آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

خلاصة مانحن عليه اليوم

الجمعة - 19 نوفمبر 2021 - الساعة 08:23 م

مصطفى محمود
بقلم: مصطفى محمود
- ارشيف الكاتب


مازل اليمنيون بعيدين كل البعد  عن تقرير مصيرهم  والتحكم في خياراتهم  أو في الحقيقة ليس لديهم  خيارات، بل مجرد طرق إجبارية تم رسمها سابقاً 
بيد الحوثي ابرز ادوات  الفوضى الخلاقة في اليمن  وبأيادٍ إقليمية متنازعة تديرها أمريكا من الأعلى وإسرائيل من الخلف.

ليس معنى ذلك هو افتقاد الإرادة العامة بالتغيير ولا أننا مجرد عجينة تأخذ الشكل الذي يريده من يقوم بعجنها، بل معناه إن محصلة جمع القوى المؤثرة في النكبة اليمنيه  وعلى أرضها، والتي تشد كل منها الوضع باتجاهها، تساوي الصفر. وأن إرادة الشعب اليمني لم تعد في مواجهة الحوثي  وحده، بل أصبحت في مواجهة التاريخ بكل قواه الفاعلة فيه وفينا اليوم، مثلما أصبحت في مواجهة انقساماتها وتعددها وضياعها في التعدد والاختلاف.

يعيش اليمن  اليوم فصلاً من فصول جهنم  المستمر منذ ثمان  سنوات ، ويمكن تسمية هذا الفصل بفصل استواء الجحيم ، أو فصل العدمية بأكثر معانيها سلبية وفوضى وعدم اكتراث، حيث إن الحل الخلاصي المتفائل غير موجود وغير واقعي ولا قريب المنال، وحيث إن المفاضلة الواقعية المطروحة هي بين السيء والأسوأ، في غياب أي “أفضل” قابل للحياة والاستمرار والثبات والقوة.

للوهلة الأولى يمكن تبرير الاستراتيجية الأمريكية؛ التي تبدو أكثر وضوحاً اليوم مما سبق، بشكل عقلي وعقلاني، حيث أنهم لا يريدون التخلص من الحوثي   في غياب البديل القوي والمتماسك والمعتدل والقادر على حفظ مصالحهم بقوته" كما أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الذي يضعه الأمريكان في أفق حرب اليمن ، وهو الحل الذي يعني من منظورهم التفاوض بين المهزومين على تقاسم الهزيمة والبلد المدمر، لا مشكلة لديهم من حيث المبدأ في التقسيم أو الفدرالية أو الدولة المركزية، ولا مشكلة في طول الزمن وعدد القتلى والمفقودين والنازحين والمعاناة الإنسانية الناتجة عن ذلك، فالدم المراق هو “مسؤوليتنا” و”قرارنا”، بكل ما يعنيه ذلك من سفالة وانحطاط قيمي في هذا النوع من التعامل وتحميل المسؤولية، لكن من قال أن الأخلاق والإنسانية هي مهمات أمريكية فيما يخصنا، ومن قال من جهة أخرى أنهم مسؤولون عن ابتلائنا بأقذر أنواع المليشيات  في التاريخ المعاصر، فمن المعروف أن “المجرميين  يجلبون الغزاة”، كل أنواع الغزاة.

الاستواء في جهنم  يعني فيما يعنيه، أن لا فرق واسع في المدى القريب بين اسقاط الحوثي  أو بقاءه طالما أن القوى الإقليمية والدولية المؤثرة على الأرض متصارعة وحلبة الصراع اليمن ، وطالما أن موازين القوى على الأرض غير آيلة في المدى المنظور إلى انتصار ساحق لأي من المتقاتلين وداعميهم، فالموت والنزوح والتفكك والفقر جميعها مستمرة وتتمدد، ومن لا تهجّره مليشيا الحوثي  وميليشيات الانتقالي ، تهجّره الشرعيه بفسادها وافسادها  ، ومن لا تقتله ضربات الحوثي  والانتقالي  المباشرة، تقتله الصفقات والحسابات الباردة لكل من أمريكا  وإيران وروسيا والسعودية والامارات وقطر وعمان بشكل غير مباشر.

بعد قيام عاصفه الحزم  بقيادة التحالف العربي .
كنا نقول أن كل يوم يتم فيه الإسراع بالخلاص من الحوثي  هو توفير لآلاف المآسي البشرية في مجمل أنحاء اليمن  لكن اليوم بعد  ثمان سنوات من الحرب وأضمحلال حكومه الشرعيه وتعدد الفواعل السياسيه ومشاريعها ، لم يعد توفير المآسي متوقفاً على اسقاط الحوثي  وحده كنقطة مركزية في التحليل، طالما أن القوى الذاتية للجمهوريه  ليست قادرة على إزاحته بمفردها، ولامع التحالف العربي و تحول معنى الصراع تحويلاً كاملاً دون رجعة، وتنقل المسؤولية التي تتحملها الشرعيه والاحزاب اولاً ، والتحالف العربي والدول الاقليمية التي تدخلت بصمت عبر اذرع ويادي محليه ثانياً،

كل مبادرة حل في اليمن فهي منافية  للحق والعدل الضروريان بالمستويات الدنية لإقامة التعايش، هو أن مساواة القاتل بالضحية لن تنتج صلحاً حوثيا .يمنييا ولاشماليا جنوبيا ولاشماليا شماليا ولاجنوبيا جنوبيا . تحت ضغط الأمر الواقع المفروض أمريكياً، ولن تنتج اعتدالاً قابلاً للحياة عند أي من الأطراف المتصارعة، بل مزيداً من الإرهاب والإرهاب المضاد لا أكثر ولا أقل.

الجانب الأخطر من كل ما سبق فيما نرى، هو أن اليمنيون  الذين صنعوا بتضحياتهم أعظم الحضارات والفتوحات قديما  والثورات في  العصر الحديث، لا يكفون عن الابتعاد عن صناعة دولتهم أو مصيرهم القادم، بل إن مصيرهم هذا، بات مرهوناً على نحو غير مسبوق، بكل ما هو في الحقيقة ليس يمنياً ولا يعنيه شعب اليمن  ولا مصلحة اليمنيين  لا من قريب ولا من بعيد.،