آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-07:25م

محافظة أبين ليس من رأى كمن سمع...

السبت - 25 ديسمبر 2021 - الساعة 12:10 م

بشار الطيب
بقلم: بشار الطيب
- ارشيف الكاتب


نشد الرحال  إلى محافظة أبين والغرض كان  التحريات المعدنية لكن قلبك لا يرحم ..ويكاد ان يسقط من صدرك ويسبقك فرحاً إلى مزارع وجبال وسهول محافظة أبين  . ..
تسير بمحاذاة ساحل أبين  .. ورمال الشاطيء  تخرج عن صمتها وتلفحك برمالها السوداء الغنية بالمعادن الثقيلة  .. وكأنها  تريد ان تقول لك .. انت ذاهب إلى جبال أبين وتبحث عن المعادن ها أني  جاهزه مطحونه قد نقلتني المياه والامطار إلى هنا  ..
   هاهي نسائم البحر تكاد تملأ الرئة .. وهاهو عبق رائحة دلتا أبين  يهبط عليك كغيمة حبلى بالندى والرذاذ الحالم ..
اهدأ ايها القلب .. أنت الان في قلب دلتا أبين  .. 
هاهي البيوت .. والطرقات .. والسمسم  .. وشجر اللوز .. والموز  .. والإسئلة المرة التي تلاحقك .. 
تسرقك أبين  .. بسحرها .. وناسها . وبيوتها التي ما تزال مغلقة  تنتظر اصحابها عند عودتهم من مزارعهم  .. 
ابتسم .. انت قريب من  وادي بناء  .. الناس  والوجوه هي ذاتها وجوه أهلنا وأصدقنا وأحبابنا التي نراها دوما في شوارع وأسواق مدينة عدن.

تترك أبين  وتصعد الى الاعلى إلى الجبال وتمشي ويرافقك وادي بناء  .. حتى تصل إلى الرَكب القريبة من سرار يافع  .. طريق وعر وصعب  في قمة الجبال   ..
وهناك في القمة تستحضر في  بالك الحكمه الجيولوجيه التى تقول( عش حياتك كل يوم كما لو كنت تتسلق جبلاً؛ إن نظرت من حين لآخر باتجاه القمة ستحافظ على بقاء هدفك في عقلك، إلا أنه سيظل أمامك الكثير من المناظر الجميلة لتتأملها من على كل نقطة وصول أثناء صعودك. تسلق ببطء وبثبات مستمتعا بكل لحظة تمر عليك، ومنظر الجبل تحت قدميك عندما تعتلي القمة سيكون ذروة الإثارة في تلك الرحلة)... 
هناك حيث يسحرك جمال الطبيعه  وانت تراقب شمس البلاد أثناء شروقها وانت ذاهب إلى  الحقول من أجل التحريات المعدنية واثناء العودة من الحقل   تكون  ذاهبة الى نومها في احضان جبالها العاليه  ..
وقلبك يزداد خفقانا كما لم تشعر به من قبل .. وكأنه في حضرة التاريخ والماضي ..

اي سحر هذا وانت تعيش الدهشة بكامل تميزها .. وأبين  تبتسم لك على خجل حتى لا يصادر ضحكتها ذلك العاق  الذي يحاول طمس معالم وجهها الجميل ..
تغيب الشمس رويدا رويدا .. وقلبك يكاد يفقد توازنه بسرعة وجنون .. 
فأنت الان مجبر على مغادرة من سكن  قلبك عنوة .. 
فلا الحنين يشفع لك .. ولا الدموع قادرة على فهم ما يعتمل في داخلك .. وتبدو كمن دخل في غيبوبة .. 
تغمض عينيك .. في محاولة للاحتفاظ بكل الصور التي سكنت في ذاكرتك ..
تغادرها .. والقلب يخفق بقوة عاشق طال انتظاره لمعشوقته .. 
فأي حزن هذا .. وانت تعيش هذه اللحظات في اكثر المناسبات قسوة ..  .. فرحمة بقلبك خذ معك ما تيسير من نسيم باتيس والحصن وحلِمه وجعار والدرجاج    .. واغمض عينك .. وقبل كل الدروب واترك ما بقي لديك من حنين وشوق .. واحمل معك منها ما يجعلك قوياً متسلحاً بذاكرة عاشق !!!