آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

حتى الدمع بالعين !!

الثلاثاء - 05 أكتوبر 2021 - الساعة 10:06 ص

د. عبدالكريم الوزان
بقلم: د. عبدالكريم الوزان
- ارشيف الكاتب


" كل شيء قرضة ودين حتى الدمع بالعين " مثل شعبي عراقي في الغالب . ومعنى ( قرضة ) أي استدانة أو ( سلفة) ،  والمثل بشكل عام  يعبر عن ضرورة رد الجميل والتعامل بالاحسان ، وهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟،  وعدم نسيان أو تناسي البر والوفاء والمودة والنأي عن الجحود  سواء من خلال المواقف العملية أو  حتى من خلال المشاعر المتبادلة والظاهرة مثل دموع الحزن أو الفرح التي تذرف لأجل المقابل  .
حديثنا نخص به العراقيين خارج الوطن ممن أنعم وأغدق الله  عليهم باسم العراق في زمن مضى من نعمائه وخيراته حتى وصلوا لما هم عليه الآن من علو في العلم أو الجاه ، ونقول لهم : اذكروا عراقكم وبني جلدتكم بخير فانتم من رحم واحد هو العراق  . وهذا بلاشك يشمل كل مواطن من غير العراق تجاه وطنه.
وكم من صادح بالحق تغنى بالديار وبكاها وهو يرنو اليها وتجده يكابد العيش في احلك الظروف وأقساها  ومنهم الشاعر مفدي زكريا * :         
بلادي أحبك فوق الظنون
وأشدو بحبك في كل نادي
عشقت لأجلك كل جميل
وهمت لأجلك في كل وادي
و من هام فيك أحب الجمال
وإن لامه الغشم قال: بلادي
لأجل بلادي عصرت النجوم
وأترعت كاسي وصغت الشوادي
وأرسلت شعري يسوق الخطى
بساح الفدا يوم نادى المنادي
وأوقفت ركب الزمان طويلاً
أُسائله عن ثمود وعاد
و عن قصة المجد من عهد نوح
وهل إرم هي ذات العماد؟
فاقسم هذا الزمان يميناً
وقال: بلادي دون عناد
والأمر لايقتصر على هؤلاء فقط بل حتى على الذين خرجوا بخفي حنين ، حيث يتوجب عليهم رفع راية البلاد ولو بالكلمة او بالسلوك أو المظهر باعتبارهم سفراء لوطنهم بشكل غير مباشر أينما ارتحلوا وحلوا .  وعليهم أن يعيدوا بذاكرتهم الى حيث ترعرعوا بكنف العراق قبل أن يدنسه الغزاة والماجورون ، إنه جمجمة العرب وقلعة من قلاعها العصية ،  وسيعود باذن الله هكذا ،و (كل شيء قرضة ودين حتى الدمع بالعين)!!.  
* مفدي زكرياء  (1908-1977) شاعر الثورة الجزائرية، ومؤلف النشيد الوطني الجزائري «قسما». اسمه الشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى.