آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:59ص

الأدب والـــواقــع الســـيـاسـي والثـقافـي فـي العـالـم الـعـــــــربـي

الثلاثاء - 25 يناير 2022 - الساعة 03:29 م

عمرصالح حيدرة الجعشاني
بقلم: عمرصالح حيدرة الجعشاني
- ارشيف الكاتب


لقد شهدت الحياة العربية في وقتنا الراهن هبوطاً سياسياً، وقد جر معه الأدب وأنواع الفنون الأخرى؟ وما هذا الوهن التي تعيشه ثقافتنا اليوم بالمقارنة بمرحلة الستينيات.؟ دليلاً وأضحاً على هذا 
الهبوط السياسي في البلدان العربية: انعكس على المسألة الثقافية،التي أنيطت بالوضع العربي المتردي بحيث بات من النادر أن تقرأ نصاً أدبياً يرقى إلى مارقى إليه أدب الستينيات، عندم كانوا الكتاب مرآة الأمة. 
السياسة أشبه برافعة، فالمثقفون آنذاك كانوا يمتلكون وعياً سياسياً متقدما. بل إن تلك المرحلة كانت مرحلة استيقاظ في العالم العربي عموما: وما نقرأه اليوم من إبداع ماهو إلا نتاج التخمر الذي تم في تلك المرحلة.
فالثقافة، بما هي حضارة، سلسلة متصلة بين تلك الشعوب، وليست وقفا على شعب وأحد. وكما نعلم فإن تلك المرحلة كانت مرحلة حركات تحرر وطني ومرحلة نهوض في مختلف تلك البلدان. 
وما ينتج ويعاد إنتاجه الآن هو الخطاب السياسي، لأن السياسة في مفهومها الإنتهازي هي التي تسيطر على الحياة برمتها وعلى مختلف أصعدتها. وماهذه الصحراء المجدبة التي نعيشها الآن بعيداً عن أي ثقافة ونشاط ثقافي فعال كما كان عليه الحال في الستينيات،التي كانت مرحلة أزدهار حقيقي. كان عدد من المثقفين الحقيقيين كانوا يشرفون على المنابر والمنتديات الثقافية، بمعنى أن الثقافة كانت في أيدي مبدعيها، لا في أيدي أشباه المثقفين كما هو الآن. في تلك الفترة كان يدور نقاش جاد حول أي موضوع يكتب لا مجاملة فيه ولا مداراة، كانوا يبحثوا عن مواطن الجمال في النص. لقد ساد في تلك المرحلة نوع من المحاسبة الدقيقة والصارمة سواء من المتلقي «كاتباً كان أم قارئا» أو من الكاتب أو المبدع نفسه، وكان الكاتب ينقسم إلى شخصين كاتب وقارئ يعود لقراءة الموضوع الذي كتبه كقارئ وكاتب في نفس الوقت إلى أن يشعر( كقارئ) أنه أعجبه وأصبح ناجزاً(للطباعة) وهذا يشير إلى مدى الجدية في الكتابة وعدم استسهالها إطلاقاً، وكان هناك شعور قوي يطغى لديهم مفادها أن مايكتبوه له تأثير قوي ومصيري يمكن أن يغير الكثير من الأمور، لأن الكتابة آنذاك كانت ذات هدف تغييري، بما يمكن للنص أن يحدثه في القارئ وأن يؤثر فيه. ومن هنا جاءت الأهمية الكبرى للثقافة في تلك المرحلة: عمقها ووعيها المتقدم والموازي للمرحلة السياسية الناهضة آنذاك، وتسمى مرحلة النهوضين: الثقافي والسياسي، أما مرحلتنا هذه هي مرحلة هبوط سياسي بامتياز وهذا الهبوط السياسي أدى إلى هبوط ثقافي ونعتبر هذه المرحلة هي مرحلة الهبوطين السياسي والثقافي، مرحلة صراع تراجيدي ملحمي داخلياً وخارجياً. صراع مع الذات من خلال الحروب الأهلية.. وصراع مع الأخر من خلال العدوان الخارجي. كان الزمن العربي يدور حول ذاته  وينتج نفسه بنفسه مع تغيير الأشكال فقط دون أن يتقدم إلى الأمام، وهذا يفسر الأستمرار الحضاري القديم وعجزنا حتى الآن عن خلق حضارة جديدة كما فعلت بلدان مختلفة وشعوب أخرى في العالم