آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:36م

ما لم يكن في حسبان التحالف قبل معركة الحديدة

الأربعاء - 17 نوفمبر 2021 - الساعة 11:00 ص

مصطفى ناجي
بقلم: مصطفى ناجي
- ارشيف الكاتب


أثار انسحاب القوات المناهضة للحوثيين من مشارف مدينة الحديدة ارباكاً كبيراً في المشهد الإعلامي وولد ردود أفعال متباينة قليلة منها متمسكة بالتبرير وكثيرة تعلن سخطها العالي.

ورأي المتواضع هو أن العملية العسكرية برمتها لم تكن ضمن حسابات استراتيجية ولوجستية يمنية. إنما مغامرة عسكرية قادها طرف إقليمي ضمن التحالف معتمدا على قدرته في التغطية الجوية والإسناد والإمداد جوا بحرا.

وعملية كهذه ينبغي أن تكون خاطفة وتحقق هدفا دسما (كميناء الحديدة) ثم تتفرغ لتأمين هذا المكسب الاستراتيجي بتوسيع دائرة التحصين براً طولاً وعرضاً لتأمين إمداد بري وتأسيس مرتكزات تحتوى على مستشفيات ومراكز رعاية ومنصات ادارية على امتداد الطريق وكذلك تهيئة ادارة جديدة للمنطقة التي استولت عليها.

كل هذه الترتيبات لم تكن في حساب القوات اليمنية المنخرطة. بل اخذ استقرارها وقتاً طويلا وكان في كل الأحوال بعيدا عن النقطة الهدف وبكلفة باهظة مادياً وبشرياً.

تعثرت العملية العسكرية بسبب اتفاق استوكهولم وانكشف الغطاء الجوي الذي غادر ميدان المعركة اثر انسحاب الإمارات من هذا المسرح العملياتي.

وبما أن العملية (الرمح الذهبي) لم تكن تأخذ بعين الاعتبار حماية المدنيين الذين سيصبحون تحت سيطرتها وربما (بل وهذا ما حدث) حاضنة اجتماعية هامة فإن الانسحاب أيضا لم يكن يأخذ بعين الاعتبار هذا الهدف الكبير.

كانت العملية مغامرة عسكرية صرفة لأن رجال الميدان لا يعنون الكثير لمن خطط ونفذ العملية إقليميا - في بداية العمليات كان لا بد من نقل المصابين من مشارف الحديدة الى عدن وهذا سبب خسائر بشرية كبيرة - وكذلك كان الانسحاب.

بل أن توقف العملية العسكرية قاد إلى خسائر أكبر وهي تشرذم الوحدات العسكرية التي تشكلت في عدن وانطلقت منها وكانت تسير تحت سقف إداري واحد وتأتمر في أغلبها (الوحدات السلفية القيادة) بأوامر الرئيس هادي بالاضافة الى وحدات جنوبية اخرى تملك رغبة صادقة في حربها الحوثي.

مع الوقت تشكلت قوات جديدة قطفت ثمار المعارك ولم تشارك في تكوينها. كما آلت السيطرة الى فصيل جديد وهذا خلق خلافات بينية كانت نافذة لضعف العقيدة القتالية.

القوات التي يتم تعبئتها عسكرياً ثم تتحول إلى مهام أمنية أو سياسية تفقد فاعليتها العسكرية لأنها تعمل في ميدان غير ميدان نشأتها.

يغدو الانسحاب المرتب أفضل من البقاء في خيط رفيع من السيطرة عرضة للانهيار والقطع في أي لحظة لكن ما حدث لم يكن مرتبا بما يكفي.

وربما ينبغي الآن اعادة توزيع القوات المنسحبة لتأمين ما تحت يديها من مناطق وردع هجمات الحوثيين ولتوسيع مساحة السيطرة نحو الداخل وتنتقل نحو حاضنة جديدة في تعز واب وبعض اجزاء من وصاب وريمة وتشكل مستطيلا جغرافيا متماسكا قادرا على ضخ دماء جديدة في الأفراد وتأمين التجنيد.

أتحدث هنا من زاوية استراتيجية صرفة