آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-12:56ص

ما بين معركة مارب والساحل كلام لابد ان يقال

الأحد - 14 نوفمبر 2021 - الساعة 03:17 م

د. لمياء الكندي
بقلم: د. لمياء الكندي
- ارشيف الكاتب


 

بالأمس كان الحديث ملئه الأمل والجميع يتطلع للدور الريادي الذي يفترض ان تمثله قيادات المعركة الوطنية وفق مبدا الشراكة الوطنية التي تحتم على الجميع المضي في خندق الدفاع الواحد ضد مليشيات العهر الحوثية، والتأسيس لمرحلة وفاق وطني يتجاوز عقد ومنغصات الواقع لصالح الفضاء العام الذي يفترض ان يوجه للمصالحة من اجل التحرير.

بينما كانت مارب تعيش أسوء اعتداء حوثي عليها كان المدافعون عنها يسطرون ملاحم وطنية في الفداء والتضحية لرد تلك الهجمات والتصدي لها منعا لحدوث الكارثة الكبرى التي ستفقد اليمنيين الكثير من الخسائر على حساب الأنسان والأرض والدولة والكرامة.

كانت مارب الكبيرة برجالها ومقاومتها وجيشها تتطلع لسند الأخوة ولنصرة الأبناء الجمهوريين لتكتمل حلقات الدفاع والمقاومة بمقومات التعدد والانتماء والتضحية المشتركة التي لا تمثل غير الوطن.

تمكنت الدعاية الحوثية من بث سمومها وزراعة مخاوف وواقع سقوط مارب بيد الحوثيين في أذهان الشعب، ولتهيئة كل الأسباب التي تجعل من هذا السقوط ممكننا عملت هذه الدعاية وبكل خبث على تحقيق مقاصد كبيرة تختصر وجهة المعركة الكبيرة لصالحهم،وتصوير سقوط مارب بانه اضحى اقرب اليهم من حبل الوريد وان مشائخ مارب وقادتها ورجالها واهلها متعاونون وينتظرون ساعة السفر لاستقبال جحافل الغزو الحوثي بالورود على غرار صنعاء وذمار واب وغيرها من المدن.

افشل العرادة الدعاية الحوثية والمجهود الإعلامي الحربي ولمخابراتي والعسكري الحوثي تجاه مارب، بخطاب سياسي وعقيدة وطنية مركزة مثلت  الجناح الوطني في أبعاده الجمهورية المتعددة.

كان خطاب محافظ مارب سلطان العرادة بكل ما حمل من أهداف ومضامين بمثابة الماء الذي اطفى النار الحوثية المشتعلة حول مارب واحلها إلى هشيم.

أعاد العرادة بخطابة الالتحام الشعبي والقبلي  برجال الدولة والجيش والأحزاب في محاولة لتوحيد الخطاب الجمهوري المقاوم، وشكل دافعا للدفاع والتضحية حتى النصر، كما اطمأن الناس بان مارب ما تزال بخير وانها في مأمن من مكر الحوثيين ودسائس الخونة.

كانت الأخبار التي أفادت بقدوم قوات إسناد جمهورية قادمة من الساحل الغربي،  ذات  مغزى وتأثير كبير على واقع الناس، ومسارات المعركة، ومتغيرات السياسة.

"الآن صرنا اقرب إلى النصر"، هكذا حدثنا انفسنا ونحن نشاهد مشاركة قوات من الساحل الغربي مع جيشنا الوطني ومقاومتنا في مارب، تعززت قيم النصر بعد خطاب العرادة الذي أشاد موقف طارق صالح والتمس له العذر بعد ان أشاد بموقفه في حربه ضد المليشيات في الساحل ومشاركة بعضها في مارب، كما باعد الآمال الحوثية بالنصر واظهر تعجيز لن يكون حتى ثمنا لنصرهم.

ونحن نتابع ما يحدث في مارب وما حدث في الساحل الغربي يتأكد لنا ان لا شيء يمكنه ان يغير قناعاتنا حول القيادة، إلا مقدار ما تقدمه تلك القيادة من  البسالة و التضحية  في حربها ضد العدو بغض النظر عما حققته من انتصار أو خسارة هكذا تعاملنا مع قيادة وجيش ومقاومة مأرب وأبنائها وغيرها من المناطق، وكل من انصهر معهم للدفاع عن الوطن التمسنا لهم العذر فقد كانوا مثلا للتضحية وشكلت الهزيمة لهم رادفا لمقاومة وإصرار اقوى على المضي في الحرب حتى النصر هكذا كانت النظرة الشعبية لقيادة المقاومة التي لم تتخلى على عهدها الجمهوري رغم خسرانها بعض المواقع.

كانت القناعة الشعبية في مارب وفي الجمهورية ككل تقف إلى جانب الجيش الوطني والمقاومة الوطنية والسلطة المحلية وقوات الأمن بكل تشكيلاتها في مارب، لأنها سطات وقيادات مسؤولة دافعت ببسالة وتحملت أعباء دفاع كبيره فرضتها مسارات وواقع المعركة رغم خسارتها على الأرض في بعض المناطق.

و برغم كل التحديات تمكنت هذه القيادات وتمكن هذا الجيش والمقاومة من الصمود ضد الحوثيين، فلن يؤثر سقوط بعض المواقع والمناطق على ثقتنا بهم ولن تكون الخسارة دافعا للتشكيك بهم مهما بلغت، فالأحداث رغم صعوبتها ورغم مجمل خسائرها تبين وتظهر معادن الرجال، ومعادن الرجال الذين وقفوا للدفاع عن مارب طيلة سنوات الحرب معروفة وواضحة حتى لو دخل الحوثيين لا قدر الله مارب ستظل مارب شامخة بتاريخ رجالها والمدافعون عنها، لن تنفي الخسارة في أي جبهة عن أبطالها ورجالها تضحياتهم وبطولاتهم و قدرهم ومكانتهم، ولن تجحض حقهم من الذكر والخلود، هكذا تعلمنا ان الحرب بين الحق والباطل لا تأخذ فقط بمقياس النصر والهزيمة،  ولكن بمقياس البطولة والتضحية للجانب الخاسر المدافع عن أرضه ومبادئه حتى وان انتهى به دفاعه إلى خسارة مريرة، فقد يصنع هؤلاء الصامدون رغم خسارتهم جسور مجد وصمود وتحفيز ومدد لمراحل وأجيال لا تعرف الهزيمة لاحقا.

وهذا ما دفعنا اليوم للكتابة حول مسارات معركة مارب وانسحابات الساحل الأخيرة، وهي مسألة  كنت ولا زلت أتحاشى الدخول في كلام حولها في الفترة السابقة للانسحاب الأخير أملا في وحدة الصف وتطلعا إلى بناء علاقة وطنية مشتركة ومسؤولة تمثل كل الأطراف اليمنية.

كي لا نبدو كمستثمرين في هزائمنا لصالح العدو المشترك  تحاشينا الكلام عن الأدوار المشبوهة لبعض القيادات التي وثقت ارتهانها وارتباطها بالخارج على حساب مشروعها الوطني، كنا دائما نرفض تمييز هذه القوات ونسبتها لقيادة شخصية واحدة " طارق صالح" وتصويرها كمليشيات تابعة له لا كقوة مقاومة وردع وطنية، رفضنا تكبيل القوات المشتركة بقرارات اتفاقيات دولية تجمد من دمائها الحية لصالح مشاريع التقسيم والاعتداءات الحوثية، وطالبنا بتخويل هذه القوات دورا اكبر لتقوم بواجباتها تجاه الأرض والأنسان والتاريخ الذي سيسطر للأجيال القادمة أسماء ووجوه وأحداث اليوم.

إما كقادة وأبطال مقاومون أو كعملاء وخائنون، منحنا قيادة هذه القوات الثقة وسعينا للفصل بين تاريخيها القريب من التسليم والارتهان للحوثيين وتقبلنا حضورها بيننا كمقاومين أصحاب مشروع وطني تحرري واحد يساند اليمن الجمهوري بعظمة تضحيات أبنائها.

ما المنا حقا تجاه هذه القيادة كونها جعلت من نفسها ومن الوطن فرسية للحوثيين وتخلت عن واجبها في الدفاع والتصدي والمقاومة لصالح الهزيمة غير المبررة للمرة الثانية من تاريخها وخطئها الكبير ضد اليمن ومقاومته وجمهوريته.
لقد شكل انسحاب القوات المشتركة من بعض المواقع في الساحل الغربي ما يمكن ان نصفها بالخيانة التي لن نجهد انفسنا في البحث عن أسبابها وحيثياتها ودوافعها الكامنة.
ماذا يعني ان تتخل قوات عسكرية عن مواقعها الهامة لصالح العدو وان تظهر سياسة التسليم الطوعي بدون ان يفرض العدو عليها لا حرب ولا حصار ولا أي واقع سياسي وعسكري يبرر هزيمة هذه القوات ويفسر خسارتها.

دعوا الشعب يتحدث بما يشاء ولا تمنعوا احد ان يعبر عن استيائه تجاه ما حصل تكلمنا كثيرا حول الوحدة الوطنية وأهدافها، وحول الإجماع والتوافق، وحول التسامح وتجاوز الخلافات لصالح القضاء على الحوثيين، والانتصار للوطن، لكن هناك من يسر على ان يكون بلا رصيد وطني، وبلا موقف وبلا تاريخ، لن ادعي بعد ما حدث في الساحل حكمة المثقف المستسلمة، ولن ارغم نفسي ان عيش مثالية هادمة كغيري بحجة الحفاظ على الواقع ولملمة الصف الممزق أصلا. لن أعيش تجاه ما حدث تمثيلية المحايدة والأخلاق النبيلة والتسامح القاتل الذي يميت من طاقات الشعب الحيه.

آن الأون ان نقول لمن اخطى لقد أخطأت، ولمن باع لقد بعت، ولمن خان لقد خنت، ولمن سلم المواقع خسئت، آن لنا ان نكون لسان حال الشهداء والجرحى الذين تضيع دمائهم وتضحياتهم لقاء المشاريع الرخيصة والمماحكات الأرخص في حياة سياسيو هذا البلد وأحزابه المرقعة بالتباغض والأحقاد.

ما حدث يا حضرة المثقفين والمحللين والمتحزبين والمنظرين يا حضرة الرئيس الراقد خيانة ننتظر منكم ومن وزارة الدفاع ان تشرح للشعب حيثياتها وتعلن عن محاكمة المتورطين فيها، ولا فأن الوطن كله قابل للبيع  طالما وسيضل سماسرة الدولة والجيش طلقاء يبيعون الشعب في مزادات عالم السياسة وفضائحها اللاأخلاقي.

ولا أرانا الله في موقع آخر خسارة والمجد للشرفاء من أبناء الأرض
ودمتم بخير