آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-01:36م

الذئب الابيض والاسود

الثلاثاء - 12 أكتوبر 2021 - الساعة 12:53 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى
- ارشيف الكاتب


من المحتمل أن  الكثير منا قد سمع عن  الحكمة المقتبسة من قصة  الذئبين ، وفي هذا الوقت الذي تمر به البلاد والعباد  في اليمن لا أستطيع التفكير في استعارة أفضل من هذه القصة ، التي تقول  ان هناك معركة رهيبة في كل ثانية تدور داخل نفوس البشر ، كأنها معركة بين ذئبين : الأول أسود بالكامل وهو يمثل الأسوأ فينا : الحقد و الغيرة والغضب والكراهية والجشع والكبرياء واللامبالاة والجبن ، بينما الذئب الثاني أبيض تمامًا ويمثل  صفاتنا الحسنة: الفرح والحب والإيمان والأمل والتعاطف والتواضع ، والمعركة المميتة بينهما تبدأ بأول نفس فينا  ولا تتوقف للحظة ولا يفوز في هذه المعركة غير الذئب   "الذي نطعمه دائما ".

 

يقال ان الأمل يختبئ عند نهاية كل طريق مسدود ، و الأمل في حل الازمة اليمنية عن قريب لا يزال  بعيد جداً ، لان جميع الأطراف المتحاربة في طريق مسدود والحل بينها يختبئ  إما  خلف تسوية سياسية  او حسم عسكري ، اما تجميد الوضع الحالي لسنوات عديدة قادمة فهي جريمة ترتكبها الاطراف السياسية والعسكرية  بحق  البلد و الشعب ، الذي يمر بأزمة إنسانية غير مسبوقة ، مجاعة وحرب اجبرت أكثر من نصف السكان إلى مغادرة منازلهم ، وحالة تصاعدية من التفكك الديمغرافي والجغرافي والمذهبي  الخطير ، وهو وضع جاري الاستمرار فيه لصالح اطراف تخطط له من خارج اليمن .

 

الحرب قوضت الاقتصاد  وأصبح في حالة خراب ، والآن أكثر من 90٪ من اليمنيين  يعيشون تحت خط الفقر ،  كما دمرت الحرب مدن بأكملها و تركت  بصماتها الخطرة على العلاقات الاجتماعية في كل بيت ، واشتدت التوترات بين مكونات المجتمع  ، لذلك حاولوا  يا هؤلاء يامن اصبحتم مثل البقرة التي تنظر الى عشاء جيد من عجلها ، حاولوا التنازل عن بعض الشر والفساد  الذي فيكم ولو تدريجياً  .

 

الجميع يدرك ان من المستحيل أن يصبح المرء اماماً او قديساً بين عشية وضحاها ، لكن من الممكن أن تقول  الاطراف اليمنية المتصارعة للشر الذي فيها   "لا"  لا لبس فيه وأن تفعل ذلك بموقف رجل واحد من اجل مشروع وطني خالص بعيد عن المصالح الضيقة والاجندات الخارجية  ، افعلوها يا هؤلاء باسم الوحدة او الانفصال او الاخوة او الغرباء  او الأخوة الاعداء  لا يهم ، يكفي قتل و حروب ودمار وخراب .

 

يوجد في داخل كل شخص في العالم  صراع يشبه إلى حد بعيد صراع الذئبين ، ولكن القتال الداخلي في النفوس اليمنية بين الذئب الأبيض والأسود دائما ما يفوز فيه  الذئب الرمادي الخارجي القريب والبعيد .