آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-05:45م

ولكني رأيت من دفع الثمن!!

السبت - 04 ديسمبر 2021 - الساعة 11:27 ص

شرف الكبسي
بقلم: شرف الكبسي
- ارشيف الكاتب


مرة من المرات قال لي صديقي الجزائري  ما أجمل نشيدكم الوطني !ولكني قلت له  يا صديقي ،سأقسم لك ، بما تقسمون به في نشيدكم الوطني (قسمًا بالنازلات الماحقات والدماء الزاكيات الطاهرات والبنود اللامعات الخافقات في الجبال الشامخات الشاهقات ) أن عيناي تكاد تذرف دمعًا  في المهرجانات والاحتفالات الوطنية.

ليس إلا حبًا لوطن قُدمت من أجله دماء وأرواح ؛ كي نعيش ونحيا بسلام ، ولكن جور الساسة وقيادات الأحزاب الايدلوجية والسياسية والجماعات المتطرفة من كانت السبب في ايصالنا إلى الحضيض باسم الوطنية التي ينشدونها.

فقدنا بصيص الأمل في حب بلدنا الذي صار يتردد في معظم الإذاعات والصحف والقنوات الفضائية المحلية والأجنبية. علمونا أن نردد كل يوم في طابور الصباح ، لن ترى الدنيا على أرضي وصيا ! وهم من باعوا وطنًا بترابه وشعبه وراء أطماع سياسية ، واستندوا على أوصياء يتقاسمون خيراته  ، حتى صار الدم اليمني من أرخص الدماء في هذا العالم الكئيب.

ولكن مازالت دمائنا وشرايينا تردد (وسيبقى نبض قلبي يمنيا )هل تعلم يا صديقي ، أن الدماء التي سفكت منذ 2011 حتى اليوم ، أكثر من الدماء التي حررت وطن وشيدته عام 1967م.

يا صديقي ، إذا كان شاعر الثورة الجزائري مفدي زكريا ، قد دوًّن بدمه الطاهر نشيدكم العظيم ، أما نحن فما بيت أو عائلة أو قرية إلا وقد ثارت من أجل هذا الوطن الجريح الذي لم تلتئم جراحه منذ الستينيات!

أعلم يقينًا أن ثورة الجزائر من أعظم الثورات العربية على الإطلاق ، فالتأريخ يشهد بأن رجال ونساء الجزائر قدموا أكثر من مليون شهيد من أجل التحرر من الاستعمار الفرنسي ، ولكن شعبنا المغلوب على أمره ، سيقدم الكثير من أجل التحرر من دول الجوار التي زرعت فتيل الكراهية ، وشطرت جغرافيا اليمن إلى دويلات.

يا صديقي في الثورات العربية يدفع ضريبتها الرعية أو عامة الناس ، وينعم بخيراتها كبار المسؤولين ، ولكن قل لي بربك ، هل سمعت يومًا ما أن رئيسًا أو وزيرًا ، أو مسؤولًا ذو منصب رفيع قدم فلذة كبده من أجل الوطن بالنسبة لي ، لم أسمع إلا أن ابن المسؤول الفلاني تخرج  من أعرق الجامعات العلمية ، وسيعود إلى جوار منصب أبيه؛ ليُعلم أبنائه أن التضحية الحقيقة من أجل الوطن هو أن تدرس في الخارج ، لتعود تحكم الغلابة من الناس.

يا صديقي ، إن المسؤول الذي نبت جسمه من الحرام ،وانتفخ كرشُه دون ملام، ما تذوق حقيقة الحلو الذي نبحث عنه نحن البسطاء ؛ لأن الضد بالضد يعرف : لا يعرف الحلو من لم يذق ألمه.

آه ليتنا كفلسطين ، قضيتهم واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالعدو صهيوني ، والمقاتل فلسطيني ، أما نحن فالعدو عربي ، والدم يمني ، ويحاولون أن يوهمونا أننا لا نرى بأعيننا من أجل أن نكيل التهم على بعضنا البعض ..

صرنا نعيش في زمن حديثة ثورة تلي ثورة ، ومنظومه فاسدة تتزعمها أجندة خارجية ، تسعد بتمزيق أبناء وطن يبحثون عن الأمن والسلام كبقية شعوب العالم.

 سنظل ندفع الثمن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ختامًا وأخيرا : أُذكرك بقول الشاعر الفلسطيني الذي لم يمت حين انتهت حياته :ستنتهي الحرب ويتصافح القادة وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل لا أعلم من باع الوطن ولكني رأيت من دفع الثمن !