آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:09م

التغطية الصحية الشاملة حق دستوري وركن هام للتنمية

الجمعة - 10 ديسمبر 2021 - الساعة 12:00 ص

عبدالرحمن علي علي الزبيب
بقلم: عبدالرحمن علي علي الزبيب
- ارشيف الكاتب


يحتفل العالم في اليوم الثاني عشر من شهر ديسمبر  12-12 من كل عام باليوم العالم للتغطية الصحية الشاملة ليؤكد ان الصحة حق انساني يستلزم توفيرها للجميع في كل منطقة داخل الوطن دون تمييز و لا استثناء وان الفقر وعدم القدرة على دفع تكاليف الرعاية الصحية يجب ان لا يكون عائق للحصول على الرعاية الصحية .

وفي هذا الاطار  أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2012 قراراً يحث البلدان على تسريع وتيرة التقدم المُحرز صوب تحقيق التغطية الصحية الشاملة – وهي الفكرة القاضية بضرورة حصول الجميع بكل مكان على الرعاية الصحية الجيدة والمعقولة التكلفة – بوصفها أولوية لا يُستغنى عنها لتحقيق التنمية الدولية. وأعلنت الأمم المتحدة في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2017 بموجب قرارها 72/138 عن تكريس يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام بوصفه يوماً دولياً للاحتفاء بالتغطية الصحية الشاملة.

وأوضحت الأمم المتحدة انه يصبو اليوم الدولي للتغطية الصحية الشاملة إلى بلوغ هدف مفاده إذكاء الوعي بضرورة إقامة نظم صحية متينة وقادرة على الصمود والعمل على تحقيق التغطية الصحية الشاملة مع عدة شركاء من أصحاب المصلحة. ويرفع مناصرو التغطية الصحية الشاملة أصواتهم عالياً يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام داعين إلى مشاطرة قصص الملايين من الذين ما زالوا ينتظرون تزويدهم بالخدمات الصحية، والدفاع عمّا حققناه من منجزات حتى الآن، ودعوة القادة إلى توظيف استثمارات أكبر وألمع في مجال الصحة، وتشجيع مجموعات متنوعة على قطع التزامات تساعد على تقريب العالم من تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030.

كما أوضحت منظمة الصحة العالمية بانه يُعدّ اليوم العالمي للتغطية الصحية الشاملة الموافق 12 كانون الأول/ديسمبر مناسبة سنوية للالتفاف حول الدعوة إلى تحقيق الصحة للجميع وبالجميع .

ويوافق هذا اليوم الذكرى السنوية لقرار التغطية الصحية الشاملة التاريخي الذي اتخذته الأمم المتحدة بالإجماع في عام 2012 لجميع الناس الحق في الحصول على رعاية صحية جيدة دون خوف من ضائقة مالية أو تمييز ويمكن للقادة، بل يجب عليهم، أن يضمنوا وصول الخدمات الصحية الجيدة إلى جميع الناس حسب حاجتهم إليها، وليس حسب قدرتهم على الدفع.

يجب ان يكون هذا اليوم الدولي فرصة لتقييم الخدمات الصحية واعداد الخطط المزمنة واللازمة لتوفير الخدمات الرعاية الصحية بتطوير مرافقها وكوادرها وتنفيذ تلك الخطط ومنحها أولوية عاجلة  وان يكون الاهتمام بتطوير المرافق الصحية بشكل متوازي وشامل للريف والمدينة .

يحتفل العالم هذا العام 2021 في ظل معلومات متواترة بعودة جائحة كورونا العالمية في ظل تحورات وتطورات خطيرة في هذا الوباء واكبر حماية من انتشار هذا الوباء هو تعزيز الرقابة على جميع منافذ الدخول الى الوطن لمنع دخول أي شخص يشتبه بإصابته بكورونا كون الجائحة عالمية تنتشر من دول أخرى لو كل دولة عززت من دورها الرقابي على جميع منافذ الدخول لانخفض مستوى مخاطر انتشار جائحة كورونا وتم حصرها في مناطق محدودة في العالم يسهل مكافحتها.

كما يستلزم لمواجهة جائحة كورونا توفير مرافق صحية وكوادر مؤهله وطنية لتقديم رعاية صحية جيدة والحد من انتشار الجائحة والحد من اثارها في المجتمع .

ولأهمية الصحة فان اهداف التنمية المستدامة العالمية خصصت الهدف الثالث للصحة الجيدة والرفاه حيث ربط الهدف الصحة الجيدة  بالرفاة لأنه لا يمكن تحقيق رفاه وتنمية مستدامة  بمجتمع مريض عليل فالتنمية المستدامة أساسها الانسان الصحيح المتعافي الذي يبذل الجهود لتحقيق اهداف التنمية المستدامة .

كما ان الهدف الثالث ربط الصحة بكلمة الجيدة ولا يمكن تحقيق صحة جيدة الا برعاية صحية جيدة وتوفير الإمكانيات والقدرات من مستشفيات وكوادر صحية ماهره وادوية ومستلزمات طبية لتحقيق صحة جيدة .

غياب وضعف الرعاية الصحية الجيدة تتسبب في خسارة كبيرة للوطن فتنتشر الامراض والاخطاء الطبية وترتفع فاتورة الادوية لمواجهة الامراض المنتشرة كما تخسر الدولة مخزونها من العملات الصعبة الذي يدفعها المواطنين للحصول على علاج خارج الوطن كان بالإمكان توفيرها لتغطية احتياجات أخرى ان تم توفير الرعاية الصحية الجيدة بمرافق وطنية صحية بمستوى جيد وكوادر مؤهله بشكل جيد و متمكنة للقيام بتقديم الخدمات الصحية بشكل جيد.

لا يتوقف تحقق الصحة الجيدة والرفاه بتقديم الرعاية الصحية الجيدة بل أيضا باتخاذ إجراءات وقائية للحد من انتشار الامراض بتقديم اللقاحات الطبية اللازمة لوقاية المجتمع من الامراض والحد من تفشيها وانتشارها .

في مقدمة أولويات التزامات الدولة توفير الرعاية الصحية للمواطنين ونصت دساتير دول العالم على التزام الدولة بتوفير الرعاية الصحية .

ومن تلك الدساتير دستور اليمن الذي يعتبر الدستور هو اعلى منظومة تشريعية وقانونية كونه عقد اجتماعي بين الشعب وبين مؤسسات الدولة بموجب الدستور أوضح الحقوق والواجبات على كل طرف و الذي  اعتبر الصحة ضمن الأركان الأساسية لبناء المجتمع وتقدمه حيث نصت المــادة(32) على :

( التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية اركان اساسية لبناء المجتمع وتقدمه يسهم المجتمع مع الدولة في توفيرها . )

كما أكد الدستور اليمني في نصوص أخرى على حق جميع المواطنين في الرعاية الصحية حيث نصت  المــادة(55) على :

( الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها وينظم القانون مهنة الطب والتوسع في الخدمات الصحية المجانية ونشر الوعي الصحي بين المواطنين . )

وبمطالعة نص المادة المذكورة 55 من الدستور نلاحظ ان الدستور اليمني لم يتوقف على النص فقط على حق الرعاية الصحية لجميع المواطنين بل الزم الدولة على كفالة تمتع المواطنين بهذا الحق بإنشاء الدولة المستشفيات والمؤسسات الصحية لتوفير الخدمات الصحية المجانية ونشر الوعي الصحي .

وهنا يعتبر هذا النص التزام دستوري على الدولة بشكل عام والمؤسسات المختصة بالرعاية الصحية توفيرها وكفالة تمتع المواطنين بحق الرعاية الصحية الشاملة ..

حيث أوضح الدستور ان الرعاية الصحية حق لجميع المواطنين وهنا يقصد الرعاية الصحية الشاملة لجميع المواطنين في جميع المناطق كما أوضح الدستور التزام الدولة بالتوسع في الخدمات الصحية بمعنى شموليتها لكافة التخصصات الطبية لعلاج كافة الامراض والعلل وتوفير الخدمات الصحية مجاناً .

نحن في اليمن نطالب الجميع بالالتزام بالدستور نصاً وروحاً وفي مقدمتها تمكين جميع المواطنين من التمتع بالحق في الرعاية الصحية الشاملة المجانية لجميع المواطنين واهمية تقييم مدى تحقق ذلك في الواقع وبذل كافة الجهود والامكانيات المتاحة لتحقيق ذلك.

وفي الأخير :

نؤكد على أهمية إيلاء الرعاية الصحية الشاملة أولوية وتكاتف جميع مؤسسات الدولة مع الجهات المختصة بتقديم الرعاية الصحية من وزارة صحة وهيئات ومؤسسات صحية ومجتمع مدني وقطاع خاص ومجتمع دولي بتنسيق عالي وشفاف بين الجميع لتقديم رعاية صحية شاملة في جميع مناطق اليمن ويتم ذلك بتقييم مهني وجاد لجميع المرافق الصحية وتطويرها وتأهيلها  وإعادة النظر في أسعار رسوم الخدمات الصحية لتتوافق مع نصوص الدستور بمجانيتها وتقديمها لجميع المواطنين بشكل مباشر بتقديم رعاية طبية جيدة او بشكل غير مباشر عن طريق اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الامراض والاوبئة في المجتمع وتوفير رعاية صحية شاملة كون التغطية الصحية الشاملة حق دستوري وركن هام للتنمية