آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-02:25م

ماذا يحدث في حاضرة الصهاريج ؟

الثلاثاء - 05 أكتوبر 2021 - الساعة 03:19 م

د. عوض احمد العلقمي
بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب


أما الليلة ياجدة صفية فالأمر مختلف ، ما الذي اختلف في الأمر يابني ؟ هل تعني ماحصل من اقتتال وإراقة دماء وإزهاق أرواح الأبرياء وترويع الآمنين من النساء والأطفال والشيوخ في حاضرة الصهاريج ؟ أجل ياجدتي ... ولكنني اشتم من رائحة سؤالك الإقرار بما حصل وكأن الأمر ليس فيه غرابة !!! أجل يابني فأنتم قد دأبتم على الاقتتال وظلم بعض منكم وإقصاء آخرين من ستينيات القرن المنصرم وليس من يوم أمس !!! فهذا منهجكم وذاك سلوككم منذ أن زعم آباؤكم أنهم - بعد رحيل المحتل البريطاني - سيجعلون الفاكهة تتدلى إلى نوافذ منازل المواطنين الأمر الذي سيجعل المواطن يقتطفها وهو متكئ على أريكته ..

والحقيقة أننا مذ ذاك ونحن لم نأمن من خوف ولم نطعم من جوع .... لاخلاف فيما قلتيه ياجدتي ولكن أما من أمل يتسلل إلى نفسك لإصلاح هؤلاء القوم ؟ بلى يابني هناك أمور كثيرة من شأنها إصلاح القوم غير أنها بحاجة إلى نفوس كبيرة تستطيع القيام بها ، أولم يقل حكيم الأمة :
كلما كانت النفوس كبارا ** كبرت في مقامها الأجسام
افصحي ياجدتي فإنني لم أفهم جيدا ماتعنيه !!!

اسمع يابني إن مواجهة المحتل الأجنبي ونزال الأعداء يسمونه جهادا أصغرا أما الجهاد الأكبر فهو مجاهدة النفس وإصلاح ذات البين  ، وهذا لايتأتى لأحد إلا إذا شمر الجميع عن الساعد وشد المئزر ، وأعدوا خطة بالأولويات ؛ كإصلاح أمر التعليم لأن الجيل الجاهل لايصنع إلا جهلا ، كذلك التوجه إلى غرس القيم النبيلة والمبادئ السامية في الشباب لأن الفاسد يستحيل أن يتحلى بالنزاهة أو يدرك المعاني السامية ، والمتعصب لفئة أو لمنطقة أو لمذهب أو لقبيلة أو أو أو ...  لايفهم شيئا من عظمة التكافل في صناعة  المجتمعات وبناء الأوطان ..

جدتي الحكيمة إن في قولك من الحقائق والحكم ما لايقدر بثمن غير  أنني استشعر  شيئا من الصعوبة في التطبيق ، أولا تشاطرينني هذا الرأي ياجدتي ؟ كلا يابني لايوجد أي صعوبة في الأمر ، لكن قبل أن استكمل إجابتي ، قل لي ماهي الصعوبات التي تراها في الأمر ؟ من ذلك ياجدتي أن كثيرا من شبابنا يترنح في مستنقعات الفساد من رأسه إلى أخمص قدميه ، وكذلك من التربويين من أصابهم الإحباط وغيرهم ... كفى يابني .... دعك من المرجفين والفاسدين والمحبطين وووو  وانظر إلى العظماء من أمتك ؛ كالرازي والفارابي وابن سيناء والخوارزمي وابن رشد وغيرهم ، الذين علموا العالم الفيزياء والكيمياء والطب والفلك والمنطق والفلسفة وووووو  ثم عرج بذاكرتك قليلا في أرشيف القادة الفاتحين ؛ كخالد بن الوليد والقعقاع والمثنى وعمرو بن معد يكرب وعبد الرحمن الغافقي ووووووو الذين كانوا ومازالوا وسيبقون مثالا للبطولة والفداء والنزاهة والشرف ... أولم يتم انتزاع القيادة من بعض هؤلاء بل ويتم مقاسمته حتى الحذاء من القيادات الأعلى منه ؟ ومع ذلك كله يتقبل الأمر بكل أريحية ويتحول مباشرة من آمر إلى مأمور .... لا لشيء قبل ذلك كله إلا لأنه تشرب من صغره معاني النهوض الحقيقي بأمته والإخلاص الصادق لبناء وطنه ..... ومازال من الذكور والإناث في مجتمعنا الكثير الذين يعرفون بالصدق والإخلاص والنزاهة والشرف .... فعلى مثل هؤلاء يكون المعول وفيهم يبقى الأمل ، فلاتبتئس يابني ، فالليل مهما طال فإن مآله إلى فجر ساطع .....