آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-06:51ص

اليمن المذبوح من صنعاء الى قرطبة

السبت - 18 سبتمبر 2021 - الساعة 02:36 م

عبدالسلام القيسي
بقلم: عبدالسلام القيسي
- ارشيف الكاتب


 

 

بقي الإسلام حبيس مكة حتى قادته القدرة للخروج من مأزق قريش فتوسع بيمانية يثرب وتفسحت آفاق دعوة النبي محمد، القرشي، بالأوس والخزرج وبالأشاعرة وقضاعة وكلب.

ثم ظل حبيس المدينة وشمال الجزيرة فتوسع الإسلام بيمانية همدان وزبيد وبكل قُبُل سبأ وحمير وطار الى العراق والشام.

الى أن أراد الله له التوسع فعززه بلخم وجذام وهمدان ويحصب.. وشكلت اليمانية خطة المدن المعمورة من الكوفة إلى مصر وإلى المغرب الأقصى والمشرق الأقصى.

أصبح للإسلام دولة عليها أن تعزز وجودها في العالم المعمور، وكانت قريش مع كل قبائل العرب قليلة العدد والعدة الى أن تكاثرت باليمنيين، حيث وقد قيل عن النبي عليه الصلاة والسلام، أن اليمن هي المدد. وتوسعت يمانية الجبال الى الأندلس، وأصبحت خراسان في كنف الدولة.

يمان في المغرب ويمان في المشرق، في آسيا يمان ويمان في أوروبا، ابن المهلب في العراق وابن الأشعث ما وراء النهر، والبقية وكثرتهم في طليطلة، يمتدون من جبال الأوراس إلى جبال البرانس يمانية خالصة.

القارئ الحذق يدرك لماذا بعد توطُّد دولة الأمويين أرسلوا اليمانية الى البعيد، رفض الوليد بن عبدالملك توغل جيش الخلافة ببلاد غريبة ومنقطعة مثل الأندلس حيث يمكن أن يهلك المسلمون فلما كان غالبيتهم من يمن، وليسوا من مُضَر عصبة الخليفة، سمح لهم بالفتح، وكانوا وقود الفتح وكانوا سنوات التضحية لاستقرار وضع الأندلس باسم الخلافة فإن نجحوا نجحت الخلافة وللخلافة، وإن فشلوا وهلكوا هلكت عصبة اليمن وربحت بمهلكهم عصبية الخليفة.

أرسلتهم دار الخلافة الى باطن الفتن، في النهر وخراسان، جعلوهم طعما لحروب بلا نهاية مع الخوارج كما المهلب وولده يزيد وقتلوا بسيف الحجاج شجاع كندة، بسيف الوليد بن يزيد قتلوا خالد القسري، وبسيف الصميل بن حاتم القيسي من مضر كانت المذبحة الأولى لليمنيين في الأندلس ثم بسيف صقر قريش كانت نكبتهم بالأندلس.

فرغت اليمن من العصبية، غادرها الرجال وذوو الشجاعة وعجزت الهاشمية بالحلول محل حكم أي بلد وكانت اليمن التي آوتهم، وبدأت الهاشمية المذابح بحق اليمنيين باسم السلالة وبدأ الشطر الثاني للخلاص من اليمانية في عقر دارهم، فالأموي أهلك اليمانية عصبة الفتح، والعباسي بعصبة العجم أهلك اليمانية التي وقفت ضد العجم وتدافع عن العرب وكينونة العرب في خراسان، والعلوي أهلك اليمانية بذات أرض اليمن، والأموي الثاني في المغرب الأقصى بقرطبة أهلك اليمانية، فلكي تقوم دولة الأموي الأولى بالشام والعراق كانت اليمانية هي الضحية، ولكي تقوم دولة الأموي الثاني في أسبانيا كانت اليمانية هي الضحية، سيوف اليمانية تقيم الخلفاء كي يُقتلوا بسيوف الخلافة.

قدر لهم الموت بسيوف من نصروهم.

أقمنا الدول ليقعدونا، نصرنا الأمراء ليذبحونا، استقبلنا الهاشميين ليطردونا.

منذ فجر التأريخ، مذ منعت الإمارة عن الأوس والخزرج ومذ منعت الغنيمة عن معد كرب الزبيدي، ومذ قاتل علي بنا ولم نربح شيئا، ومذ قال معاوية للشيباني أسمعني صياحهم من حضرموت إلى دمشق ومنذ ومنذ ومنذ ومنذ ومنذ وإلى هذه اللحظة.

هل كنا أباة أم شقاة؟ يعجز العقل أن يتفتق ليصل الى الحقيقة، أغبياء أم شعورا بالنقص؟ ذٌبِح ابن الأشعث حفيد الملوك بسيف الحجاج وكأنه لم يكن الفاتح بأرواح يمنيته بلدان الشرق. وقام السكير الوليد بن يزيد بذبح خالد القسري ومَن مثل خالد في العرب والعجم ولم ترثِه صفحة من التأريخ.. والجذامي وابن الخطار واليحصبي،.!

مناجاة الخطار اليماني الأندلسي لقومه قبل المعركة للقيسية تسفّد العصور، قال لهم: نحن فتحنا هذه الجزيرة، قوم فتح، وعمّرنا هذه البلاد، قوم عمران، وهؤلاء من مضر آويناهم وفيهم جاهلية ويريدون طردنا من البلاد التي فتحها أجدادنا.. قالها كمن يبكي، وفعلا ذبحته القيسية وذبحت كامل قومه.

عتاب شيخ اليمن اليحصبي لصقر قريش ببلاط الأمير الذي سلطنته سيوف اليمانية مبكية لم يرعها أحد حقها وكيف ذبحه ابن الجارية ولم يرع ذمته له وعهده وحقه في إقامة أمويته الثانية. صرخ اليحصبي بوجه عبدالرحمن الداخل: ألمثلي يقال خسئت بل خسئت أنت فما والله لولانا وقد أتيت شريداً طريدا وقاتلت بنا القيسية لما حكمت والآن بعد أن صفا لك الأمر قربتهم وأبعدتنا، ولّيتَهم وعزلتَنا، وذلك لأنك وإياهم من مُضَر؛ فقتله.

هذه هي اليمن ذبحوها في كل بلد وعصر.