آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-04:38ص

أثر العدل والمساواة في المجتمع

السبت - 08 يناير 2022 - الساعة 02:58 م

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


شكا يهودي علي بن ابي طالب– رضي الله عنه – إلى امير المؤمنين ــ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ، فلما مثلا بين يديه، خاطب عمر اليهودي باسمه، ولكنه خاطب علي بن ابي طالب بكنيته، فقال له: "يا أبا الحسن" – حسب عادته في خطابه معه – فظهرت آثار الغضب على وجه علي، فقال له عمر: "أكرهت أن يكون خصمك يهوديا، وتمثل معه أمام القضاء على قدم المساواة؟"، فقال علي: " لا، ولكنني غضبت؛ لأنك لم تسوّ بيني وبينه، بل فضّلتني عليه؛ إذ خاطبته باسمه، بينما خاطبتني بكنيتي"!وهذه المساواة مطلوبة بهذا المكان،
والمساوة لاتكون في كل شيء حسنة لانها قد تكون ببعض الاوقات ظلم.
وهنا نكتشف مقدار المساوة والعدل..حين تجمهر اصحاب الحافلات الصغيرة يطالبون بحقوقهم من الرحلات،حين دخلت الحافلات الكبيرة والمكيفة والمريحة الى منافسة الحافلات الصغيرة الاقل ركاب والغير المكيفة.
وكان لابد على الحاكم حل هذه المشكلة؛وما كان منه الا، ان جعل المساوة بينهم في عدد الرحلات ! وخرج الجميع وما هي ايام وتعود تلك المظاهرات كما كانت من قبل!
وجلس الجميع مع الحاكم لحل هذه المشكلة..
فقال الحاكم لهم الم نتوافق من قبل وقد جعلنا المساوة بينكم؟
قالو: ان تلك المساوة قد ظلمتنا اكثر مما كنا !
... كيف؟!!
والكيفية هنا ان المسافرين ينتظرون رحلات الحافلات السياحية المدعومة من الشركات الكبيرة، ولذلك نقصَ عدد المسافرين للحافلات الصغيرة الا، المضطرين من المسافرين ، والاغلب منهم ينتظر رحلات الحافلات الكبيرة ،  وهنا وقع علينا الظلم ، ونحن لدينا حافلات ليست بنفس الحافلات السياحية ، والعدد الذي في الحافلات الكبيرة يفوق عنا بكثير ولا نتساوى في الاجرة بل كانت المساوة  بعدد المرات ، وهنا وقع بنا الظلم ،
ونحن نطالب بالعدل.
ولانطالب بالمساوة!
فا الحق لايحتمل الباطل مطلقا ! وهو متمثل في"العدل"
والحقيقة تحتمل الصدق والكذب ! وتتمثل في"المساوة"
وان للمساوة والعدل اثرعند الافراد وأثرها فعالاً في صلاح البلاد والعباد وصلاح المجتمع كله؛ فبالمساواة والعدل تسير الحياة كما رسم لها في توازن مضبوط ، وبالعدل فقط تهنأ النفوس، وتستريح الأفئدة، وتبتهج الخواطر .
فإذا كان شعار المجتمع المساوة ، فإن الفرد سيعيش ناقص الجناحين التي يحلق بها في سماء الاطمئنان! ولا يعطيك الاطمئنان غير العدل فهو من يجعلك تعيش حياة لا وجود للظلم فيها.
ان مجتمع يعيش افراده العدل! فالكل سيأخذ حقوقه بدون عناء مهما كانت منزلته.
إذا ساد العدل حُفظت الحقوق، ونصر المظلوم وولت الهموم دون عودة.
بالعدل تعمّرالبلاد ،واذا ارتفع العدل عنها دمَّرت البلاد ؛ إن الدول لتدوم مع الكفر مادامت عادلة، ولا يقوم مع الظلم حق ولا يدوم به حكم . 
وهذا مانراه اليوم مبين،كم تعيش دول الكفر أمن وآمان وتنمية، في كافة جوانبها؛ حين ساد العدل في توزيع الثروة والحقوق والوجبات، بينما تعيش دول إسلامية غير ذلك.
تسلط عليها الظلمة وعاشة حياة البؤس والكدر
وصور من المعناة، وحكم الجور ولم تصل الى التمنية حتى الدول التي نظنها مستقرة منها لان الظلم رفيقها ولم تبني الانسان والاوطان.
فحينما يترك لناس العدل يقعون حمأة للظلم وينبت فيهم الحقد والقطيعة والفرقة وتذهب ريحهم؛ فمن ترك العدل دخل دائرة الظلم وهذه حتمية،ومانحن فيه من شيع وفرق متناحرة، فتجد ؛ من يأخذون ولا يعطون، ويطلبون ولا يبذلون، يأخذون الذي يستحقونه، ويمتنعون عمّا يطلب منهم، تغلب على البعض منهم مسالك الكذب حكام ومحكومين ، يعيشون بالوان متعددة.
إذا كنا نريد إصلاح وترميم احوالنا وبلادنا فعلينا بالعدل ؛ فإن خراب بلادنا، ليس مالاً يرممها بل العدل، لم نظهره في سلوكنا كافراد  ، ولم وننقي طرقها من الظلم فإنه هو من يرممها 
إذا كنا حقا نريد تطور وتقدم الاقتصاد ووفرة في الاموال، وبلداً رخاء فعلينا بالعدل بين افراد مجتمعنا ولايتحقق ذلك  الا بوجود جيل لايفارقه العدل،وهنا تكون العمارة، ولا عمارة في الارض إلا بعدل.
فإذا  كان العدل يسكن مع الحاكم والشعوب لزّدهرة الحياة وتقدم عمران البلاد؛ وإذا امتلت البلاد بالجور والفساد لسقطة الأسواق وتخلف الاقتصاد .. فقيام العدل في الأرض كالمطر الوابل، بل هو خير من خصب الزمان كما قيل:[سلطان عادل خير من مطر وابل]
وإن الصلاح للبلد هو العدل الشامل، الذي به تعمر البلاد، وتنمو به الأموال، ويكبر معه الجيل في أمن واستقرار، وتأمن به الدول؛ وليس شيء أسرع في خراب الأرض، ولا أفسد لضمائر الخلق من الجور؛ الذي دمر حياة الشعوب.
حين هجر الحكام العدل
فإذا أردنا الأمن والأمان والاستقرار فعلينا بالعدل في كل مجالات الحياة ؛ هو العدل الذي لابد ان تتحلى به المجتمعات حاكم ومحكوم.
وترك التسلط بالقوة؛ لانه يعكس ردة فعل لايحمد عقباها،وتبذر السخط، وتحل النقم، وتفسد الخلق، ويسود الظلم، وتعيش الناس الويل والثبور، وتنزل بالمجتمع عظائم الامور، ولايمكن ان تعود الحياة الى مجرها الا بالعدل، ف العدل اساس الحكم، والحياة الطيبة.