آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

غياب المشروع في الحكم

الجمعة - 10 ديسمبر 2021 - الساعة 11:14 م

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


تعتبر الثورات من افراد يقومون بها، تكون لديهم التضحية في سبيل غايات يحلم بها الغالبية  العظمى من الناس، والثوار هم من بين الناس يملكون الارادة التي تجعل الاخرين يستسلمون ويقتنعون بها، 
لكن اذا لم يكن لها مشروع حياة ذاب ذلك كله او جلّه كما يذوب الثلج اذا لامس الحرارة،وتنقلب تلك الشعارات شرار يكبر حريقه مع الوقت حتى يلتهم الثورة، وهو عنصر الفشل الرئيس فيها، وتتهم حينها بالثورة المزعومة.
فماذا قدمت تلك الثورات في وطننا العربي لشعوبها؟ ان الفارق الزمني لها يثبت جليا انها كانت ثورات لاتملك المشروع الذي تقدمه لشعوبها،بينما الشعوب تعيش المعاناة. فكيف للقادتها ان تسمح بهذا العذاب الذي لايستحقه الشعب الذي قامت الثورة لاجله؟ 
ان العذاب حين ينزل على اهل القرى، لم ينزل لانهم كفروا، بل ينزل حين يكتمل العدل فيهم انهم يستحقونه؛ ومن ذلك التأمين في كافة الجوانب، الاقتصادية، وهي الاهم في قطع دابر الفقر الذي ينتج ابشع صور الانسان في اوضاع مزرية،
ويحوّل الغالبية منهم الى جهلة ووحوش ليس لها قيم ولاميزان في التعايش مع الآخر . ان الدول التي تأسست من اجل احلام شعوبها تنعم بالمشاريع الحياتية التي خرج الشعب من اجلها، وكانت لها مشاريع جعلت الاستقرار بين افراد المجتمع. 
ونحن بصدد ذكر الاستقرار للانسان، عندنا آيات من القرأن  تثبت لنا ان العذاب وقع على الشعوب والقرى الآمنه والمستقرة اقتصاديا؛لان من الغرائب ان تحدث الاختلالات،وهم يعيشون في مجتمع اكتمل فيه كل المتطلبات لافراده،وحين يخرجون عن طريق الحياة وناموسها،يقع عليهم العذاب بما عملوا،ولايقع العذاب في مجتمع لم تكتمل متطلبات الحياة الطيبة فيه.وقد قال الله في كتابه الكريم:
(وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون). 
توفرت لديهم سبل العيش الكريم، وخرج الفقر من بلادهم، ومن بين افراد مجتمعهم، هنا حق عليهم العذاب بعد ذلك.
ان الشعب الفقير لايستحق ان يقوم بثورة؛ لانه غير مؤهل لها، ولاتسكن فيه المبادئ  ولايعترف بالقيم، والجوع يعصره،
ان التركيز على تأمين الجوع هو سبيل تثبيت القيم، وزرعها في الاجيال وحين تسكن الشعوب لفترات طويلة مع القيم لاتتأثر بسهولة حتى وان اصابها الجوع  لان لديها مخزون من التربية والمبادئ تمكنها لفترات
من الثبات حتى تستطيع  التغلب على المعضلات التي تواجها، 
وحين وصل-محمد-صل الله عليه وسلم:  الى مكة  بدعوتة الى تغيير كل اساليب حياتهم، لايمكنه ان يأسس الحياة الجديدة لهم إلّا اذا كان لديه مشروع حياة لتأمين حياتهم ومنها اشباع البطون  من الجوع الذي يفسد الثورات ويلقي القيم. 
يقول الله:
(الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) ٠ ان الاطعام من الجوع هو الذي يجعل الناس تسمع لك، وهذا لايقوم الاّ وقد انتزع الفقر منهم. وكان على بن ابي طالب يقول: ان الشيطان  يسأل الفقر الى اين انت ذاهب؟... فيقول الشيطان: خذني معك!
هنا تسهل الاعمال من التخريب وتعطيل حياة الناس؛ حين يجد من يستجيب له. ونحن اليوم نجد الشيطان تجسد في صور دول يسومون الشعوب سوء الغذاب،وهذا بلاء عظيم، تعيشها المجتمعات.
لكن النقد يكون  للتنظيمات والحركات الجماهيرية والاحزاب،التي غاب منها مشروع الحياة لشعبها، وهي كاذبة والدليل ما عاشتة دولنا العربية الى اليوم، لا توجد معها مشاريع بناء الدولة،وتعيش شعوبها مع الاصنام الخشبية،المعاناة التي لايعيشها غيرهم من الشعوب، حين غاب المشروع، لبناء الدولة، الذي يحوي معه اغلب متطلبات الشعب. 
ونحن اليوم نجني مرارة غياب المشاريع، والرؤية الصحيحة التي ترسم خارطة طريق المستقبل.