آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-03:36ص

أين يكمن الوجع ؟

الإثنين - 08 نوفمبر 2021 - الساعة 12:00 ص

فضل مبارك
بقلم: فضل مبارك
- ارشيف الكاتب


لم تعد الحيرة والاستغراب حاضرة في كثير مما نسمع ونقرا عنه أو نطّلع عليه من قرارات واجراءات واحكام . مثلما كان الوضع في السابق عندما يأتي قرار أو اجراء منافيا للمنطق وهو أمر نادر الحدوث ، يثير موجة ردود فعل مستهجنة وسخرية واحياناً تصل حد الضحك كتعبير عن ردة فعل .. لكن اليوم مع توالي وتعدد هذه الأفعال والاعمال فانها أصبحت تقوبل بالاهمال لعدم قدرة الناس على احصاءها ، إلا من قبل البعض بهدف تعرية جوانبها وكشف ملابساتها  
ولعل من آخر مستجدات هذه العجائب منطوق الحكم الصادر عن المحكمة  الادارية الابتدائية في الدعوى المستعجلة من جماعة من الصيارفة ( الصرافين ) ضد قرارات البنك المركزي اليمني بوقف نشاط عدد من مؤسسات ودكاكين الصرافة في عدن التي خالفت لوائح وانظمة العمل .. وفق تقارير لجان تفتيش ميدانية ، سبقها تنبيهات وخطابات ونداءات من البنك إلى أصحاب تلك المؤسسات والدكاكين بالالتزام بضوابط العمل. 
منطوق قاضي  محكمة الادارية   قضى (( بوقف نفاذ القرارات الصادرة من مقدم ضده الطلب البنك المركزي اليمني بتاريخ ١٦ و ١٨ و٢٠ من شهر اكتوبر ٢٠٢١م واعادة وضع أعمال الصرافة كما كانت قبل صدور القرارات الصادرة من مقدم ضده الطلب كاجراء وقتي وتحفظي إلى حين الفصل بالدعوى.
وتحرير مذكرة إلى مقدم ضده الطلب بتنفيذ قرارنا هذا.))
المشكلة الادهى والأمر أن منطوق الحكم استند على أساس أن اجراءات البنك بوقف نشاط هؤلاء الصرافين قد أدت إلى (( تعطيل المصالح العامة للمواطنين والتجار وترتب على تلك القرارات ضرر لحق حياة الناس وقوتهم والاقتصاد الوطني.)) وباعتبار أن اجراءات وخطوات البنك للحد من المضاربة بالعملة وضبط سوق الصرف ولجم حالة التدهور في سعر صرف العملة المحلية هي (( قرارات ادارية سلبية )) وفقا ومضمون الدعوى ونص الخبر الذي وزعته جماعة الصرافين استبشارا بهذا الحكم .
اين هي تلك المصالح العامة للمواطنين  التي عطلتها اجراءات البنك ، هل ضبط سوق الصرف ومنع المتلاعبين من رفع سعر الصرف والذي تتحدد بموجبه اسعار المواد الغذائية وباقي متطلبات حياة المواطنين ، عطل تلك المصالح أم ترك الحبل على الغارب للمتاجرين بالعملة وتصعيد الأسعار هي من فاقم معاناة المواطنين  والتضييق والشق عليهم .
واي ضرر لحق بحياة الناس من سعي البنك كجهة رسمية مختصة إلى ضبط ايقاع الصرف والحد من جشع الصرافين الذين تعطلت مصالحهم أساسا ونقصت نسب ارباحهم اليومية على حساب معاناة الناس .
وايهما أكثر ضررا على الاقتصاد الوطني أن يفتح الباب على مصراعيه للسماسرة وتجار العملة ليتصرفوا على ((  مايشتهي الوزان )) أم أن يتم الشروع من قبل البنك المركزي في اتخاذ خطوات واجراءات تعيد لهذا الاقتصاد الذي انهكته السياسات الرعناء من صناع القرار وتحالف السوء وزاد من اوجاعه شلة الصرافين الساعية لزيادة ارصدتها على حساب اوجاع الناس .
المؤكد أن قرارات البنك المركزي جاءت وفق ضوابط قانونية ومتسقة مع لوائح العمل النافذة .. ولم يكن البنك متشددا في انفاذ القانون ، بقدرما كان متساهلا إلى حد كبير ومعطيا الفرصة تلو الأخرى لأصحاب الصرافات بالعمل وفق الضوابط والابتعاد عن تكرار المخالفات وذلك لادراكه _ أي البنك _ بالوضع الحالي المعقد والمتشابك والمتشاكس وحرصا منه على عدم زيادة الاوضاع توترا طوال الفترة الماضية ، ولذلك رأى أن الأمور قد تجاوزت حدود السكوت والصبر ولابد من الأقدام على اتخاذ خطوات من شانها التصدي ووقف حالة العبث واعادة توازن الامور والحد من التلاعب بسعر العملة في اطار مصفوفة اجراءات تتكامل مع بعضها البعض لتخلق أثرا ايجابيا في قادم الايام .
خلاصة :
خبير مالي قال لي في ختام نقاش دار بيننا حول هذا الأمر :
(( لو تركتهم يعبثوا ويخالفوا القانون.. قالوا :  فاين البنك المركزي؟
وان تصديت واتخذت اجراءات لوقف العبث والمخالفات.. قالوا : البنك مخطئ ))