آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:41ص

" الجرخجي " !!

الإثنين - 13 ديسمبر 2021 - الساعة 07:23 م

د. عبدالكريم الوزان
بقلم: د. عبدالكريم الوزان
- ارشيف الكاتب


الجرخجي لفظة تركية تعني الحارس الليلي ، وهذه التسمية كانت معروفة في عهد الاحتلال العثماني حيث يذكر لنا العلامة الدكتور حسين علي محفوظ (رحمه الله) في مقاله الموسوم (الالفاظ التركية في اللهجة العراقية) ان لفظة ( جرخه جي ) تعني الحارس . وهناك لفظة اخرى تركية تطلق على الحارس الليلي وهي (بصونجي)  وأصلها (باسوانجي)  . ويعتبر  ( الجرخجي)  رمزاً للأمان والطمأنينة في نفوس أبناء المحلة ، يحفظ أمنهم وسلامتهم ويحرس دورهم، ويجول في الأزقة والأسواق يحمي الناس والممتلكات ويشيع الطمأنينة في قلوبهم بصافرته أو بصوته الجهوري وهو ينادي على أحد أصحاب البيوت ينبهم على اقفال بابهم الذي نسوا اقفاله ، أو كأن يناديهم لفتح بابهم لأحد أفرادهم وهو عائد متأخرا بعد منتصف الليل من العمل أو من سهرة سمر وأنس. وكان يتقاضى راتبا مقداره (ديناراً و350 فلساً) شهرياً. ولم يكن يقبل ( الجرخجي ) في العمل الا اذا توافرت فيه شروط أهمها سلامته من الأمراض والعاهات المعدية وبتقرير طبي ، وأن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف ، وحاصل على شهادة الجنسية العراقية بالولادة او بالتجنس بها بعد مرور خمس سنوات ، ولايخضع لخدمة العلم ، وبالطبع يفضل في التعيين من سبق  له الخدمة في قوات الشرطة والجيش أو حراسة السجون باعتبار أن  هؤلاء لهم كفاءة في استعمال السلاح الناري(1)!!.
جال ببالي موضوع ( الجرخجي ) وأنا اراقب الأخبار عبر وسائل الاعلام حول  انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف  الأجنبية وانسحابها  من العراق قريبا!! ، هؤلاء الذين تلبسوا رداء الجرخجية وهم منهم براء  بعد أن ( جرخونة جرخة زينة )  ، على الرغم من أن هذا الاعلان لم يكن الأول من نوعه وتكرر كثيرا في السابق بدون ( قبض )!!.
من جهة أخرى فنحن لانعلم حجم القوات الكامنة في القواعد وكم يدخل وكم يغادر ،  وليس بمقدورنا التوصل لأعداد المدربين الذين سيبقون في البلاد والله أعلم قد تكون أعدادهم أضعاف أقرانهم الظاهرين بزي عسكري!! ، ناهيك عن إن الظروف العسكرية والأمنية في الوقت الحاضرغير مؤآتية ومقلقة ومريبة ،  وفي هذا الاطار يزداد التعقيد في الموقف النووي بين اسرائيل وأمريكا وبعض الدول الكبرى من جهة وايران من جهة أخرى وله انعكاسات خطيرة على الساحة العراقية فكيف يزعمون أنهم ذاهبون!! ، وفي كل الأحوال العراقيون لايثقون (بالانسحاب)  ويعتبرونه مناورة أو تكتيك استراتيجي أو جهد دبلوماسي لأمر دبر بليل والله أعلم .
يقينا أن الدار لايحميها الا أهلها وأهل مكة أدرى بشعابها وأما غير ذلك فالذي يقحم أنفه  عنوة إما طامع وإما حاقد .  واياكم و (حرامي البيت ) ،  فقد طما الخطب منهم حتى غاصت الركب. نريد وطن ..نريد اليوم جرخجي  بصدق وغيرة وضمير كأيامنا الخوالي ..آه ياوطني المبتلى  أقول فيك ماقاله الشاعر العراقي الجريح :
حزني عليك يغسل الذنوب والخطايا
انا الذي تركت روحي فيك
مذ غادرتك جثتي..تركت روحي فيك
علقتها لديك قنديلا
لعل نوره يسقيك
وزيته عمري فهل يكفيك ؟
ياوطني
ياكبرياء الشمس في عليائها
أرجوك
إقبل كياني قطرة
صغيرة تذوب في ترابك العظيم
في حاضرك الأليم
في ماضيك
ماذا أقول والكلام لم يعد يشفيك ؟
ماذا أقول للذين يصبغون وجهك الجميل بالدماء؟
ماذا أقول ؟ والشرور كلها
تكمن خلف أجمل الأسماء
فبعضهم يلبس ثوب الآلهة
وبعضهم عمائم الشيوخ
وبعضهم يتخذ تيجان
الملوك
وكلهم من خارج التأريخ جاؤوك
1-   بتصرف وتعريق ، مامعنى الجرخجي ،