آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-02:59ص

كارثة الرئيس

الخميس - 02 ديسمبر 2021 - الساعة 11:43 ص

جمال لقم
بقلم: جمال لقم
- ارشيف الكاتب


بوتيرته العالية التي يتحرك بها الدولار حالياً فوصوله للألفية الثانية مقابل الريال اليمني لن يكون بعيداً ، و كلما زادت سرعته لبلوغ القمة مقابل أنهيار ريالنا زادت السرعة لبلوغ المواطن اليمني الغلبان بإتجاه كارثة المجاعة و الموت جوعاً ، مالم تحدث مفاجأة او معجزة من السماء تنقذه و نسأل الله تعالى التعجيل بها ..

 سأقص لفخامة الرئيس قصة حقيقية لجانب من معاناة المواطن هذه الأيام بعد التدهور في سعر العملة و أرتفاع أسعار الغذاء و الوقود ، فقد ربما تصل إلى فخامته لعل و عسى .. فقبل أيام في مدينة لودر ، خرج احد المواطنين باكراً من منزله ، باحثاً عن عمل يستطيع من خلاله توفير قوت يومه له و لأسرته ، و لم يجد أمامه الا مشاركة آخرين في تفريغ حمولة قاطرة من الأسمنت لأحد تجار المدينة ، أنهئ عمله ذاك مع رفاقه في وقت الظهيرة ، و بالمقابل الذي حصل عليه نظير ذلك  فقد أشترى الكيلو او الكيلوين أرز و بعض الحاجيات ، و لأن كمية الأرز قليلة فقد تم وضعها في أكياس بلاستيكية (علاقي) ، ورغم قلتها و رغم التعب و الأعياء و منظر جسده و ملابسه التي الملطخة ببقايا مادة الأسمنت ، الا أنه كان مبتهجاً و مسروراً و راضياً كونه قد أستطاع توفير قوت ذلك اليوم لأسرته ، و بينما كان ماشياً في احد الشوارع عائداً إلى منزله ، لسوء حظه فقد أرتطمت (علاقية) الأرز بأحد وصال الحديد البارزة لأحد المركبات المتوقفة في الشارع ، ممزقة علاقيته و تناثرت حبيبات الأرز على الأرض مختلطة بالأتربة ، كانت صدمة كبيرة بالنسبة له ، ضياع وقت و جهد ، كان ينظر إلى تلك الحبيبات و كأنه ينظر إلى حبيبات لؤلؤ تضيع و تذهب منه أمام عينيه .. خارت قواه ، و كانت قطرات من الدمع تنزلق من عينيه خلسة رغم محاولة منعها و أخفائها .. أنهد حيله و سقط على الأرض أخيراً .. و كانت هناك أفواه وبطون خاوية تترقب الطريق ، منتظرة ما سيسد رمقها ، و يضمن عيشها و بقائها إلى يوم آخر ..

   تلك واحدة من معاناة المواطنين و هناك آلاف من القصص و المعاناة التي يعانيها المواطن اليمني ..

 لم يحدث أن حدثت مجاعة في اليمن الا في عهد حكم الإمام و حكم هادي ، حدثت في حكم الإمام و كانت الناس تهرب من منطقة إلى أخرى هرباً من الجوع و المرض و يقتاتون أوراق الشجر و جلود الحيوانات ، و مع ذلك كان الإمام يصر على ظلمهم و مصادرة أراضيهم و حقوقهم ..

 في عهد هادي و في ظل تدهورت العملة و غلاء الأسعار ، بات اغلب اليمنيين يعتمدون في غذائهم على ما توفره المنظمات الدولية رغم عدم صلاحيته الآدمية ، و مع ذلك فهادي لايزال يحافظ على شلة الفاسدين في الحكومة و شلة الفاسدين و المضاربين بالعملة في البنك المركزي .. نشاهد يومياً مئات الصور التي تنشر لأطفال و نساء تبحث في مكبات القمامة لتحصل على بقايا و فضلات طعام ، و في المقابل نشاهد صور أخرى لحفلات مسؤولين و أعضاء و سفراء في الحكومة ممن يتواجدون في الخارج و هم يقيمون الحفلات و الولائم و البذخ المصاحب لها ، و مع ذلك فهادي يحتفظ بآلاف منهم رغم عدم الحاجة لهم و عبئهم الكبير على ميزانية الدولة و قوت الشعب .. مواطنون مرضى يموتون كل يوم لعدم قدرتهم على شراء أدويتهم و مع ذلك فهادي يصرف الملايين من الدولارات كعلاجات و مصاريف عمليات بواسير المؤخرة لأعضاء و مسؤولين في حكومته أو لعمليات شد وجه أو شفط دهون كروش ناشطات مطبلات لشرعيته .. لم يعد طلابنا يستطيعون الوصول و الإنتظام للدراسة في مدارسهم و كلياتهم جراء أرتفاع أسعار الوقود و أجرة النقل و المواصلات ، و مع هذا فهادي يصرف آلاف التذاكر و بدل السفر لأبناء مسؤولي حكومته في الخارج .. كل شى ينهار كل يوم و في كل ساعة و مع ذلك فهادي يصوم عن الكلام و يلتزم الصمت و لا يحرك ساكناً ..

 لا تحدثوني عن المبررات و عن المليشيات و عن التحالف و نظرية المؤامرة ، لأنني هنا لا أتحدث من باب المكايدة .. فأنا هنا أتحدث إلى رئيس الدولة و ولي أمر الشعب ..

 اذا حدث أن تخطى الدولار ألفيته اليمنية الثانية و الرئيس لم يمت او يقدم إستقالته او لم يتخذ أي تدابير عاجلة لإنقاذ الشعب من المجاعة و الكارثة ، فيعني ذلك أنها كارثة الرئيس لمواطنيه و وطنه او أنه الرئيس الكارثة على الوطن و المواطن