آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-06:51ص

إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي

الثلاثاء - 28 سبتمبر 2021 - الساعة 02:20 م

د. أنور الصوفي
بقلم: د. أنور الصوفي
- ارشيف الكاتب


تكاد الخدمات تنقطع عنا تمامًا، وتكاد بعض الأفواه لا تجد لقمة تسد بها جوعها، أصاب الكثير منا فقر لم نعهده في كل المراحل السياسية، ومات الكثير منا بسبب أنه لم يجد قيمة العلاج، هلكت الكثير من الأسر، وبكت العيون، وانتشر الأنين الذي كان يقض مضجع أمير المؤمنين عمر، فيا الله إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا، فقد قطعوا عنا الكهرباء ولم ننم بل لم نستطع حتى الجلوس، فلقد تصببنا عرقًا حتى كدنا أن نجف، وتفقدنا حنفية المياه، فلم نجد الماء، تلمس بعضنا بعضًا في عتمة الليل، فإن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا.

 قطعوا عنا الماء، فحفرنا الأرض لنشرب منها ماءً ملوثًا، فاغتسلنا به، وانتشرت الأمراض، بسبب تجرعنا مياهًا مالحة وملوثة، فإن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا، تراكمت علينا الهموم، والديون، وتكاثرت بؤر الحروب، ودفنا قتلانا فأنسانا موت الثاني حزننا على الأول، فإن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا.

 ما يقارب السنة والجيش والأمن بلا رواتب، فضاقت عليهم سبل المعيشة، وتكاثرت عليهم الديون، ولم يجدوا ما يأكلونه إلا الذل والهوان، والوقوف على أبواب المحلات التجارية ليستجدوهم لعل وعسى يخرجون بشيء يقيم أصلابهم، ويداوي بعض أحزانهم، فضاقت بهم الحياة، ومات الكثير منهم على قارعة الانتظار، فإن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا.

  ارتقى خطباؤنا المنابر وتحدثوا عن الحج، والوقوف بعرفة، وشرحوا وأطالوا، وأكثروا، ولكن للأسف مناسك الحج متوقفة، والمواطن يتلهف لسماع خطبة أو موعظة تبعث فيه الأمل ليعيش حتى تتحسن الأوضاع لعله يؤدي هذه الشعيرة، وهذا الركن.

كل يوم تتضاعف المعاناة، وتتراكم المآسي، ويتصارع على تراب أجسادنا هوامير الاسترزاق الذين لا هم لهم إلا جمع المال، وتعمير قصورهم على حساب معاناتنا، فتبارى القادة على سرقة رواتب أفرادهم، فأخافنا تطاولهم هذا من غضبك، فإن لم يكن بك علينا غضب  فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا.

 إلهي هل ما نحن فيه اليوم من ابتلاءات، وحروب، وجوع، ونقص معيشة، تنقية لقلوب رانت؟ وهداية لعقول تاهت؟ فإن كان ما نحن فيه، فيه تطهير لنا من كل الذنوب، ولم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا، فنعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات من أن يحيط بنا غضبك، فإننا نستطيع أن نقاوم أي شيء إلا أن يحيط بنا غضبك، فإن أحاط بنا غضبك، فهنا تنتهي كل الحيل.