آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-11:23ص

حينما تنهار المبادئ..

الخميس - 23 سبتمبر 2021 - الساعة 09:39 م

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


رأيته نصف قائم من الحماس على أحد كراسي المقاهي وقد انتفخت أوداجه واحمرّت عيناه وتفتّح ثقبا منخره على مداهما الواسع حتى صار أنفه كأنف البغل .. لم يدعْ شاردة ولا واردة إلا وانهال بها على من يقاتل من أجل الأرض والعرض .. لم يدع ألقاب الخيانة ولا العمالة واللصوصية ولا الجبن والخور ولا النفاق ولا الطعن من الخلف إلا وكان لكل منها نصيب في كلامه الحارق.

جلست بقربه فلم يُلقِ لي بالاً من هول ما كان يقوله ويدعيه زوراً وبهتاناً على المقاتلين .. تحمحمت وغمغمت وفي الأخير تلخّمتُ بقوة حتى استلبتُ شيئاً من اهتمامه ..

قلت له : حسبك يا هذا !! .. هل تعي ما تقول ؟ وهل كنت بين ظهراني من يقاتلون حتى تأتي بكل ذلك الهراء القبيح وكأنك متأكد منه تمام التأكد .

 أم أنك تأخذ كل أفكارك مما تقرأه من ترهات مطابخ الظلام التي لا همّ لها إلا ضرب المقاتلين من جيشنا الوطني وإخوانهم من المقاومة الشعبية .. فأهبل الناس من عقله في أذنيه.

التفت إليّ وكلّه تساؤل .. فلم يتعوّد ذلك الأرعن أن يجد من يعارضه .. الكل يستمع إليه كأنه حكواتي يسرد قصة عنترة أو أبي زيد الهلالي .

ومن وراء نظراته البلهاء استنتجت أن الرجل لا قيمة له .. بل هو بوق من تلك الأبواق الكثيرة التي ابتليت بها مقاهينا ودككنا وقروباتنا وحتى مجالسنا الخاصة حتى أصبح المرء يدرك ألا مفرّ منهم إلا بقطع دابرهم مثلما أنا فاعل اليوم.

حاججته بكل كلمة قالها .. وبكل تفاهة تفوه بها .. ولولا الخشية من طول المقام والخوف من أن يطول المقال لأتيت بكل فرية تقيأها بما يقابلها .

 بدأ يبرطم ويغمغم ويلقي عليّ ما كان يلقيه عن أولئك القوم من الخيانة والعمالة .. فعلمت أن الجهل عيّ لا يمكن شفاؤه في أمثال هؤلاء .

 وكما قال الثائر تشي جيفارا يوماً : ( إذا استطعت أن تقنع الذباب بأن الزهور أفضل من القمامة .. حينها تستطيع أن تقنع الخونة بأن الوطن أغلى من المال ) .. وقل مثل ذلك في الحاقدين على أهل الاستقامة والطاعة .. أو الحانقين على كل من يكشف عوارهم أو ينغص عليهم أمنهم في مصالحهم ومآربهم .. أو الخائفين على مطامعهم الذاتية وأنانيتهم.

في الأخير قمت وما بي حاجة أن أسمع مزيداً مما يقول التافهون .. فهم يلاحقوننا بتفاهاتهم في كل مكان وزمان حتى نغصوا علينا عيشنا .

 فدعوت الله أن يهديهم إلى طريق الحق .. أو أن يعرفوا طريقهم إلى الجبهات كي يناصروا إخوانهم من أهل الباطل فيدرأون عنهم في ساحات الوغى كمايفعلون في مجالس القيل والقال فيكفينا الله شرهم.