آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-01:53م

تغيير النهج الدولي.. منصة انطلاق نحو إيجاد اختراق في الأزمة اليمنية

السبت - 04 ديسمبر 2021 - الساعة 01:51 ص

صديق الطيار
بقلم: صديق الطيار
- ارشيف الكاتب


الصراع القائم في اليمن منذ 2015 ينحدر إلى المجهول عاما بعد آخر في ظل تشتت الجهود الدولية لعملية السلام في اليمن. ويبدو أن السبب في عدم الوصول إلى تسوية سياسية متوازنة بين الأطراف اليمنية المتصارعة هو النهج الدولي المتبع في الأزمة اليمنية الذي لا يتوافق ولا يأخذ بعين الاعتبار التغيرات والمعطيات على الأرض، حيث باءت كل المفاوضات والجهود السابقة بالفشل، ابتداء بمباحثات الكويت في 2016، ومرورا بالجهود التي بذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ثم اتفاق استوكهولم في 2018، وما تلى ذلك كالمبادرة السعودية والجهود التي بذلتها سلطنة عمان.

لم تفلح كل تلك الجهود الدولية والإقليمية منذ بدء الحرب في 2015 في وقف الحرب ونزيف الدم وإحداث اختراق في الأزمة اليمنية، سوى في تجميد الوضع وترسيمه، بحيث يتحكم كل طرف ويدير المناطق التي يسيطر عليها.

كان بالإمكان الوصول إلى تسوية سياسية في حال ركز مجلس الأمن الدولي على جذور الأزمة اليمنية ومن ثم إيجاد الحلول المناسبة لها.

بعد نحو سبع سنوات من الحرب في اليمن وما خلفته من كارثة إنسانية بات من الأهمية بمكان على المجتمع الدولي السعي بجدية لتغيير النهج الدولي المتبع في الأزمة اليمنية للتوصل إلى تسوية سياسية متوازنة يتوافق عليها كل الأطراف لإنهاء الحرب وإحلال السلام.

يرى الخبير في تحليل شؤون اليمن لدى مجموعة الأزمات الدولية، بيتر ساليسبوري، أن الأمم المتحدة إذا قررت حلحلة الأمور في اليمن "فإن ثمة شيئين يمكن أن يُحدِثا فرقًا، وهما: توسيع المشاركة اليمنية وإنشاء فريق اتصال دولي جديد".

ويشير "ساليسبوري" في تقرير نشره في المركز اليمني للسياسات، بعنوان (النهج الدولي إزاء الحرب في اليمن: هل حان الوقت لتغييره؟)، إلى ضرورة أن يخضع النهج الدولي في الأزمة اليمنية إلى التغيير لإيجاد تسوية سياسية حقيقية، بأن "يوسع إطار المحادثات ليشمل أطرافا يمنية أكثر، كما ينبغي على صناع السياسات الدوليين أن ينسقوا جهودهم بصورة أوثق وأن يقسموا العمل فيما بينهم بصورة أوضح".

ويؤكد "ساليسبوري" إن الإجماع في بعض الدوائر الدبلوماسية آخذ في التزايد على أن التأطير المتعارف عليه للوضع في اليمن لم يعد يعكس الحقائق على الأرض، وقد لا يكون قادرا على إنهاء الحرب وبناء السلام.

ويرى أنه إذا شارك المزيد من الأطراف اليمنية مع ما يتبعها من فئات ذات صلة بما في ذلك الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بشكل مباشر في المحادثات، فلعل من شأن ذلك أن يحفِّز الحوثيين والحكومة المعترف بها شرعيا لبدء عقد صفقات "مع الأعداء المحليين والحلفاء"، على حد سواء، وسيكون ذلك سعيا منهما في سبيل تحسين القوة التفاوضية الكلية لكل طرف منهما أمام الآخر.

واقترح الخبير في تحليل شؤون اليمن، بيتر ساليسبوري، على مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن في حال تبنى نهجا جديدا لحل الأزمة اليمنية أن بإمكانه أن يطلب مساعدة الولايات المتحدة بتشكيل فريق اتصال دولي جديد من أجل دعم جهوده. "ويجب أن يتخذ هذا النادي، الذي يتألف منه الفريق، موقفًا أكثر استباقية من تلك المواقف التي لمجموعة عمل السفراء الحالية المؤلفة من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أمريكا، بريطانيا، الصين، فرنسا، روسيا)، التي- كما قال - اتسمت مواقفها بالإعاقة نتيجة الحذر، والانقسامات الداخلية، وعدم وجود قنوات اتصال مع الحوثيين والجهات اليمنية الرئيسية الأخرى.

ويمضي "ساليسبوري" في سرد المقترحات لتأسيس قاعدة للانطلاق نحو حل الأزمة اليمنية، إذ يضيف: "يمكن أن يتكون الفريق الجديد من الدول الخمس دائمة العضوية، وأعضاء مجلس التعاون الخليجي (ويأتي على رأس هؤلاء في الأهمية الكويت، وعُمان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة)، والاتحاد الأوروبي. وسيكون من شأن مكتب مبعوث الأمم المتحدة أن يرأس فريق الاتصال الدولي هذا، الذي قد يتفق على عقد اجتماع كل أسبوعين لتنسيق العمل بشأن الملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية. وسيتوجب على الفريق أن يعمد إلى تقسيم العمل بين أعضائه؛ وذلك من أجل تعزيز الهدف الأساسي المتمثل في تحديد الخطوات التي من شأنها أن تزيد من فرص المفاوضات الشاملة بقيادة الأمم المتحدة حتى تنجح في إنهاء الحرب اليمنية".

أعتقد أنه يجب علينا نحن اليمنيين أن نعي جيدا أن الأمم المتحدة هي مجرد أداة وليست هي من سيصنع السلام في اليمن بل اليمنيون أنفسهم، ففي حال كانت الأطراف اليمنية جادة في المضي نحو السلام، حينها تكون الأمم المتحدة أداة مفيدة للتفاوض على التباينات. أما إذا كان أحد الأطراف لا يريد التوصل إلى السلام، فبغض النظر عن مدى ذكاء المبعوث الخاص، لا يمكن للأمم المتحدة أن تفعل شيئاً، لأنه لا يمكن لأحد فرض اتفاق سلام على أحد.

إننا بحاجة إلى ترسيم خرائط السيطرة، وتعزيز التنسيق بين المجموعات المختلفة بحيث يمكن استعادة المؤسسات الوطنية التي تم تقسيمها إلى كيانات. وبمجرد توحيد هذه المؤسسات وإعادة تنشيطها، حينها يمكننا البدء في الحديث عن استعادة الدولة اليمنية.

وأظن أن أكثر الخيارات التي تحظى بفرصة للنجاح هو الاتفاق على حكومة وحدة وطنية ذات صلاحيات ضبطية أكثر من كونها تنفيذية، وهذه الحكومة من شأنها أن تعمل على استعادة وإعادة توحيد وتنشيط مؤسسات الدولة الوطنية، ثم نقل هذه المؤسسات إلى اختصاصات مختلفة للحكومات المحلية وترسيم تلك التي تم نقلها على نحو اختصاصي.

متفائل جدا بإمكانية حل الأزمة اليمنية، فالانقسامات الحالية قائمة على الهوية ولكن ليست على الكراهية.