آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-04:38ص

هل يحب الوطن من يقتات خبزه من المزابل؟

الأربعاء - 27 أكتوبر 2021 - الساعة 10:45 م

يحيى محمد القحطاني
بقلم: يحيى محمد القحطاني
- ارشيف الكاتب


في الوطن اليمني المنكوب من الجميع، كل النهابين والفاسدين والطبالين، يسمعوننا خطبهم الرنانة في كل أعيادهم ومناسباتهم، تدعونا إلى حب "الوطن"، والتضحية من أجل رفعة "الوطن” الصبر والجلد في السراء والضراء من أجل نصرة "الوطن"، الصبر على الجوع وعلى المرض من أجل "الوطن"، الصبر على الفساد وعلى الظلم والقهر من أجل "الوطن" النوم وقوفا من أجل أن نصحى على أحلى "وطن إسمه اليمن" .

وهكذا حال اليمنيين منذ عشرات السنين وحتى يومنا هذا، ﻻ زالوا مصابين بأمراض السياسيين، الذين يتاجرون ويترزقون "بالوطن" ينهبون خيراته ويفرغون خزينة الدولة وجيوب الشعب باسم “الوطن”، ياهؤﻻء الوطن ليست الشجر وثمارها، وليست البترول والغاز، وأموال شعب التي تهربونها، وليست الصفقات التي تتم باسمه ويجني بها "سراق الوطن والشعب" ثمار كد شعب بأكمله، بينما يقتات فيه بعض اليمنيون خبزهم من المزابل، فذلك هو الخداع والكذب بعينه .

ياهؤﻻء المشكلة ليست في الشعب اليمني، فهو شعب مسكين مغلوب على أمره ﻻ حول له وﻻ قوة، محكوم بسلطة مطلقة ظالمة وغير عادلة، ومن يتحكم بالوطن اليمني اليوم هو الفساد السياسي، الذي يكبر يوما بعد يوم، إلى جانب مافيا المال والأعمال، الذين ينهبون ثروات اليمن وتهريبها إلى الخارج، ياهؤﻻء الدولة ليست مؤمنة أو كافرة، الدولة إما فاشلة أو ناجحة، الدولة ليست فتاوى و صلوات و دعاء، الدولة مؤسسات قانون و حريات وتداول سلمي للسلطة، الدولة نظام و معارضة وليست راع و قطيع، الدولة الناجحة مهمتها إيصال لقمة العيش لأفواه الجياع، و ليس إيصال الناس إلى الجنة أو النار .

أيها المتسلطون على رقاب الشعب اليمني المظلوم قديماً وحديثاً، أنتم أكثر الناس سعيا إلى خنق الحرية، وتكبيل الكلمة الشجاعة، وتكميم الأفواه التي تنطق بالحق، والتضييق على الحرف الثائر الذي يظهر الحقيقة، ومحاصرة الرأي الحر والتعتيم عليه، وسلب واغتصاب الطموحات المبنية على أساس شريف ونزيه، بالوجاهة والنفوذ والأموال، ولكن مهما قاسينا فيه، سنبقى أبد الدهر لا نرضى بأن نجحد به وإن جرى ما جرى، ولن نتخلى عنه مهما كانت المغريات والعروض المقدمة لنا جذابة ولا تقاوم، ومن المستحيل أن نعتبر وطننا مجرد محطة عابرة نرحل منه متى ما ساءت الأمور فيه ونتركه عرضة للمخاطر الجسام ..

وبالتأكيد فإن حب الوطن اليمني، والتضحية بالنفس والمال من أجله، ﻻ يعني السكوت على ظلم الأنظمة السياسية الحاكمة، أين كانت ومهما كانت، كما أن المطالبة بالحقوق ليست مؤامرة وانفصالا عن الوطن وخيانته، والتطبيل والتضليل أيضا لا يعني الوفاء والإخلاص للوطن، وحبنا لوطننا لا يمنعنا من إدراك أنه يدار لحساب نخبة، وليس لحساب عامة المواطنين، كل ذلك لم ولن يحجم من قدراتنا على التضحية من أجله، والانصراف للبحث عن مصلحتنا الخاصة، وتنازلنا عن أشياء جد مهمة لنا مقابل أن يحيا الوطن ناهضا، ليس من الضعف في شيء بقدر ما هو نابع من حب صادق ووطنية متينة، ويبقى حب الوطن خير معين على استمرار جذوة الوطنية متوقدة، وهو من أهم الأسباب التي تجعلنا مصرين على حقنا في حياة كريمة ..

الوطن اليمني شماله وجنوبه شرقه وغربه، يئس من سياسة هؤلاء الساسة الفاشلين من قادة اﻷحزاب والجماعات، الذين ﻻيهتمون لأمن الوطن والمواطن، وﻻ يهتمون على من مات جوعا أو مرضا، أو على من مات مقتوﻻ أو مصلوبا، ياهؤﻻء الشعب يحن إلى مسئولين يمنيين أحرار يرفعون "الراس" ولا يثنون على الرذائل بإسمه، فلا خير في وطن بدون وطنية حقيقية قائمة بذاتها، وﻻ خير في وطن غير كريم بأهله، ولا آمن بأصحابه، ولا محترم بين ساسته، وطن كهذا لا عشنا ولا عاش ساسته، والشعب الذي لا يمتلك هذه الوطنية لا يساوي حتى قطيع الغنم في تماسكه وقوته، والله من وراء القصد .