آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:07ص

فساد النخب اليمنية

الأحد - 13 فبراير 2022 - الساعة 12:23 ص

د. عبدالله عوبل
بقلم: د. عبدالله عوبل
- ارشيف الكاتب



نكب اليمنيون في تاريخهم الحديث بأسوا نخب كان يعول عليها في تحقيق طموحاتهم من أجل دولة مدنية حديثة، وحماية منجزات الثورة اليمنية التي تحققت رغم ضآلتها بحكم سيطرة القوى التقليدية على مفاصل الدولة، وجعلت من قيمها واعرافها سلوكا موازيا للنظام ابمؤسسي واضعافه ، بل وأخذ مكانه في أحيانا كثيرة.
والوضع الذي تكون اليوم نتيجة فساد النخب وانقسامها على دول التدخل الخارجي والأطراف الداخلية للحرب ليس وضعا طارئا لهذه النخب السياسية والحزبية وحتى الثقافية والصحافية واساتذة الجامعات وغيرهم رغم انتماءاتهم المتناقضة ومصالحهم لكن مواقفهم خارج مصالح الشعب. لقد وصعت المعارضة والنخب السلطوية كل جهودها من اجل مصالحها الخاصة وليس من اجل مصالح الشرائح الإجتماعية التي تنتمي اليها هذه النخب.
ومنذ ان وصف الأستاذ النعمان  
حال المعارضة اليمنية للأمام بانها نوعان؛ نوع يكتفي بكتابة الرسائل للإمام ونوع يتقي شر ه. وبشكل عام  لم تخرج معظم المعارضة اليمنية حتى اليوم من ديوان الحاكم أو أي طرف محلي أو خارجي يتدخل في الشأن الداخلي.
١- رغم هشاشة النظام الموسسي الإ ان التطور التعليمي قد توسع رأسيا وأفقيا لأكثر من نصف قرن ، الا ان إجراءات جذرية في مجال التنمية لم تتم، فقد تم توظيف السلطة لمصلحة الحاكم وبطانته.
٢- لم تؤدي التحولات في مجال السلطة الى تغيير في بنية المجتمع. فقد اعتمد الحاكم على النظام القبلي كقوة منظمة تحقق له الولاء ، وبالتالي ظل المجتمع التقليدي بشقيه القبلي والديني هو السند القوي الذي أعتمد عليه الحاكم باللإضافة الى العسكر .
٣- القوى المدنية الحديثة التي آزرت ثورة سبتمبر وأكتوبر ، والتي كانت قوى  للثورة في حصار السبعين تم أضعافها بعد ٥نوفمبر١٩٦٧م وأستمر تهميشها، رغم مخرجات النظام التعليمي الهائلة، الا ان دورها في المجال السياسي ضعيفا وتابعا .
٤- النظام السياسي القوي في الجنوب باتباع نظام الحزب الواحد أضعف قوى التحديث وحد من دورها.. وكان النظام القبلي يمثل حالة موازية تحت الأرض، وتسلل عبر الصراعات على السلطةحتى تجلى بوضوح في احداث ١٩٨٦م، وانطلق بشكل صريح بعد الوحدة بمؤازرة النظام القبلي في الشمال.
٥-  في الشمال وبعد الوحدة ظل النظام السياسي اليمني معتمدا على جناحى القوى التقليدية المشيخية والعسكر ،وبدأ واضحا ان أي يتغيير سياسي لن يكون خارج هاتين المؤسستين .وتوزعت المعارضة والقوى التي يفترض ان تكون حداثية بحكم موقعها في سلم التركيب الاجتماعي ، بين هذه الاجنحة التقليدية والعسكرية. 
لذلك فان المعارضة العرضحالجية او التي تداهن الحاكم وتعيش في كنفه سرا وتعارضه جهرا لم تكن يوما اداة تغيير أو داعمة للتغيير. 
٦-  عندنا بدات ثورة الشباب سبقتها مظاهرات واحتجاجات منذ العام ٢٠٠٦ وكانت ساحة الحرية أمام مجلس للوزراء لا تخلو يوما من الاحتجاجات. وبلغت ذروتها بمليونيات الشباب امام جامعة صنعاء. ولكن كان النظام قويا بقواته العسكرية والبنى التقليدية التي يعتمد عليها نظام حكم صالح الذي استفاد من خبرات سابقيه في الحكم، 
٧-  لم يلتفت النظام السياسي لصالح الى مطالبات الشباب بالرحيل، بل رد عليهم بلسان الواثق .. من الذي يرحل ؟؟ 
وفي الشهر الثاني لثورة الشباب التي ملأت الساحات ، لم تهتز للنظام شعرة،، لكن هذا النظام سقط دفعة واحدة في يوم واحد بمجرد أنشقاق ضابط قوي في الجيش .ولم يكن وحده بل القوى القبلية الرئيسية هي التي انشقت عن النظام وان كان بصورة صامتة أو عبر المعارضة . 
إذن كان المجتمع التقليدي الحاكم لمجمل العلاقات الاجتماعية لم ينشد الثورة وهو ليس مجتمعا ثائرا والنخب نفسها ايضا خائفة مرتعشة .. وبالطبع أهداف التحاق ممثلي المجتمع التقليدي السياسية والدينية والعسكرية بالثورة  ليست هي أهداف الثورة السلمية، ولكنها صادفت خلافا حول السلطة وفي نفس الوقت الحفاظ على ذات المجتمع والبنية الاجتماعية من أي تغيير قد يمس جوهر هذه البنى الاجتماعية .
٧- توريث الولاء،، وهي ظاهرة غريبةلم تكن موجودة الا في المجتمع العبودي. في البدء أطلق جزء من النخب على الرئيس صالح بعد تنحيه لقب الزعيم.. وهذه من المفارقات العجيبة ، ان يسقط رئيس بثورة شارك فيها الملايين من الشباب ليقابلها تجديد الولاء للحاكم.. وبعد مقتل  الرئيس انتقل الولاء للبعض منه الى اولاده وأولاد أخيه ،، ومازال بعض الكتاب والشعراء والصحفيين لم يغادروا بلاط الاسرة التي كانت حاكمة والسبب ليس سياسي بالتاكيد ولكن لان ورثة صالح رحمه الله مازالوا يملكون الامكانيات بل وحتى جزء من السلطة.
في الختام أود ان أقول ان الذين يعتقدون ان ثورة الشباب سقطت، هم واهمون لان الثورة لا تتحقق في يوم وليلة وان قيمها قد  خلقت وعيا جديدا سينتصر.

د. عبدالله عوبل