آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

هـيـمـنـة أمـريـكـا.. الـفـصـل الأخـيـر

الأحد - 05 ديسمبر 2021 - الساعة 11:48 ص

حيدره محمد
بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


المتمسكين بنظرية الهيمنة الأمريكيّة لا يتقبلون فكرة السقوط الأمريكي المحتمل.. والمتحمسين لصعود التنين الصيني يرون أن الحل في الصين.. وما بين الاعتقادين طابور طويل من الواقفين على الحياد بين الخيارين الأمريكي والصيني.

الحقيقة أن افتراضية سقوط أمريكا ليست افتراضية جدلية شائكة، أي أن افتراضية السقوط الأمريكي قادمة لامحالة، ولكن ما هو البديل لملء حالة الفراغ المقبلة..؟ والتي ستكون بالطبع نتيجة متوقعة للتراجع الأمريكي وانتهاء تاريخ طويل من الهيمنة والسيطرة والتحكم الأمريكي المستبد على العالم.

وقبل الوصول لاستنتاج معقول نستطيع أن نبني من خلاله التصور المحتمل عن القوة التي ستملئ الفراغ الأمريكي، علينا أن نعود للوراء عقودا، وتحديداً إلى ما قبل سقوط الاتحاد السوفييتي في ستينيات القرن العشرين، الفترة التي كانت فيها القطبيّة الثنائية العالمية "الأمريكيّة الروسية" تتنافس على بسط النفوذ والسيطرة والهيمنة.

القطبيّة الثنائية التي انتهت باتساع التمدد الأمريكي وانحسار التوغل الروسي الطامح وقتها لوقف التمدد الأمريكي في كل محاور ومناطق الصراع الروسية الأمريكيّة.. ومما لاشك فيه أن أمريكا اعتمدت في فرض هيمنتها على تفوقها العسكري والتكنولوجي، والذي منحها مع الوقت التفوق الاقتصادي.

والصين المتفوقة اقتصاديا وتكنولوجيا والمتقدمة عسكريا، هي الخيار البديل الأكثر تفوقا لملء الفراغ الذي سيترتب على التراجع الأمريكي، ومع هذا فأن الصين ومع كل ذلك التفوق، ليست المرشحة الوحيدة لقيادة العالم، فهنالك روسيا الطامحة للقيادة وبقوة.. وكل المؤشرات والتطورات تتحدث عن مواجهة عسكرية أمريكية صينية، وذلك يعني أن أمريكا فشلت في اجهاض التطلعات الصينية طيلة عقود حربها الباردة مع بكين.

وفي حال وقعت المواجهة بين القوتين العالميتين الصينية والأمريكية، فأن الصين لن تعود كما كانت، وقطعا لن تعود أمريكا.. ومن المؤكد أن أمريكا لم تكن لتحكم العالم لولا أنها حافظت على قوتها العسكرية في الحرب العالمية الثانية على حساب الحلفاء روسيا وفرنسا وبريطانيا، وأن كانت خاضت الحرب بمفردها لكانت دول المحور وعلى رأسها المانيا تحكم العالم بلا منازع ليومنا.

أمريكا لن تدخل المواجهة العسكرية المحتملة مع الصين بدون أن يكون لديها حلفاء في الحرب، واليابان وتايوان وكوريا الجنوبيّة ليسوا بالحلفاء الأقوياء عسكريا، ولكن الدول الثلاث ستكون الخيار الواقعي الأقرب الذي ستخوض به واشنطن حربها مع الصين، وفي المقابل ستكون كوريا الشمالية الحليف الأبقى للصين، وذلك لعدائها لأمريكا ولهدفها المشترك مع بكين في القضاء على هيمنة أمريكا.

ولعل التوجه الكوري الشمالي ليس ببعيد عن التحالف الروسي الصيني لمواجهة حلف الناتو الذي تقوده أمريكا، ونذر التصعيد الصيني الروسي في مواجهة التحالف الأمريكي الأوروبي تتصاعد على نحو غير مسبوق، وبخاصة مع صعود الديمقراطيين للبيت الأبيض.. وهذا يعني أن المواجهة في أوج ذروتها، وهي التي ستحدد معالم القوة العالمية التي ستقود العالم والتي لا اعتقد بأنها ستحيد عن منطق الهيمنة الأمريكيّة.