آخر تحديث :الإثنين-13 مايو 2024-05:20م

وداعاً أبا صلاح

الخميس - 02 ديسمبر 2021 - الساعة 01:46 م

محمد أحمد بالفخر
بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


كلما فتحت صفحة الفيسبوك في السنتين الأخيرة أجد أخبار الوفيات هي الأكثر وبشكل يومي اسأل الله لهم الرحمة والمغفرة جميعاً، فجر يوم الأربعاء الماضي أول منشور ظهر أمامي من صفحة الأخ سعيد سالم عسكر يخبرنا فيه بوفاة والده الحبيب سالم سعيد عسكر (أبو صلاح) رحمه الله،

واسأل الله العلي العظيم أن يرزقه الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ووالدينا ووالديكم وجميع المسلمين،

وأبو صلاح رحمه الله من أبناء مدينة حوره بمحافظة حضرموت ولِدَ فيها وغادرها صغيراً كغيره من أبناء حضرموت وكانت المملكة العربية السعودية وجهته طلباً للرزق والحياة الكريمة فثابر واجتهد وفتح الله عليه أبواب الرزق الحلال،

 طاف كثير من البلدان في مشارق الأرض ومغاربها 

 لكن بقيت حضرموت في حنايا قلبه حباَ ووفاءً وشغفاً بها متابعاً لأخبارها يحدوه الأمل بأن الله سيهيئ لها في يوم من الأيام من يسير بها الى بر الأمان ويقودها الى الاستقرار والتنمية وحينها سيحط أبناؤها عصى الترحال، وكأنّ لسان حاله يقول:

أعشق أنا قريتي واعشق هواها

ما يطيب لي العيش في قرية سواها

حب الوطن حب يجري في فؤادي

وفي عروقي كما تجري دماها.

 

زياراته الى البلاد متكررة ولم تنقطع وخاصة مع بدايات الانفتاح البسيط الذي لمسته البلد في عهد الرئيس علي ناصر محمد، وكان يحث أقرانه المغتربين على أن لا يقطعوا صلتهم بالبلد مهما كان من يحكمها ودرجة السوء التي بلغته على أيديهم، ويطالب المقتدرين الاهتمام بمناطقهم وبالذات في المجال الاجتماعي،

ومن حبه لبلاده ورغم مشاغله التجارية رأيته ذات يوم في عام 1984م حاضرا في مباريات منتخب جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في البطولة الآسيوية للشباب في مدينة الدمام،

ونجده دائماً في كل جلساته محاوراً للشباب الصغار موجهاً وناصحاً، وكانت الابتسامة لا تفارقه والمرح الدائم في كل أحاديثه،

انتقل أبو صلاح الى رحمة الله ولم يبكِ عليه أبناؤه والمقربون اليه فقط بل كثيرٌ من الأرامل والأيتام الذين كان يُحسن إليهم وبكته حلقات التحفيظ وروادها وسيحزن على فراقه جامع الشهيد احمد ياسين الذي بناه على نفقته الخاصة والذي يُعدُّ معلماً من معالم ربوة المهندسين بمدينة المكلا،

ستحزن عليه النخوة والمروءة لأنه كان من السباقين في مد يد العون لكل من أتى اليه وعرف بمشكلته أو احتياجه فغالبا لا يرده خائبا وكان عنواناً للكرم والجود في كل مناسبة،

رحمك الله أبا صلاح واسأل الله أن يجعل ما قدمت في ميزان حسناتك وجمعنا الله واياك ووالدينا في جنات النعيم،

قد أكون خصصت المقال لذكر هذه الشخصية الحضرمية وقد تكون من المغمورين لدى البعض ولكنه ومثله الكثير من الشخصيات سواء في حضرموت أو غيرها من أصحاب الأيادي البيضاء وممن لهم من الفضائل والمكارم في كافة أعمال البر والإحسان وفي شتى المجالات هم بكل تأكيد مذكورون عند المولى سبحانه وتعالى، لكن لا يعرفهم الكثير من الناس لأنهم لا تتابعهم كاميرات التصوير ولا يسير حواليهم حملة المباخر،

وكم قد خطر ببالي وتمنيت لو أنني شغلت نفسي بذلك

وهو العمل على موسوعة للأعمال والمشاريع الخيرية التي أقيمت في حضرموت والتي غطت عجز الدولة من خلال الرجال الخيرين سواء من كان منهم معلوماً أو من أراد ان لا يذكر اسمه،

وهذه المشاريع ماهي إلا امتداداً لما قام به اسلافنا الأوائل من وقف خير أموالهم في سبيل الله في كثير من احتياجات المجتمع في ذلك الزمان،

فهنيئا للسابقين واللاحقين بأجر عظيم من رب العالمين.