه الطاقات المتنوعة في صناعة الاستقرار المستدام ، كان الرئيس صالح يبتسم لبهلوانيات بن مبارك ويضحك على ( باب هادي ) ؛ عندما هدد حينها هادي بطرد الرافضين  للحوار من الباب ، في الأخير تم أسر بن مبارك وإيداعه السجن ، وتم مصادرة الدستور ، ورمي بعيدا ، واختفى كاختفاء جثة صالح بعد ذلك ، ولن يعود بصيغته الأولى  بالمطلق ، وهرب هادي مهرولا من هذا الباب الى غير رجعة حتى اللحظة .
التوليفة السياسية للشرعية لا تقل خطورة عن الحوثية ، وتسعى للعلو على السلطة والثروة ، هذه التوليفة صنيعة النظام الإقصائي الاستعبادي العائلي لعفاش ، والأخطر من ذلك ان قواها السياسية النافذة تؤسس لتدخلات خارجية خطيرة تتحكم في مفاصل البلاد كقطر وعمان وتركيا ، لن يستطيع هادي الذهاب بسلته المملؤة بالمعتدلين - كما وصف بن مبارك – ورميهم كأحجار الحظ على طاولة التسوية السياسية ، هادي يجب ان يقلع عن غطرسة صالح ، ويفتح ذراعيه للقوى الأصيلة على الأرض ، وان يتفهم بحدس القائد المتغيرات الأقليمية والدولية ، وأن لا يتناسى أن هناك أجماع دولي على ازاحته ، وهي الخطوة الضرورية للوجلوج نحوا افق سياسي واضح المعالم ، بعد سبع سنوات ومازال هادي عاجز عن تجميع القوى السياسية خلف مشروعه الذي سقط في صنعاء ، ويرفضه الجنوب الى اللحظة ، ولا يقوى على التحرك في مربع بسيط على ارض اليمن .
بن دغر رئيس مجلس شورى الشرعية اليمنية خلال الاجتماع البرلماني العربي حذر من التفريط بالوحدة اليمنية واعتبر حدوث ذلك سيكون بداية محتملة لإنكسارات عربية محتملة ، لم يعد الدفاع عن الوحدة منطقيا في توقيته الحالي ، ويهدف بدرجة رئيسية الى ارباك التحالف العربي ، وفرز قوى عسكرية متمردة تتجه لتتصادم معه ، وتكف عن قتال الحوثيين ، هذه الدعوة التي لم يكل ويمل منها بن دغر ، وكأن على راسه الطير تهدف الى سحق أي قوة جنوبية ، لو ذهبنا الى ضرورة سحق هذه القوة بطيران التحالف ، الشرعية لن تملئ الفراغ الأمني لهذه المناطق ولن تحميها .
خرجت شبوة ضد التواجد الإخواني النكرة في شبوة ، الإخوان انتشروا بقوة السلاح حاملين قميص الوحدة المعمد بالدم ومعركة خيبر ، وتركوا للحوثيين ثلاث مناطق استراتيجية وهي بيحان وعسيلان وعين ، ودفع الجنوبيون والتحالف ثمن باهض لاستعادتها مجددا من الحوثيين اليوم ، عين العالم ترقب الانتكاسات والتآمر ، والجهة المتسببة  في ذلك ، لقاء ( حرو) في حضرموت امتداد لمعاناة الحضارم الطويلة ، الحضارم كشفوا المستور عن كمية وحجم المنهوبات النفطية والسمكية والذهب وحجم الإيرادات والأسلحة التي تمرر للحوثيين والجهة المستفيدة من كل ذلك ، ذهبت الشرعية بعيدا عن معاناة شعب جائع على ارض من ذهب ، واعتبرتهم متمردين على الوحدة ، حتى المهرة حجم معاناة مواطنيها أكبر فهي بوابة السلاح والمخدرات والجنسيات المتعددة لمواطنيها والاحتقان المخيف ، لم تكن الشرعية بالمطلق المظلة  الآمنة للشعب في الجنوب ،  وهذا المثل : " جوع كلبك يتبعك " غير قابل للحياة .
واقع هذه الحرب يدرك خطورتها كل من  دول الجوار والدول الكبرى ، الى اللحظة تدعم السعودية يمن موحد مستقر ، وتنادي بعقلانية  ، وأبوية صادقة بضرورة التفاف اليمنيين حول ارضهم والدفاع عنها ، والتوقف عن دعم الحوثيين ، وعكست وعد الضرورة  وهو : " اليمن من الخليج والخليج من اليمن " ، مالم يكن واقعا هذه الضرورة في الأمس اصبحت اليوم واقعا  ، التغييرات العالمية والاستقطابات والحروب المخيفة التي تلوح في الأفق تجعل من الضروري النأي باليمن عن محور الحرب غير المتوقفة الذي تديره  إيران وتدعمه الصين وروسيا لاستعادة التاريخ من ناحية ورسم خطوط تجارية من ناحية أخرى ونفوذ إقتصادي مهلك ،  بالمطلق لن تترك السعودية والإمارات شرارة من اليمن تحرق ثوبها ، استهداف الحوثيين للإمارات غير مجرى ومفهوم الحرب ، وتحولت مياهنا الأقليمية الى ترسانة عسكرية عالمية ، تداعت أمريكا وفرنسا وكل الغرب والعرب واعلنوها صراحة ان السعودية والامارات شركاء وحمايتهم في صميم أعمالهم القتالية ، المأزق ليس في الحوثية التي حولت صواريخها بشكل هستيري الى الداخل اليمني ، وايقنت أن طيشها نحو الإمارات سيعجل نهايتها ، المأزق هو في تعاطي الشرعية مع ملف الحرب ، وملف اليمن الذي يجب ان يكون جديدا بقواه الحقيقة على الأرض وقضاياه الرئيسية التي  يجب ان تنصفها ، قميص الوحدة المعمد بالدم انتهى الى غير رجعة ، وعدم التعاطي الإيجابي للشرعية  اليمنية مع التحالف العربي سيعيد الجنوب من تحت تاج الملك .