آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-11:21ص

أصبحنا غرباء في أرضنا

الثلاثاء - 02 نوفمبر 2021 - الساعة 12:00 ص

صالح فرج باجيده
بقلم: صالح فرج باجيده
- ارشيف الكاتب


كنا نعيش في سيئون وحضرموت بل و الجنوب بشكل عام على البساطة في التعامل، والنية الطيبة في الآخر.. حتى حضر وجاء الينا الغرباء من أصحاب مطلع حاملين معهم ثقافة بليدة بعيدة عن ثقافتنا وتربيتنا بشكل عام .. 
فقد جبلنا على الفطرة في التعامل مع الآخر بما يرضي الله ورسوله، واساس التعامل في الحضارم ولازال هو الوجل والخوف من الله سبحانه وتعالى.

لم تعرف حضرموت القات ولا تخزينه الا في عهد تولي الغرباء. ولم تكن هناك قوات عسكرية مدججة بالاطقم  والمصفحات تجوب الشوارع والازقة وتقيم النقاط إلا بعد تاريخ 7/7/1994 .. وقد كان يقف في ملاعبنا أو ساحاتنا عند أي إحتفال أو مناسبة عدد أفراد من الجنود ابناء المنطقة ولايحملون سوى هراوات بأيديهم وكانت الناس تحترم حتى البدلة التي يرتديها اولئك الجند ..

كان عسكري المرور يسعى لمنع الكارثة من خلال فرض قانون المرور لا قانون الجيوب..

لا نسمع لعلعة رصاص ولا جعجعة الدوشكا مطلقا ..

في سيئون المدينة كان صوت المدفع الوحيد الذي يسمع فقط في رمضان عند رفع أذان المغرب ايذانا بالافطار وكذلك في الأعياد والمولد النبوي .. 
كان المدفع يحتل تلة على جبل المدينة الغربي، ومن بركات الوحدة؛ تمت سرقة ذلك المدفع بهدف سرقة واقع معاش كانت تعيشه البلد واحتواء ثقافة سادت، وإيذانا بتغيير  واقع وحال البلد إلى الاسوأ..

اليوم حتى شوارع المدينة الحبيبة سيئون لم تعد تلك الشوارع النظيفة التي تسكنها ربات البيوت الحضرميات اللاتي يقمن بتنظيف ساحات بيوتهن بشكل مستمر، وتظهر المدينة وشوارعها غاية في النظافة  والمدنية، فقد اختلط اليوم الحابل بالنابل واصبحت ربات البيوت من غير الحضرميات يضاهين الحضرميات في العدد، بسبب النزوح الشديد إليها من كل حدب وصوب وخاصة انها أصبحت تغط بالنازحين من مختلف المناطق والذين يحضون بما لا يحظى به السكان الاصليين حتى في توزيع السلال الغذائية المقدمة من الأمم المتحدة، شوارع وازقة سيئون الداخلية تحولت للأسف الشديد إلى برك من القاذورات والقمائم والمياه السائبة..

الازدحام الشديد في الشوارع وخاصة في السوق العام، والعشوائية في انتشار الباعة وعرباتهم المفترشين ومستبيحي ساحات القصر الكثيري بالذات .. وفرز السيارات سطت على كل مساحة السوق وماجاوره من شوارع..

كل شئ يتغير حتى نطق بعض الكلمات من قبل الجيل الحالي الذي اختلط بالمنقولين.. وطريقة وتسريحات الشعر للشباب المقلدة للرياضيين الأجانب وغيرهم من النجوم حول العالم .. الملبس أيضا أخذ يتغير بفضل الموضات والتقليعات الجديدة المنقولة أيضا.

هل هذه سيئون التي ربّت ورعرعت الأديب الكبير علي أحمد باكثير صاحب قصيدة” أهذه سيئون ن ام جنة عدن ازلفت للمتقين“..
وهل لازال في سيئوننا اليوم شئ مما رآه فيها الأديب باكثير رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة .