آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-01:37ص

إذا خصمك القاضي من تقاضي !

الإثنين - 29 نوفمبر 2021 - الساعة 06:44 م

د. الخضر عبدالله
بقلم: د. الخضر عبدالله
- ارشيف الكاتب


هذا المثل الشعبي  ينطبق على من يحاول أن يصل إلى حق أو إلى طموح معين أو إلى قضيه يأمل أن يكسبها وكل الدلائل تؤكد أحقيته في الأمر ومع ذلك يذهب الأمر والحكم إلى شخص آخر بسبب قربه او وساطته من مدير الأمن او القاضي أو أن صاحب الحكم في الأمر هو الخصم الذي سيكون في هذه الحالة حريصا على منع الحق من صاحب الحق، ولهذا ليس له إلا هذا المثل الشعبي الدارج الذي يدل على الاستسلام وعدم المحاولة لأن الخصم هو القاضي وبالتالي لاداعي لمقاضاته لأن الحكم معروف سلفاً.
ومن البديهيات ان وجود أجهزة الأمن والقضاء أداة تحقيق الحق و صمام الأمان لحماية الحقوق وحفظ الممتلكات وردع المعتدين وضمان الاستقرار، وتعتبر ملاذ المظلومين ومنتهى الخائفين وزورق نجاة الضعفاء ولكن إذا كان خصمك مدير الأمن والقاضي من  تقاضي؟ 
فحين تسأل مدير أمن أو عضو نيابة أو قاضي لماذا كان حكمك جائرا؟ ولماذا تؤلب الآخرين لتأييد حكمك؟ فيجيب قائلا:" إني أطبق القانون, وإذا سألته: هل ترضى أن يطبق عليك أو على أحد أقربائك مثل هذا الحكم , فسيقول لك بتسرع ودون تفكير – نعم – لكن هذا الرد على المستويين النظري والانفعالي , إلا أنه على مستوى الواقع فيتجرد من كل النظريات ويرمي بها عرض الحائط ويتوسل ويتوسط حتى بالشيطان ويقدم المبررات الإنسانية وغير الإنسانية لئلا يتضرر من يحب. 
عزيزي القارئ .. ان ظلم البشر للبشر عبر التاريخ الإنساني كان الدافع وراءه الشعور بنشوة الانتصار والسلطة وجنون العظمة والتسلط والعدوان وعادة ما يصدر ذلك الظلم من أناس يعانون اضطرابات متعددة في أنماط وسمات شخصياتهم نتيجة لصدمات تعرضوا لها في مراحل عمرهم مما حولهم إلى فئات من البشر حاقدة وعدوانية, لم يتيحوا لأنفسهم الفرصة  لأن يمارسوا إنسانيتهم في أن يكونوا أكثر رحمة وتسامحاً ورأفة بالأخرين . 
فعندما يظلم الإنسان الإنسان ويقسو عليه فأنه يتجرد من إنسانيته التي خلقه الله عليها فكل إنسان يخلق على الفطرة السوية وليس هناك من ولد مجرما أو لديه نزعات الشر والعدوان والكراهية .
فيجب على من يترأس أجهزة القضاء والأمن إقامة العدل والمساواة حتى  يتم اللجوء إليه وإلى الجهات المختصة لرفع الظلم وإعادة الحقوق لأصحابها، لأن ميزان العدل قائم بين المتخاصمين والمتنازعين، يقتص من الظالم والمستبد وينصف المظلوم وإذا ما اهتز النظام الأمني و القضائي فإن المجتمع بكل طبقاته سيهتز ويسقط أخلاقياً واجتماعياً ويصبح قانون الغاب هو المسيطر على المجتمع .