آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-08:34م

يا معشر التجار

الثلاثاء - 05 أكتوبر 2021 - الساعة 10:51 ص

عبدالله فيصل باصريح
بقلم: عبدالله فيصل باصريح
- ارشيف الكاتب


 روى لنا رفاعة رضي الله عنه أنه خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال: (يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً، إلا من اتقى الله وبر وصدق).

 يا معشر التجار بهذا النداء ناداء الرسول التجار، فكان نداء فيه من التحذير والترغيب ما يكفي ليكون مبدأ للتعاملات التجارية. وكان نداء عام لا يشمل المكان والزمان فحسب، بل أطلق محمد ابن عبدالله هذه الكلمات لتكون شريعة التاجر الصدوق والأمين. وكانت تلك الكلمات وما زالت هي بلسمًا لجراح الفقراء، وكلمات تُشبع الجائع وتبث في نفسه أن هذا الدين العظيم لا يسمح لتاجر أن يستغل الفرصة لينال من الفقير، 

وليس هذا فحسب فهناك مبدأ لتداول المال بين المسلمين وذلك من باب الصدقة والزكاة. كانت تلك الفترة لا يوجد غناء فاحش الثراء، بقدر ما كان هناك حاجة وجوع لاذع، والغني الذي يجد قوت أيام معدودة فقط، كان لا يوجد تمييز كثير بين الفقراء والاغنياء من حيث رفاهية العيش، وبالرغم من ذلك كله إلا أن الرسول يحذر التجار ويراقبهم ويحثهم على الصدقة والزكاة حتى تدور عجلة الحياة بين المسلمين ويتحقق التكافل الإجتماعي،

 وتتماسك المجتمعات الإسلامية؛ لأنهم يعلمون أنه لا يوجد بنك النقد الدولي ليقترضوا منه. كانت تلك الكلمات التي تصدر من قائد الأمة الإسلامية تترجم إلى أفعال، ولم تكن مجرد كلمات يتغنون بها. كانوا في فترة صعبة جداً يعصبون بطونهم بالحجر لكنهم يتصدقون! ومن يبدأ بذلك هم الصحابة رضي الله عنهم. أبي بكر الصديق رضي الله عنه يربط على بطنه بالحجارة من أجل أن يعتق رقاب المسلمين من المشركين، 

وعثمان بن عفان رضي الله عنه يتاجر مع الله ويوزع قافلة على فقراء المسلمين، وعمر بن الخطاب يسابق أبي بكر في دفع الصدقة، وتضحيات تلك النخبة من الناس لا يسعها مقال ولا كتاب، ولا يسعنا إلا أن نقول أنهم ساروا على أعظم طريق وتعاملوا بأفضل الطرق في الأزمات حتى جاءت تلك الفترة التي يقولون فيها أنثروا الطعام على رؤوس الجبال؛ لأنهم اتبعوا دستور سليم، والدستور الذي لا يبدأ من بيت الحاكم ما هو إلا كذبة تنتهي بتقادم الأيام.