آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-09:46م

صنعاء وعدن.. عالمان مختلفان تحت اسم الوحدة

السبت - 18 ديسمبر 2021 - الساعة 02:27 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى
- ارشيف الكاتب


بعد الوحدة انقلب مشايخ الهضبة على كل الاتفاقات القائمة مع الجنوب ولم يعملوا ابداً على  تبني حتى فكرة وطنية واحدة ، أما بعد حرب عام 1994 تغيرت العلاقة بين شريكي الوحدة وتم ادارة دولة الوحدة بصيغة المنتصر في الحرب ، واليوم هم من يتحمل مسؤولية الحروب الانهيار المتسارع لدولة الوحدة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والصراعات السياسية في البلاد.

غالبًا ما يتم تجاهل العوامل الرئيسية ، التي ساهمت في تدهور الوحدة  وانقسام المجتمع وعودة طرح الجنوبيين لموضوع فك الارتباط بقوة وهي كالتالي:-

-رفض مشايخ الهضبة تقبل الجنوب وشعبه كما هو ، ومحاولاتهم المستمرة وإلى يومنا هذا تغيير الجنوب من حيث  الديمغرافيا  والثقافة والهوية والجغرافيا والسيطرة على ثرواته ونهبها ، الأمر الذي يعتبره الجنوبيون نهج خطر تجاههم وتهديدًا لوجودهم ولاستقرارهم الداخلي وللجنوب ككل.

-ينظر رجال الهضبة إلى قبائلهم ومشايخها باعتبارها السلطة الشرعية الوحيدة المسؤولة عن دولة الوحدة وأمنها ،  هذه الطريقة والعقلية في نظر الجنوبيون  تهدد أمن الدولة والمجتمع وحقهم كشركاء  في إدارة البلاد وأمنهم وحقوقهم بشكل خاص.

-سعى الجنوبيون إلى العدالة الاجتماعية واستعادة الحقوق المدنية والدينية بسلمية ولكنهم لم يجدوا آذاناً مصغية من الشريك الشمالي الحاكم للبلاد وتم عزلهم وظلمهم داخليا وخارجياً.

العلاقة بين طرفي الوحدة خلال الـ 27 عاما الماضية كانت غير ودية بسبب الإدارة الأحادية للدولة من قبل الهضبة ودون تقسيمها إلى مصالح رئيسية وثانوية بشكل عادل مع الشريك الجنوبي ، وعندما احتج الجنوبيون على سياسة الاقصاء والتهميش أصر مشايخ الهضبة في الشمال على احقيتهم بالدولة وقوتها وإدارتها ومصادرة مواردها لأنهم  "سلطة سماوية " كما يدعون دائما  أضافوا على ذلك اختراع مفهوم عودة الفرع إلى الأصل الذي ابتدعوه لا نفسهم  جماعة الفيد المتخلف ، وهي الجماعة التي نشرت  التنظيمات الارهابية في حدود الجغرافيا الجنوبية فقط واشغلوا  الجنوبيين بقضايا داخلية خطرة كالإرهاب والانقسامات و الاشاعات وزرع الفتن.

إن اللعب على مشاعر الوحدة وخطر الحوثي  لتقوية مواقف ما تبقى من مشايخ وأحزاب الهضبة في الجنوب  لن يجدي نفعاً ، لأن صورة الشمال في الجنوب سلبية للغاية والعكس كذلك ، كما أن فرص التعاون مغلقة لإعادة الثقة بين الطرفين خاصة مع  بروز تقاطع مصالح دول الإقليم والدول العظمى.

لكسر  المأزق السياسي الحالي سيتعين على مشايخ وأحزاب الهضبة إجراء العديد من " التغييرات " الرئيسية في علاقتهم مع  الجنوبيين ، بما في ذلك  تحديد أولويات السياسة الخارجية للبلاد خاصة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية  مع التركيز على المجالات الرئيسية  من ضمنها  موضوع فك الارتباط  والاستقرار الاستراتيجي للبلاد والمنطقة وترك الهيكل السياسي والأمني الداخلي للجنوب حسب تقدير الجنوبيين أنفسهم  ،إذ ليس من المنطقي من الجنوبيين الاخذ بهذه التغيرات في الشمال والتعهد من بعدها  بالعودة السريعة الى حضن هذه القبائل المتخلفة والغدارة والأمل في نتيجة مختلفة.