آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:48ص

في مفهوم القوم للغة العربية

الجمعة - 28 يناير 2022 - الساعة 11:43 م

د. عوض احمد العلقمي
بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب


لعل كثيرا ممن سيقرأون موضوعي هذا ، سوف يصابون  بشيء من الاندهاش والحيرة في أثناء النظر إلى العنوان ، وربما يذهبون إلى التأويلات والتفسيرات ، لكنهم بعد أن ينتهوا من قراءة المتن ، ستذهب عنهم الحيرة والدهشة ، ويغادرون نفق التأويل والتفسير ..

لا أنكر أنني قضيت عقودا من الزمن وأنا لا أعلم أن كثيرا من المجتمع - الذي أنا أحد لبناته - لايعلم أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة في بلادنا ، وهي لغتنا الأولى ، بل هي لغة العلوم كلها في بلادنا ... وإذا ماسأل أحدهم ، لماذا ندرس بعض المصطلحات الطبية والتقنية باللغات الأجنبية ؟ نقول له : إنما يحصل ذلك بسبب جهل القائمين على البلاد ، وعدم اكتراثهم لجدوى التعليم ، وتبعيتهم المخزية لأعداء الأمة ومن يعملون ليل نهار لتجهيلها . ولايسعنا في هذا المجال إلا أن نتقدم بأسما آيات الثناء والعرفان للحكومة السورية والقائمين على التعليم في القطر السوري ، إذ قدموا نموذجا رائعا للتعريب ، وتعليم العلوم كلها باللغة العربية . كذلك إذا عدنا قليلا إلى ماضي التعليم العربي ، فإننا نجد النهضة العلمية ، وسبق العرب في العلوم كلها ، إنما  تحقق فقط يوم كانت اللغة العربية هي لغة العلوم كلها ، فهل أبدع أبو بكر الرازي وابن سينا وابن حيان وابن رشد والإدريسي وغيرهم في علوم الرياضيات والطب والفلك والفلسفة وغيرها بغير اللغة العربية ؟ كذلك إذا ما سألنا عن بعض المستعمرات الأمريكية التي حققت نهضة صناعية في شؤون الحياة كلها ماعدا الجانب العسكري ؛ كاليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وغيرها ، هل لقنت هذه الدول أبناءها العلوم بغير لغاتها الأصلية ؟ الجواب كلا ... لأنه يستحيل أن تنهض  أمة علميا ، وهي تعلم أبناءها العلوم بغير لغتها الأصلية ... قد يسأل آخر ، كيف نهضت أمريكا مع أنها تستخدم اللغة الإنجليزية ؟ الجواب ، لأن الأمريكيين هم أوربيون وعلى وجه التحديد إنجليز ، وقد هاجروا إلى أمريكا واحتلوها وقتلوا سكانها الأصليين الهنود الحمر ، وبقيت لغتهم هي الإنجليزية التي كانت لغتهم وهم في أوربا ..

وأخيرا قد يتسلل إلى نفسك - أخي القارئ - السؤال ؛ ما الذي استدعى الكاتب إلى الإبحار في هذا اليم ؟ أقول لك : لقد وجه لي بعض الأساتذة أسئلة ؛ منها على سبيل التمثيل لا الحصر ، هل يجوز أن تقام ندوة للغة العربية في كلية طبية أو تقنية غير كليتي التربية والآداب ؟ وهل يجوز للمتخصصين بغير العربية أن يحضروا ندوة تختص باللغة العربية ؟ ولماذا لانفصل الدين عن اللغة العربية ؟ لهذا كله وغيره ، قررت أن أبحر الليلة في هوامش هذا المحيط ، وللتوضيح أكثر سوف أتحدث قليلا في إجابة السؤال الثالث ، أما الأول والثاني فقد وردت إجابتهما في معرض حديثي أعلاه . حقيقة فكرت في إجابة هذا السؤال مليا ولما أصل إلى مايشفي النفس ؛ لأنني لم أفهم معنى فصل الدين عن اللغة ، قال العلمانيون نريد فصل الدين عن الدولة ، وفهمنا ذلك أنهم يعنون إبعاد القرآن الكريم كتشريع إلهي عن تشريعات الدولة الدنيوية ، وحصره على التلاوة في أثناء أداء الصلوات داخل المساجد فقط . لكن كيف نفصل اللغة العربية عن القرآن الكريم ؟ مع أن الجميع يعلم يقينا أن اللغة العربية إنما حفظها إلى يومنا هذا القرآن الكريم ، بل وسيبقى حافظا لها إلى أن تقوم الساعة ، ولولا نزول القرآن الكريم بلسان عربي مبين ، وحفظ الله له لما كانت اللغة العربية صامدة إلى اليوم في وجه مؤامرات الأعداء ، الذين استطاعوا استعباد أمتنا وإذلالها وتركيعها وتمزيقها ، إلا لغتنا العربية فقد  عجزوا أن يطوعوها أو يضعفوها ؛ لأن القرآن الكريم وحده من شكل حاجزا منيعا ، أقوى وأمتن من سد ذي القرنين ، يدفع عنها الأعداء ، وإذا كان هناك من ضعف أو وهن إنما هو في نفوس القوم وحسب ، أما اللغة العربية فلا تثريب عليها ..

كما أود أن استلفت نظر بعض الزملاء من الأساتذة إلذين يكتبون :
السلام وعليكم ....  الله واكبر  ، بهذه الطريقة ، أن هذا خطأ ، والصحيح أن تكتب هكذا :
السلام عليكم ..... الله أكبر