آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-10:52ص

زوار الليل .. الحر والغدرة والطفي

الإثنين - 13 سبتمبر 2021 - الساعة 12:08 ص

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


معركة ساعات الليل..

صحوت فجأة من نومي على فراشي شبه الوثير، كنت حينها مبللاً بالعرق، وكانت الظلمة تحيط بي من كل جانب، بدت غرفتي كسجن كئيب لم أعلم جهاته الأربع، وتلمست بيديّ كي أجد مصدراً للضوء لكن لا فائدة، انقطعت الكهرباء في منتصف الليل، وتركتني أتخبط في عرقي وظلمتي.

بين حين وآخر كنت أسمع صريخ بعض الصغار من داخل منازل جيراني المحيطة ببيتنا، ( أعان الله الأمهات ) كنت أدعو لجميع الأمهات بالصبر على هذه البلوى، تتلوها دعوات على من تسبب في معاناتهن المستمرة.

مضت ساعات الليل تترى، وكنت قبلها أمنّي النفس بعودة الكهرباء بعد ساعتين، مضت الساعاتان والثلاث والأربع حتى الست ولم يأتِنا من أم عمرو خبر.

تمنيت عندئذٍ لو كان لديّ رَيم واسع مثل ريم ( حمران ) الشهير، لكن للأسف لا أملك واحداً، وتوقعت أنه الوقت المناسب ليصعد هاشتاج ( ريم حمران ) قمة الترند، كوننا نتذكر الريوم في الليالي الحالكة فما بالك بليالٍ حالكة الظلام، شديدة الحر، بالغة الزرّة. ذهب ( حمران ) وذهب ريمه معه كفقاعة الصابون، ولم تذهب معاناتنا مع الكهرباء.

قال لي أحد الأصحاب أن عينيه تظل معلقة على المروحة بانتظار أن تتحرك، فتمضي الساعات والأعين معلقة ولا مجيب، بينما يرجو الآخرون مروحة الكهرباء ذات التعبئة أن تصمد ولو لدقائق أخرى لكنها بكل أسف تعلن استسلامها في وجوههم، والصامدة منها تظل تعطي قليلاً من الهواء لساعتين فقط، ثم تخبو كالموتى.

بطاريات التعبئة تنتزع منها صفة التعبئة إن كانت لا تعبئ شيئاً، وكيف لها أن تفعل والتكرار المتواصل لانقطاع التيار يمكنها من مهمتها المستحيلة، حينها ينطبق عليها القول الذائع ( فاقد الشيء لا يعطيه ).

وبين أكوام المعاناة، هم المسئولون وحدهم ينعمون بتيار مستمر ( كتيار العالِم تسلا )، أما غيرهم فتيارهم ( متردد )، ومن لا يعجبه الأمر فيتجرأ ويخرج في مظاهرة أو ينفّس عن غضبه المكبوت فجنودنا الأشاوس له بالمرصاد، وهم خير من يقضي على كل ( المخططات ) التي تستهدف النيل من أمن المحافظة وسكينتها العامة !

بالنسبة لنا فقد انتقلنا من خط ( الريان ) إلى خط ( الشحر ) ولم يتغير من حالنا شيء، بل ازددنا سوءاً عن ذي قبل، ولو بقينا كما كنّا ربما لتغير الحال، ولقد أصبح حالنا اليوم ( كالمستجير من الرمضاء بالنار ). بعد انضمامنا لركب ( سعاد الزبينة ) بات الانقطاع ساعتين بساعتين، ثم أربعَ ساعات بساعتين، ثم ستاً بساعتين، وثمان بساعتين، وأحياناً دقائق معدودة، لا برامج ثابتة، لا أوقات معلومة، بل طفي مفاجئ لا ندري مدته بالضبط بل نؤمن بتوقيته بظهر الغيب.

لن أتحدث عن خراب الثلاجات والمكيفات وخزانات التبريد وتعطل الأعمال في الورش والمعامل والمؤسسات، لأنه أمر معروف والكل اكتوى بناره وما يزال.

وبما أن بقاء الحال من المحال، فإنني أكاد أجزم أن للأزمات نهاية، فإما أن تنتهي تلك الأزمات لتظهر أزمات أخرى أشدّ منها نكاية وعذاباً، وهذا ما تعودنا عليه بفضل القيادة الحكيمة لسيادته وفخامته والتابعين لهم بإحسان، أو أن تتلاشى أزماتنا بأيدينا لنصنع واقعاً مختلفاً، لا أقول واقعاً يلبي طموحات المواطنين ذات السقف المرتفع، بل واقعاً يستحق أن يُعاش على أقل تقدير.