آخر تحديث :الأربعاء-22 مايو 2024-03:03م

يتسأل الكثيرون ما سبب تحول القادة الامنيين إلى ناهبي أراضي؟

الإثنين - 22 نوفمبر 2021 - الساعة 12:00 ص

ناصر بن لزرق
بقلم: ناصر بن لزرق
- ارشيف الكاتب


طبعا ما سأكتبه هنا قد لا يعجب الكثيرين ومنهم من سيراه من ناحية عنصرية أو مصالح ضيقة، وهذا شأنه.. ولكني سأكتب هنا الحقيقة ولا غيرها بكل تجرد، وما سيرد هنا بإمكانك أخي القارئ أو المتابع التأكد منه من تاريخنا والتأمل في تنوعنا الاجتماعي..

فالله سبحانه وتعالى قد سمى نفسه العدل والعدل يشمل أموراً كثيرة جدا منها العدل في التوازن الاجتماعي، فهذا التوازن تواصل دورة الحياة مشوارها، وفي حال الإخلال بهذا التوازن يحدث الاضطراب والتأرجح والإخلال.. 

فمن يتأمل مجتمعنا الجنوبي ويأخذه بنوع من الفهم والعقلانية - في سابقه وحاضره - سيجده كان ذا توازن اجتماعي متناسق جدا، ولو أنه كانت تحدث فيه الكثير من الاختلالات والتوازنات، وهي من كانت تأخذه الاضطرابات والتأرجحات.. 

ومن وجه نظري المتواضعة أن التوازن الاجتماعي الذي كان نستطيع استخلاصه في عدة أمور منها مثلا أبناء يافع قد وهبهم الله سبحانه وتعالى ميزة التجارة وحب الاغتراب وتنمية العقارات وتشييد القصور حتى في أعالي الجبال، وهذه ميزة جميلة وراقية، وهم فعلا يجيدونها أفضل من غيرهم بكثير، وعندما تأتي لأحدهم لإدارة مرفق أمني لا تستغرب حبه للعقار والطموح التجاري، فذلك يجري في دمه..

وأيضاً ميز الله سبحانه وتعالى أبناء الضالع بمهنة الطب والاغتراب وبالذات أبناء الشعيب، أيضا ميزهم إلى جانب ذلك، وهو جزء بسيط منهم، في الجانب العسكري، وهذا الشيء ملاحظ عليهم، ولكنهم حين وصلوا إلى الجانب الأمني توحشوا بطريقة غريبة جدا..

أما أبناء حضرموت فسلاما عليهم ألف سلام، فقد تميزوا بالذكاء والهدوء والعقل التجاري، بين البائع والمشتري يفتح الله، كذلك تميزوا بالجانب الفني والكوميدي والثقافي، وليس لهم في السياسة شيء، عائشين حياتهم نكت وضحك وفرفشة وباخمري..

وبالنسبة لأبناء لحج فقد رزقهم الله سبحانه وتعالى راحة البال والفن والغناء يعج في كل حواريها وشوارعها مختلطا بروائح البخور والفل اللحجي والقصص والحدواديت والروايات ولا هم حاسبين لأبوها حسبة.. وتجدهم يتغنون ويتمايلون على أعذب الألحان والإيقاعات، وسقاش الله يا لحج الخضيرة، سقاش الله يا لحج القمندان..

تطوف بي الذاكرة وتأبى أن تقترب من أبين لإيضاح حالها هي الأخرى، فقد لطخ سمعتها وسمعة أبنائها الحاقدون عليها وعليهم.. أبين بلاد الرؤساء، كما كان يطلق عليها سابقا..

فأبين أرض قاحلة، الفقر يسحق كل أجزائها ولا سبيل لها ولأبنائها على مر العصور سوى العسكرة ولا يجيدون غيرها، ولكن كان ولا زال يملك الكثير من أبنائها المناصب العسكرية والأمنية، ويجيدون إدارتها باقتدار، ولن يفلحوا في تجارة ولا في غربة إلا من رحم ربي منهم..

ونأتي لأبناء القبيلة والعز والكرم والنخوة أبناء شبوة التاريخ والحضارة، ويمتاز أبناؤها بالعمل في مجال المقاولات والمعدات الثقيلة، إلى جانب الغربة أيضاً، فقد اعتمد المجتمع الشبواني في أغلبه على اغتراب أبنائه لتسيير معيشتهم وحياتهم، وفيهم جزء من يجيدون الجانب العسكري، وقد شغروا الكثير من المناصب العسكرية طوال الفترات السابقة..

ولكن عندما نريد أن نتطرق إلى المهرة وأبنائها فهنا تجد التنوع والانضباط والبساطة والهدوء، ويحلون كل أمورهم بالكتمان والانصياع لكبار القوم وتقديم الولاء والطاعة لهم..

أما حال أبناء الصبيحة فهو محير فعلا تجدهم قد ألموا بكل شيء، من طب وتجارة وعلم وإعلام وقبيلة ونخوة وتقطع وإثارة، حينما تتأملهم تشعر بالأكشن خلال ثواني، لكن تأكد أنهم لن يخذلوك حينما تصدق معاهم وتوفي لهم سيقدمون أرواحهم فداء لك.

نأتي للوطن وأم المدن عدن جنة الدنيا عدن بطيبة أهلها وثقافة أبنائها وبساطتهم والحس الفكاهي الذي يعتادون عليه، هبلوا من الديش فالعلم غذاءهم والدراسة والتدريس مبتغاهم، يملكون فن الإدارة وحب عدن موجود في أنفاسهم، وفي أرواحهم.. 

ارتباطهم بهذه المدينة أسطوري ويوحي لك وأنت بينهم كأنها من ولدتهم وأرضعتهم.. تجدهم من كل حدب وصوب، ولكنهم على قلب رجل واحد.. اشتهروا بالعلم والمعرفة والفن والأدب والثقافة والبساطة هي أهم امتيازاتهم، فمهما بلغ الفرد منهم من منزلة في المجتمع يظل ذلك الذي عاش وتربى بتلك الحافة والمدينة ولايزال يسكن بنفس تلك العمارة وبنفس الشقة لا يغيرهم شيء ولا منصب ولا جاه ولا مسؤولية ولا كنوز الأرض..

المفروض ما يظهر رجال الأمن بهذا الضعف وأمام الرأي العام وأمام الشعب كافة..

فما حدث أمس الأول في اجتماع أمني معيب عليهم هذه التصرفات الغريبة والتصوير لكل شاردة وواردة.. 

هذه الأشياء تناقش في غرف مغلقة وبعقلانية لو كان لكم مثقال ذرة واحدة في إدارة  الشؤون الأمنية والعسكرية.. 

كيف سيحترمكم الخارجون عن القانون ويعملون لكم أي اعتبار وأنتم تظهرون ضعفكم وقلة حيلتكم للعلن، بل وترونه شجاعة ومصداقية؟!

أيش هذا العبط والتخلف والاستهتار، كأنكم أصحاب دكاكين أو محلات تجارية ولستم رجال أمن، ومثل هذه الاجتماعات لا تصلح للنشر إطلاقا..

باختصار إذا لا تجدون الكفاءة في أنفسكم لإدارة الملفات الأمنية فاتركوا إدارتها لمن يملكون الخبرة والكفاءة لإدارتها أو استعينوا بهم إلى جانبكم لمساعدتكم، واستبعدوا هؤلا الذين حولكم وينقلون كل ما تراه أعينهم وما تسمعه آذانهم، فإنهم لا يصلحون لمرافقتكم أو حتى مشورتكم..

 أبحثوا عن من سيعينكم ويوجهكم للأفضل وليس لنشر هذا الضعف والوهن والارتباك والانقسام.. لم ولن يكون العمل الأمني يوما من الأيام بهذه الطريقة القبيحة التي تتناولونه بها..

أقسم بالله لو أنا مكان هذا القائد العسكري ويصورني أحد التابعين لي في تصريح مقتضب أو لحظة انفعال ويبث هذا التصوير لاتخذت عليه أشد العقوبات وفصلته من السلك العسكري والأمني وقدمته لمحاكمة عسكرية ليكون عبرة لغيره، لأن لكل عمل خصوصياته وبالذات السلك الأمني لا يقبل الضعف ولا يقبل الكشف عن محتوى تلك الشخصيات التي تديره بهذه الطريقة.. 

ناصر بن لزرق