تعلقت العرب قديما بقول شاعرها : لايسلم الشرف الرفيع من الاذى .. حتى تراق على جوانبه الدماء .. وظلت تدافع عن شرفها ماكان منه رفيعا اومتسخا . استجرارا لموروثهم الفكري والديني .. ولكننا اليوم نجابه سلوكا مغايرا وشاذا تنتجه عقليات الفكر العربي المتسلط بسطوة السيف .. في دفاعه عما يعتقد أنه شرفا رفيعا وقد تلطخ بوحل .. فيما هو حال موقف دعت له ظروف معينة .وعندما تجد حكومات تستفزها كلمة عابرة أو حتى مقصودة قيلت هنا أو هناك في سياق تصريح أو في ثنايا بيان كان دافع قولها القهر الواقع على حياة الناس . وتجد هذه الحكومات وقد ( حشّرت ) بكل ماتملك واوتيت من قوة للتصدي لهذا ( المارق ) الذي تجرأ وعرج بالذكر على جرح مشاعر ( الاخت الكبيرة ) .ومابين تصريح اللبناني جورج قرداحي إلى بيان اليمنيين احمد عبيد بن دغر وعبدالعزيز جباري وقت ليس بالكثير لكنه كشف الكثير من خبايا السياسة وعرى وفضح مدلولات التشدق بسيادة الحكومات واستقلالية قرارها في بلدانها .. حيث اوعزت الرياض إلى جيش طابورها التابع في لبنان واليمن إلى مهاجمة قرداحي وبن دغر وجباري على خلفية ماصدر منهم . مع أن المتابع والمتفحص لمضمون ماقال به الثلاثة كلام موضوعي وكل الناس في اليمن تطالب به بعد ان اعيتها سبع سنوات حرب التي قادت إلى أسوأ كارثة انسانية في العالم . من يكره أو يرفض وقف الحرب أكان يمني أو غير يمني , ومن لايرى أن سياسة التحالف في اليمن هي من اطالة أمد الحرب وهي من اوصلت الاوضاع في اليمن إلى هذه المرحلة من السوء . وان دولتي التحالف قد تخلتا عن التزاماتهما الاخلاقية والانسانية والرسمية . وانهما انحرفتا باجندتيهما عما استدعي التحالف من أجله من تدخل في اليمن . لقد فضحت الرياض نفسها بما مارسته من ضغوطات على حكومتي لبنان واليمن ، واصبح الذي مااشترى يتفرج .. وعملت دعاية مجانية لقرداحي وبن دغر وجباري ، ولو أنها أحسنت التصرف وتعاملت مع الموضوع بلامبالاة ونوع من الأهمال ، لكان مر مرور الكرام ,ولن تثير تلك التصريح والبيان أي ردود فعل وتعاطف أو تاييد مع اصحابها .. فمن غير المعقول أن يصل الحد أن تشترط الرياض استقبال الرئيس الفرنسي ماكرون باحضار استقالة قرداحي بيده ، ومن غير المنطقي أن تكتب الرياض بيانات منافية لبيان بن دغر / جباري وتذيلها باسماء هيئة رئاسة مجلس النواب ونائبا رئيس مجلس الشورى ، وغيرهما من الجهات الرسمية اليمنية ، والاشد غرابة أن تعمل بيانا باسم الحكومة .. وبذلك وكما قالت العرب أيضا الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده . . ومن الملاحظ أن ردة فعل السعودية قد زادت عن حدها تجاه تصريحات جورج قرداحي التي قالها في وقت سابق لتوليه وزارة الإعلام اللبنانية وبيان احمد عبيد بن دغر وعبدالعزيز جباري الذي اعلناه تحت دافع الاحساس لمعاناة الشعب اليمني بغض النظر عن نيتهما ، ولذلك جاءت النتيجة عكسية على السعودية ولم تتوقعها ، ووضعتها في موقف متقزم أمام دول وشعوب عديدة .
فضل مبارك 4/12/21
