آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-06:40ص

ماذا بقي من المبادرة الخليجية في ذكراها العاشرة؟

الجمعة - 26 نوفمبر 2021 - الساعة 03:14 م

لطفي فؤاد نعمان
بقلم: لطفي فؤاد نعمان
- ارشيف الكاتب


انقضت عشر سنين على توقيع "اتفاق الرياض اليمني الأول": المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، يوم 23 نوفمبر 2011م، ساعة انطلقت كلمة تنفيس غاضبة بعد تذكير استفز ضحكة ساخرة أثناء التوقيع، أعقبتها دعوة مخلصة إلى "إزالة أحقاد تستنبت العداء" ولم تلقَ أذناً صاغية!

وقّع الساسة اليمنيون على المبادرة بوصفها خارطة طريق، لكن معظم الموقعين عليها والمستفيدين منها شقوا طريق الوقوع في "الأخدود اليمني الجديد".

حاولت المبادرة وآليتها التنفيذية بصياغة مشتركة، يمنياً وإقليمياً ودولياً، إنقاذ الوضع اليمني من التردي، لكن تواضع القدرات السياسية على ما يبدو لم يتيسر بها الترقي إلى مستوى الإنفاذ المأمول للمبادرة على نحوٍ يحول دون وصول اليمنيين وجوارهم الإقليمي إلى ما وصلوا إليه من حالٍ مقلق من مطلع فجر "اليمننة". بل إن بعضاً منهم استفاد من بنود المبادرة لتحقيق "طموحات" البقاء واستمرار الوجود، ملتقياً في الوقت عينه مع "جموحات" إثبات الوجود. وبات واضحاً أن لفيفاً من الساسة اليمنيين -كغيرهم من ساسة الدول المضطربة- يفضلون الاستمرار في المشكلة على المضي صوب حل المشكلة. فنَجَمَ عن ذلك وضع مغاير لأغراض المبادرة الراغبة بعبور جميع اليمنيين مضيق الأزمة إلى محيط الحل.

لقد لبَّت المبادرة الخليجية تطلعات التغيير وفتحت أبواب شراكة يمنية واسعة، برغم ما قوبلت به من مباشرة رفض ممن انخرطوا في إنفاذها بتطبيق آليتها التنفيذية التي نصت على انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل وأشركت في أعمالها مختلف أطياف القوى اليمنية ذات الخلفيات المتنوعة والروابط الخارجية المتعددة، وتحديداً من صارت مشاركتهم شَركاً وفخاً وقعَ فيه مَن وقع مِن الوجوه السياسية والأصوات الإعلامية الذين برزوا كواجهة مقبولة لجماعة أنصار الله (الحوثيون)، ومن تلك الوجوه من كَفَّر متطرفو الجماعة منهجه البنّاء للرؤى التوافقية، ومنهم من كَفَر بها وبسلوكياتها المقيتة حين "قلبت ظَهْر المَجَنْ" وظَهَرَ التطرف المجنون.

تلك التطورات المفاجئة خلال السنة الثالثة من نفاذ المبادرة، كانت باعثاً على تعيين أول مبعوث لأمين عام مجلس تعاون دول الخليج العربية (الفريق د. صالح القنيعير) سبتمبر 2014م، بعد سنين من تأسيس بعثة مجلس التعاون الخليجي إلى اليمن (برئاسة السفير م. سعد العريفي) لمتابعة تنفيذ المبادرة والتهيئة للمشاريع التنموية (أكتوبر 2012م)، وبعد بروز جهات مراقبة تنفيذ المبادرة من قبل بعض المتنازعين وقتها، وأيضاً من ذوي توجهات مدنية لم يكُ لهم ناقة أو جمل في النزاع فلم يقتحموا "حَلَبة" الحوار أو يذوقوا مع مغتنمي المبادرة "الحُلبة: الوجبة اليمنية الشهيرة"، من بشراهة فجة -وتحت مسمى "السلم والشراكة الوطنية"- سلبوا إمكانية الوصول إلى خاتمة المطاف وبر الأمان اليمني.

بتلاشي صدق وحُسن النوايا، لم يحَسُن أو يُحسم تنفيذ المبادرة، وبطبيعة الحال ما كان لأشقاء وأصدقاء اليمن، أن يكونوا أكثر يمنيةً من أبناء اليمن، كما لن ولم يتعدَ جهدهم حد النصح الأخوي والتنبيه الدبلوماسي لذوي القرار في "بلدٍ سيدٍ حر مستقل"، مهما بلغ عمق العلاقات وتضخمت المخاوف الأمنية والإقليمية من تدهور الوضع اليمني وتأثيره على محيطه.

مع هذا وبعد عشر سنين من توقيع المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية لم تَزَل -ولم تُزَل بعد- من مرجعيات حل "اليمننة"، ولم يتجاوزها واقع الحال ولا تطوراته ولا "تدهوراته"، وستبقى تنتظر إتمام بقية البنود المعلقة كونها تشكل منهاج عمل لما بعد توقف الحرب بنفاذ "دستور اليمن الجديد".. ليغدو المرجع الوحيد والبديل عن كل المرجعيات، متى ما التقط "اليمنيون" الفرصة بروح الوطنية اليمنية الواعية والمنفتحة على جميع الأشقاء والأصدقاء، واستجابوا لكل دعوات ومبادرات السلام لليمن.