آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-01:50م

إلى المحافظ البحسني.. هناك ماهو أجدى من توزيع الوكلاء على المديريات

السبت - 25 سبتمبر 2021 - الساعة 05:36 م

عبدالحكيم الجابري
بقلم: عبدالحكيم الجابري
- ارشيف الكاتب


أتابع كغيري من المهتمين من أهل حضرموت قرارات واجراءات اللواء فرج سالمين البحسني محافظ المحافظة، قائد المنطقة العسكرية الثانية، ومحاولاته إصلاح الأوضاع الادارية والمالية في المحافظة، وهو بذلك يمارس مهمته في ادارة المحافظة، ومحاولة الخروج بها من أزماتها المتشعبة، الا ان كثير من تلك القرارات ظلت تأتي بنتائج عكسية، ولا تحقق الفائدة المرجوة لاصلاح الأوضاع، لأنها أتت دون دراسات وتصورات متأنية، انما كانت انفعالية وغلب عليها الطابع العاطفي، وبالتالي لم تكن الا ردات فعل من صاحب القرار تجاه وقائع، وردات الفعل لايمكن البناء عليها لمستقبل وواقع أفضل.

منذ تعيينه استمعت لكثير من خطابات اللواء البحسني، وكذلك كلماته خلال لقاءاته مع الوكلاء ومدراء عموم الادارات الخدمية، وحتى الكلمات المعلنة في لقاءاته مع قيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظة، وهو يستعرض كثير من القضايا الحيوية، ويوجه بشأنها المسؤلين للقيام بها وتنفيذها، ولكن كل ذلك لم يؤتي حتى الآن بأي ثمر، والسبب هو ما أوضحناه سلفا، ولأن القرارات الناجحة والمثمرة تأتي فقط عندما تكون مدروسة لا ارتجالية، وعندما تتهيأ لها الظروف والامكانيات لتطبيقها على الواقع.

من القرارات التي اتخذها الأخ المحافظ مؤخرا، والتي أعدها قرار متسرع وارتجالي، جاء كردة فعل لما شهدته المكلا وعدد من مناطق الساحل من احتجاجات، وأعني هنا قراره بتوزيع الوكلاء على عدد من المديريات، وبحسب قرار التكليف ان عليهم حل مشاكل المواطنين، وتسهيل حياتهم خاصة في مجال الخدمات، مايعني قيامهم بمهام هي خارج صلاحياتهم القانونية، لأنهم بهذا التكليف يأخذون صلاحيات مدراء المديريات، وهي صلاحيات معدومة أصلا، وبالتالي يكون القرار فارغ المضمون ولن يحقق هدف.

تشديد الاخ المحافظ باستمرار على حل مشاكل المواطنين، وتسهيل حياتهم خاصة في مجال الخدمات، وتأكيده المتكرر على دور الوكلاء ومدراء عموم الادارات والمؤسسات في حل هذه المشاكل، وهذا من صلب مهامهم بل هو مبرر وجودهم في قيادة هذه الادارات والمؤسسات، ومع تأكيدي لما ورد في قرار المحافظ في الجوانب المذكورة سلفا، الا اني أتساءل هنا، ما حيلة هؤلاء المسؤولين؟!، وماهي امكانياتهم في تنفيذ ماطلبه منهم السيد المحافظ، والقيام بتلك المسؤوليات؟!، فهم مجردون من كل الصلاحيات، والسيد المحافظ يعلم كل العلم ان من يخاطبهم لاحول لهم ولاقوة، كون جميع الصلاحيات متركزة في يده هو شخصيا، فلا يستطيع وكيل او مدير عام ان يقدم خدمة لموظف لديه بدون العودة للمحافظ، فكيف به أن يخدم المواطنبن ويوفر متطلباتهم؟!.

اذا كان المدير العام لايستطيع مقابلة المحافظ الا بشق الانفس لاسباب مختلفة، فكيف يمكن لهذا المدير ان يقدم شئ وهو أصلا فاقد له؟!، الكل يعلم ان الوكلاء ومساعديهم ماهم الا مناصب صورية، تستخدم للظهور في المناسبات والاجتماعات، وان المدراء العامين ماهم الا موظفين منزوعين الصلاحيات.

اي مدير عام أو مسؤول هذا لايستطيع تقديم خدمة علاج لموظف بادارته، فما بالنا بترقيته او تكريمه بدون العودة للاخ المحافظ؟! وأي خدمة سيقدمها هذا الوكيل ان كان ممنوع عليه مساعدة رب أسرة عاطل عن العمل، أو مريض عجز عن توفير قيمة علاجه، أو مساعدة أسرة فقيرة في تسديد جزء من فاتورة الكهرباء أو الماء أو الايجار؟!.

جميع مدراء اداراتنا ومؤسساتنا الحكومية منزوعين الصلاحيات وحرية التصرف الا بالعودة للاستئذان، وهذا قتل أي تفكير لديهم للابداع، ولن يتمكن أي مسؤل من تقديم أي شئ لتطوير أداء مرفقه، ناهيك عن تلبية احتياجات المواطنين، وبالتالي تكون عملية النهوض وتحقيق تنمية شاملة غير ممكنة بل مستحيلة.

المركزية هي الداء العضال الذي ظلت تعاني منه الادارة في بلادنا، وقتلت كل ابداع عند الموظفين رؤساء ومرؤسين، ولايمكن لهذه المؤسسات أن تنهض بأدوارها وأدائها في المجتمع، في ظل القيود المفرطة التي تكبل هؤلاء المسؤلين، وتمنعهم من حرية التصرف والتفكير الابداعي.

ثقتي كبيرة في نزاهة الأخ محافظ المحافظة، وفي نواياه الحسنة ورغبته في احداث تنمية ونهضة حقيقية وشاملة في حضرموت، ولكن كل ذلك لايفيد في شئ، لأن الأوطان لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط، رغم انها مهمة، بل هي الشرط الأول لأي عمل حسن، ولكن النوايا الحسنة تحتاج لما يدعمها وييسر سبل تحقيقها على الواقع، ومن ذلك، أن تخلق مساحة كبيرة من الحرية للموظفين، وأعني بهم الوكلاء ومدراء الادارات ومسؤلي المؤسسات، لأن الحرية مع وجود الصلاحيات الكاملة بما تحددها القوانين، هي المحفز ليبدع هؤلاء المدراء والمسؤولين، وتجعل منهم قادة حقيقيون وليسوا مجرد موظفين، يقومون بأداء وظيفة روتينية، يلتزمون ويهتمون خلالها بساعات الدوام لاغير، دون أن تكون لديهم قدرة على الخلق والابداع.

ختاما، عندما يقوم المسؤولين أو المدراء العامين بنقل المشاكل الى من هو أعلى سلطة منهم، فهم بذلك يكونون مجرد مراسلين، ولا أظن محافظنا العزيز يرضى بفريقه الاداري العامل معه أن يتصفوا بهذه الصفة. وعندما ينقل هؤلاء المسؤولين والمدراء المشاكل مع مقترحات بحلها فانهم بذلك مجرد موظفين اداريين، ومثل هؤلاء لايمكن أن يقدموا شئ للمجتمع، ولكن عندما يقوم هؤلاء المسؤلين بحل المشاكل وفقا وصلاحيات واسعة، فانهم بذلك يكونون في مستوى القادة الحقيقيين، وهذه الصفة التي يجب أن يحرص محافظنا على أن تكون في جميع المسؤولين والمدراء العامين العاملين معه، لأنهم بذلك سيتمكنون من تقديم الكثير والكثير لصالح مؤسساتهم وللمجتمع، ولكن ذلك لن يتحقق الا بانهاء المركزية، واعادة الثقة للمدراء والوكلاء، من خلال منحهم الصلاحيات الكاملة وفقا والأنظمة واللوائح، وأن يكونوا مسؤلون أمامه، ومستعدين للمحاسبة والمحاكمة في حال الاخطاء او المخالفات المجرّمة قانونا.
تمنياتنا أن يعكس السيد المحافظ نواياه الطيبة هذه، واقعا ملموسا في منح الوكلاء والمدراء العامين الصلاحيات الكاملة، لينعكس ذلك في واقع المواطنين والمحافظة بشكل عام.