آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-11:23ص

دثينة.. والفلكلورالشعبي (التراث)

السبت - 25 ديسمبر 2021 - الساعة 10:52 ص

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


الفلكلور الشعبي هو مجموعة الفنون القديمة والقصص والحكايات والأساطير المنحصرة ضمن عادات وتقاليد مجموعة سكانية معينة في بلد ما.
تُنقل المعارف المتعلقة بالفلكلور من جيل إلى جيل آخر عن طريق الرواية الشفهية غالباً، وقد يقوم كل جيل بإضافة أشياء جديدة أو حذف أشياء لتتوافق في النهاية مع واقع حياته التي يعايشها وهذا الإبداع ليس من صنع فرد ولكنه نتاج الجماعة الإنسانية ككل في مجتمع ما.
ويعتبر سكان( دثينة) امصرة،لودر،مودية، الوضيع،وغيرها من مناطق دثينة، اغلبهم مزارعين في فلاحة الارض، ويعمل بعضهم  في رعي الاغنام والابل،وتربية الابقار،والقليل منهم يمارس التجارة وبعض الحرف،  واغلبهم من يسكن عواصم المدن التي تقع فيها الاسواق. 
ولهم علاقات اجتماعية تربطهم، في مجال الزراعة،  ورعي الاغنام والابل، والسوق . 
وهذه العلاقات كان نتاجها؛ ظهور عادات وتقاليد لابد منها، في بعض المناسبات،من الاعياد،وعادات،مثل: السّمايّة(ان يسمي رجل ابنه اوبنته من عائلات اخرى، الزواج،الختان.
فمثلاً الزواج: وهو اكثرها بروزا في حياتهم، فتكون له مراحل يعرفها الجميع، ولابد من اتمامها حتى يتم الزواج. 
عندما يبلغ الشاب سن الزواج، ويكون له القدرة عليه، يستدعي الصائغ الفضة ويأتي إليه الى مكانة (القرية، او القبيلة) وهؤلاء  العائلات الميسورة فقط هي من تستدعي الصائغ ويجمع له دراهم من الفضة لينضم منها عقد او حزام او معصم او خاتم وغير من الحلي للعروسة، وكان اغلب هؤلاء العمال (يهود)وهم من يعمل في صياغة الحلي وهذا قديماً، 
وقد يدل الشاب الى فتاة معينة ويرغب بها او يختارها هو او ما يرونها له الاهل وغيره مناسبة. 
وحين يتم الموافقة للزواج من قبل الطرفين ، تبدا مراسيم الزواج، ولا يتخلّف عن تلك العادات والتقاليد احد، يذهب من اهل بيت العريس الى بيت اهل العروسة، ويتم تحديد يوم من الايام يكون به {المجلس}،وفيه يتم التقارب فيما بينهم وكان المجلس مكون من مواد غذائية وملابس للعروسة وبعض الهدايا وكانت اعظمها واغلبها (الحلوى) واغنام للذبح ويكون الوقت في المساء، وهذه كانت عادات قديمة. 
وبعد اتمام المجلس تكون بعدها. 
مرحلة(الخِطبة) للزواج وتتكون من فريق اكبر من المجلس، في الخطوبة تكثر الملابس والاغنام للذبخ والمواد الغذائية وايضا الحلوى، من المجلس الاول،بعد ذلك تكون مرحلة (الطلبة) ويتم فيها تحديد طلب الزواج، ويستعد الجميع للاستقبال الزواج مما يحتاجه، ولكن هناك تقام قبل الزواج انواع من (الرقص،الشرح في الاغلب،اوالساحلي في الجهة الجنوبية من دثينة)وتقام تلك الرقصات اوالافراح بحوالي نصف شهر وقد يكون اكثر بقليل او ينقص ذلك، وفيه يأتي الشباب يحيون ليالي الرقص والغناء،والشباب يأتون من مناطق بعيدة من اجل السّمر والرقص والغناء والشعر،ويطلق على هذا النوع من الناس الذين يحيون ليالي السمر (موالعة اومولعي) وهم يبذلون جهد كبير في الوصول الى اغلب الاعراس حتى وان بعدت عنهم، ويتم في تلك الاعراس الشعر بين الشعراء  ، وبذلك  يحيون الاعراس بتلك الافراح، وكان يتحرى الكثير من اصحاب الاعراس  ان تكون تلك الرقصات والسمر والافراح في ايام اكتمال البدر للضؤ، وحين يأفل القمر، يقوم البعض باشعال النار فوق اسطح البيوت المطلة على مكان الرقص، وقد يتممون افراحههم بدون تلك الانوار، لعدمها او قلتها،
وحين يقترب الزواج بيوم او يومين تأتي مرحلة تسمى (الشّل) ويتخصص فيها فريق خاص يطلق عليهم اسم(الشّواعة) فيتجهون من بيت العريس الى بيت العروسة، ان كان قريب مشو إليه راجلين،وان كانت بعيدة يخصصون لها وسائل للنقل وكانت قديما( الابل) وكان آخر استخدامها تقريبا في السبعينات من القرن المنصرم،وبعد ذلك دخلت السيارات، يحملون فيها بعض الاغنام للذبخ  وبعض الملابس القليلة والحلوى، وهذه  المرحلة هي الاخيرة من مراحل ومراسيم الزواج، وكل مافيها قليل حتى الفريق (الشّواعة) قليل، وينتقونهم حتى اذا كانت مشكلة او اي شيء، يمكنهم ان يحلونها، حين يذهبون الشواعة ومعهم صاحب الطبل الطبال اوالمزمار (شاحذ) ويضرب الطبل من بيت الزوج وحين يقتربون من بيت الزوجة يضرب بالطبل،ويمسون هؤلاء عند اهل الزوجة ويأتون بالعروسة في اليوم التالي صباحا، ويتم استقبالها من كل الناس النساء الرجال والاطفال ومن كل المحبين لصاحب العرس، ويتم الاستقبال با الزقاريط،واطلاق الاعيرة النارية، والبخور امام العروسة التي يزفها للعريس نساء خاصات، ويتم اختيارهن لكبرهن او لعقلهن، يذللن للعروسة ما يلاحظينه فيها، ويتم ارسال امرأة من قبل اهل العروسة تسمى(رضيحة) تساعد العروسة وترتب بيتها وتشرف عليها وقد تمكث ببيت العروس يوم او يومين الى ثلاثة ايام اذا تطلب الامر. 
وهذه المراحل كانت تقاليد الى نهاية السبعينات او بداية الثمانينات،انتهى (المجلس)وبقي منها الخطوبة،
واليوم انتهى فريق الشّواعة، ايضاً انتهت الاحتفالات في المساء،تقريبا مع مطلع الثمانينات،ويحتفل الناس اليوم بوقت الظهر للمأكولات،ويحتفل بالعرس في المساء،ويزف العروسة اليوم العريس،وانتهت وظيفة (الرضيحة).
وكانت هناك عادات وتقاليد يتبعونها في تلك المراحل،
حين يتم الاستقبال للرجال القادمين الى منطقة الاحتفال،يجتمع الجميع في مكان مخصص او في ميدان واسع،ويقف الطرفين على حدود هذا المكان،ويتشكل الناس كل اثنين ويمسك كل واحد بيد صاحبه واليد الاخرى تمسك السلاح الذي يرفع على الكتف وينزل الميدان تباعا حتى يكون العدد خمسين او اكثر او اقل ويطوفون بالميدان ويقتربون الى الطرف الاخر المستقبل او العكس في تلك المناسبة،كانت زواج اوتسمية اوغيره،وينزل الشعراء (يرتجزّون) او مراجيز وفي سيرهم نحو الاحتفال او السوق او حتى للماء كان لايفارقهم (المهاجيل)وهو غناء يرددونه ايضاً وهم يعملون او يحرثون الارض على البقر قديما والبعض يطلق الصوت المنفرد للشخص الواحد (يتها يا)، ويكون اغلب الشعر في البداية المناسبات عن الترحيب وحسن الاستقبال ومنها..مايقال..
حيا لمن حيا بنا...ويقول الطرف الآخر..حيا لكم يادي ولبتوعندنا...او حيا لكم يادي سنتو عندنا..وغيره من التراحيب والشكر المتبادل بينهم،ثم ينتقل الشعر الى الصلح اذا كانت هناك مشاكل داخلية او سياسية او غيره.
وفي مناسبات مثل الاعياد في بعض المناطق ينطلق بعد صلاة  العيد الكل رجال واطفال ويمرون بكل البيوت الصباح وهم يلبسون الملابس الجديدة او الجيّدة لان اغلب الناس لايستطيعون شراء الملابس كمثل هذه الايام المتأخرة،وكان لبس الرجال من (معوز او مصنف)و(شقة او شال يضع على الاكتاف للرجال)و(عمامةيلبسها الجميع)وتعرف بالعمامة اصحاب المنطقة او القبيلة المنحدر منها صاحب العمامة، من الشكل الحاص بكل مناطق (دثينة) ويضع فوق العمامة الشقر او اشجار اخرى عطرية، ولايلبسون القمصان او الشميز،والجنابي كانت لاتفارق الاغلب صغار وكبار. و في وقت الوجبة الظهر للعيد يجتمع العائلات عند الاخ الاكبر وينطلق النساء  للعيد في العصر وهن يدخلن البيوت للتهنئة. 
وفي اليوم التالي يذهب الرجال الى شيخ او عاقل القبيلة وهناك في بعض المناطق تنطلق عروض للفتوة، منهم من يرمي بالرصاص الهدف، ومنهم من يدور على ركوبه ويعمل اعمال فروسية يبهج بها القبيلة وغيره. 
لكن تلك العادات تكون بعد (المراجيز) وهناك تقام ايضاً رقص وهو خاص بالرجال ويطلق عليها (البرع) مع الطبل و(النائي)(المدراهه)، وفي العيد يجتمع الرجال ويلعبون لعبات متعدده منها (الهِجة) وغيره. 
لكن في بعض مناطق  دثينة يستخدم  البعض (المرفع والمزمار والطبل) وهي ادوات موسيقية تقليدية.
ويقوم بها شريحة من الناس تعرف با (الشحاذ) 
وهم من يشتغلون بهذه المهنة وهم من يضربون الطبول للحرب،او يعلنون في تجمعات الناس او في الاسواق اعلان  من يريد منهم اعلانه من حروب او زيارات للاولياء. 
وهناك طبقة آخرى تسمى(الخرز) وهم من يصنعون الاحذية ويزخرفون الاحزمة للنساء  وللرجال والجنابي وبعض مايستخدمه الناس في مناسباتهم وهداياهم، 
من زينة يصنعونها على مايطلبه منهم، ويكثر عملهم في مناسبات العرس،وهناك(الحيك)
والذي يصنع ويحيك بعض الجلود والحبال ويصنع الاحذية(الرمش)احذية قديمة لاتوجد الآن في السوق الا ماندر تقريبا، ويصنعون الاحزمة ولكن لايهتمون بزخرفتها،مثل الخراز.وايضا لهم ملابس خاصة يُعرِف به وجنية لها لون معين،
وهناك من يهتم بصناعة السكاكين والخناجر وادوات الزراعة وهم فئة يطلق عليها با (الحدد) 
واغلب اصحاب هذه الحرف يتواجدون في مراكز الاسواق المنتشرة في المدن التي تقع فيها الاسواق.
واليوم ومع تطور عجلة الحياة اندثر الكثير منها ان لم نقل اغلبها، واصبح الناس اليوم مع تطور  السوق والحرف والزراعة يتداخلون في الاعمال، ولم يكن هناك تخصص معين على طبقة محدودة، للعمل ولكن الكل يتسابق الى المهن للعمل مع تطور السوق الذي فرض التغيير على الحياة الاجتماعية اليوم.