آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-08:25م

نشر في صحيفة اليمن اليوم بتاريخ  26 يناير 2014 .. رسالة إلى الرئيس المفترض .. لهذا نحن قلقون !!

الثلاثاء - 07 سبتمبر 2021 - الساعة 11:16 ص

سام الغباري
بقلم: سام الغباري
- ارشيف الكاتب


 
• فخامتك ..
- هل رأيت حشود أنصار الله تغزو صنعاء للمطالبة بإقالة الحكومة التي سببت لك الفشل في إدارة الدولة ؟ هل سمعت طبولها وقذائفها تدق أبواب العاصمة ؟ هل علمت أنها في "أرحب" على بعد كيلومترات قليلة من منزلك ؟
- أسئلتي لا تريد منك إجابة متهورة . فلن تستطيع فِـعل شيء و أنت مكبل بقيود "المبادرة الخليجية" التي لم يوقع عليها هؤلاء الغزاة الحوثيين . سأصفهم هكذا "الغزاة" لأن كل شيء في مناطقهم التي يسيطرون عليها لا يشكل شيئاً من مبادئ التنوع المفترضة في أي مجتمع . لقد طردوا "السلفيين" من "دماج" و أنت تتحدث مع وفود المحافظات عن الأقاليم (!!) و في إقليمهم لم يعترفوا بمن يخالفهم مذهباً و فكراً . حاصروهم في خمس حروب سابقة و شنوا عليهم حصاراً خانقاً دام أكثر من مائة يوم إلى أن تنازل شيخهم "الحجوري" بتغليب النفس على الموت و إنقاذ أصحابه الذين تاهوا في مسيرة الهجرة .
- رحل أكثر من عشرة الآف سلفي من دماج مع عائلاتهم و قُـتل مايقارب ثلاثمائة شخص في معركة مؤلمة لكل الوجود و التقارب المذهبي المفترض ، و على الجبهات الأخرى التي يسعرها الحوثيون في مختلف مناطق الشمال اليمني ينتصرون و يحققون تقدماً مدهشاً تحت غطاء مالي باذخ و إصرار عقائدي على تسمية المقاتلين بـ"المجاهدين" . و أنت يا "رئيسي" منشغل بلملمة تراث الحوار الوطني و التحرش بتركة "صالح" التي انقذتك من غضب الساحات وكبحت جماح "مستشارك العسكري" للوصول إلى كرسيك الأثير .
- هل تعي أنت و كل الذين يتخذون من الرئيس السابق و أنصاره شماعة لتقدم الحوثيين الكاسح و يوجهون إليه سبابة الإتهام بدعمهم و تسهيل حوائجهم و مغامرات تسليمهم أسلحة "تركيا" و عتاد الحرس الجمهوري السابق بأنهم جميعاً في مرمى قناصة "السيد" الذي يثير زوبعة من القلق الحقيقي على كل مقدساتنا الثورية و نظامنا الجمهوري و إرثنا التعليمي والإداري الطويل .
- نحن قلقون يا صاحب الفخامة .. قلقون من كل شيء لا يعنيك و لكنه يعنينا كثيراً . يشكل وعينا و أهميتنا و معيشتنا و كل تفاصيلنا و حياتنا أيضاً . أنت لم تعد مبالً بالوحدة . لكن أن تترك النظام الجمهوري يتقهقر مع كل ضربات الإمامة المتسخة فذلك أمر مخيف سيوصم تاريخك الرئاسي بالألم . لست أدعوك الإنتصار لبغضاء أبناء الشيخ الأحمر و غباءهم السياسي . و لا أمنحك صكاً للذهاب بجيوشك المهانة إلى أقاصي الشمال لإنتزاع نصر دموي غير واضح المعالم . لكني أدعوك لإيقاف هذا العبث و طمأنتنا على المستقبل . لا تتحدث إلينا كأحد المستغرقين في أحلام اليقظة . و لكني أدعوك لسماع ما أقوله .. فأنا قلق .. قلق للغاية :
- في فبراير 1994م خرج المتصارعون بوثيقة العهد و الإتفاق بعد نزاع على السلطة التي توحدت قبل أربعة أعوام منذ ذلك التاريخ ، و في أشهر قليلة إندلعت حرب الإنفصال و خسر معسكر الإشتراكيين كل شيء و لاذ بالشاطئ هرباً من تقدم الجيوش المتحالفة (الإسلاميون – القوات المسلحة) . كان د. محمد عبدالملك المتوكل مهندس وثيقة العهد و الإتفاق أحد الذين فروا من جحيم تلك الحرب إلى المنفى الإجباري . هذا الرجل هو أخطر ما في هذه القصة . بجانبه رفع الشاب الطامح حسين بدر الدين الحوثي من صعدة صوته عالياً لمناصرة قوات "البيض" فأودعه الرئيس السابق السجن ثم افرج عنه بعد إنتهاء الحرب بوساطة وتعهد المرحوم يحيى المتوكل  . يمكن تسمية هذا : تحالفاً إمامياً هشاً لإسقاط دولة الوحدة التي قامت على أنقاض الحلم البائس بإعادة الحكم الدستوري الملكي لليمن الذي بدأ مع اغتيال الإمام يحيى حميد الدين في 48م و سقط بعدها بأسابيع على يد وريث العرش الإمامي أحمد – النجل الأكبر للإمام المغدور- .
- تقدمت السنين و جاءت ثورة سبتمبر ثم الوحدة و وجد الدكتور العبقري أنه حامل مشروع الحكم الدستوري . ربما لأنه ليبرالي محترف لا يعنيه أمر الملكية الامامية . بل جمهورية كإيران مع بعض التحسينات التي يرعاها المذهب الزيدي هنا . شكــّــل الرجل مع آل الوزير وهم مفكرون مجتهدون حزب اتحاد القوى الشعبية الى جانب القوى الإسلامية والقبيلة التي تُعرف الان بإسم "التجمع اليمني للإصلاح" . ساهمت هذه القوى في تأجيج الخلاف بين طرفي الوحدة الرئيسيين . انضوى اتحاد القوى الشعبية "الهاشمي" في مسار القوة الاشتراكية التي كانت تمثل دولة الجنوب ، و دخل الإخوان المسلمون كحليف قوي مع دولة الشمال فقد كان لها تاريخ مليشاوي مسلح وناجح مع نظام الرئيس "الشمالي" صالح في مواجهة الجبهة الوطنية المدعومة من نظام الاشتراكيين الجنوبي أيام التشطير . وصلت ذروة الخلاف لمنتهاها و بادر الدكتور المتوكل بصياغة وثيقة الحوار الوطني المعروفة بوثيقة العهد والاتفاق لكنها سرعان ماتداعت بهزيمة الطرف الاشتراكي الذي كان يسانده حزب "المتوكل" وهو يدرك جيداً أن تنظيمه السياسي النخبوي غير قادر على التأثير في ظل سيطرة قوة واحدة على البلد .
- عاد الدكتور المتوكل بعد اعوام قليلة بتدخل الشيخ الراحل وزعيم حزب الاخوان المسلمين باليمن عبدالله الأحمر . ليبدأ من جديد !!. في احدى ليالي العام 1997م التقى اللواء يحيى المتوكل -رحمه الله- بالرئيس صالح يرافقه الشاب البرلماني عن محافظة صعدة حسين الحوثي وبعض الشباب المتحمسين لفكرة إنشاء تنظيم الشباب المؤمن كإحدى التنظيمات الدينية القائمة على المذهب الزيدي (مذهب الحكم الإمامي الرسمي) واقنعوه بدعمهم لمواجهة الفكر الاخواني والوهابي المنتشر في اليمن والذي سيشكل لاحقاً تهديداً لحكم الرئيس السابق إذا لم يواجهه فكر مضاد قادر على تحديد تأثيره . ولما كان صالح يهوى اللعب على المتناقضات وتغلبه طبائع التسامح فقد تحمس للفكرة وتحرك التنظيم الجديد في أغلب المناطق الزيدية الشمالية برعاية الدولة . كان ذلك بعد خسارة حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان) في انتخابات برلمان 1997م وانفراد المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه "صالح" بحكومة ليس فيها إئتلاف سياسي كباقي حكومات مابعد الوحدة . حينها شعر (الإخوان) بمرارة ما حدث وأنهم كانوا ورقة استخدمها الرئيس السابق للقضاء على الشريك الوحدوي الجنوبي . 
- ذهب الاخوان الى المعارضة و بدأ الدكتور المتوكل بإعادة التحالف مع الاشتراكيين الذين كانوا يبحثون عن قوة دينية مساندة في صراعهم مع الاخوان . لم تتمكن الاحزاب الهاشمية مثل (اتحاد القوى - الحق) من اسنادهم وانتهى الأمر بالتحالف مع الاخوان عبر فكرة انشاء احزاب اللقاء المشترك التي كانت امتدادً لمجلس التنسيق لاحزاب المعارضة وهي فكرة الدكتور المتوكل مع التركيز على توظيف الاخوان كقوة شعبية مواجهة المؤتمر الشعبي الحاكم . كانت تلك فكرة المتوكل وكان عرابها جارالله عمر الذي أدى مقتله لخلق (المشترك) فقد كان الأخير بحاجة لأضحية تُـسكِــت الاصوات المعارضة من تحالف الاخوان واليسار . هذه الأصوات ارتفعت بإستنكار داخل الاخوان وفي منظومة الحكم المرتبطة بهم وتفكيك الاعاقات داخل اليسار .
- وصلنا الان الى العام 2003م . انفرد المؤتمر الشعبي العام مرة أخرى بحكومة خاصة به عبر انتخابات نيابية جديدة وبقيت احزاب اللقاء المشترك في موقعها المعارض مُــحاولة بناء صفوفها ببرمجية احترافية ممنهجة وقد وجدت في أسرة الشيخ الأحمر ملاذها المأمول لتكوين حشد قبلي مؤازر لمخططها الاحترافي للسيطرة على السلطة إلا أن حكمة الشيخ الراحل كانت تؤجل مرحلة الاصطدام والتأجيج للشارع الذي بات ضائقاً من أحواله المعيشية . وفي صعدة أيضاً مازال تنظيم الشباب المؤمن يواصل تعبئته العامة لتكوين قوة طلابية و جيش مليشاوي (زيدي) خاص به على غرار الجناح المسلح للإخوان المسلمين . و مع تزايد سلطة عائلة الرئيس السابق التي كانت تتحكم بفصيل ضخم من قوة الجيش الرسمي والأمن والمخابرات .
- إتجه اللقاء المشترك نحو الجنرال علي محسن اهم حليف استراتيجي عسكري لـ "صالح" وتضخيم أسفه على تقوية الأخير لعائلته على حساب قوته العسكرية التي باتت ضعيفة مقارنة بما يمنح للعميد احمد علي عبدالله صالح قائد قوات الحرس الجمهوري "سابقا" .
- في العام 2004م انفجرت الحرب في صعدة . وتولى الجنرال "محسن" قيادة المعركة بصورة تضمن اضعاف المستهدفين وجعلهم بؤرة دائمة لإشغال الرئيس السابق وعدم استمراره في مهمة ازاحة النفوذ الاخواني وإبقاءه رهينة قوتهم الدعائية والمليشاوية .
- لن اسهب كثيرا في سرد الوقائع السابقة . فتزاحم السيئات وانشطار التعاون الخفي والظاهر داخلياً وخارجياً مع مظلومية (الحوثيين شمالا والحراكيين جنوباً) اوصل البلد و قيادة الدولة لمرحلة الانسداد الفعلي وسط موجة هائلة من الدعاية الموجهة لتحفيز الرأي العام اليمني بضرورة التغيير و في المنتصف كان الدكتور المتوكل يتحدث عن الليبرالية والحقوق موجهاً احزاب المشترك بتصورات اوصلتهم الى الفراغ .  بلغ الصراع مع موجة الربيع العربي الذي عصف بكل شئ . و كان خروج التنظيم الاخواني الى الشارع للسيطرة على احتجاجات الكثير من الناس فعالاً . اضافة الى التداعيات التي كانت تتوقع انهاء حكم عائلة "صالح" جذرياً والانقضاض على تركته من رجاله السابقين الذين هربوا الى الخيام مع عاصفة الموت في جمعة 18مارس 2011م .
- بعد أشهر قليلة تعرض "الرئيس" ونظامه لهجوم صاروخي مدمر خلال تأديتهم لصلاة الجمعة في جامع النهدين بدار الرئاسة . قُتل كثير و نجا "صالح" بأعجوبة . فتغيرت المعادلة السياسية برمتها . صار الرجل الجريح متمتعاً بقوة افضل من سابقها على الصعيد الشعبي و تماسك حزبه الحاكم و ظل مسيطرا على المشهد العام المناوئ لاحتجاجات الربيع الثائر الذي يتزعمه "الاخوان" .
- تراجع الجمهوريون الإماميون عن موقفهم من الفوضى الاخوانية التي بدأت ملامحها تتضح في بلدان عربية أخرى مثل مصر و ليبيا وتونس التي سيطر عليها الاسلاميون الاخوان . وبعد تسليم الرئيس السابق للسلطة وانتخاب نائبه كرئيس توافقي جديد . حقق الاخوان الهدف بإزاحة رأس العائلة عن السلطة لكنهم خلقوا بضربهم للنظام اليمني ولحليفهم الاستراتيجي كيانات مسلحة اكثر قوة من وجودهم السياسي او تنظيمهم المسلح . مثل الحوثي في صعدة و الحراك في الجنوب اضافة الى تدني رصيدهم الشعبي و افاقة الرأي العام العربي على انتهازية اخوانية وقحة عصفت ببلدانهم . ولم يكن اليمن خارج هذه المعادلة .
- تنبه الاخوان للمأزق الذي وضعوا انفسهم فيه مع استمرار النجاحات السورية في القضاء على تنظيماتهم المسلحة و سقوطهم المدوي في مصر وتحولهم من حزب كان يدعو للمساواة والحرية والتنوع الى مجموعات جهادية اشبه بالعصابات المؤذية التكفيرية القاتلة .
- هنا .. صار "محسن" مستشارا . آل الشيخ الأحمر كشفوا غطاء الدولة والنفوذ عنهم . و الاخوان فشلوا في ادارة الحكومة . تفاقم الغضب الشعبي عليهم . و ضربات "الحوثيين" تقضي على وجودهم في كل موقع بشمال الشمال . الان فقط .. عرفوا جلياً أنهم صنعوا ثورة لـ "أنصار الله" وستشكل المعادلة القادمة تحالفات جديدة سيكونون فيها الحلقة الأضعف .
- بادر الدكتور المتوكل بزيارة الزعيم صالح الى منزله . واندهشت جميع القوى الثورية لهذا التصرف . لكن الزائر كان يعي موقع "الزعيم" القوي فقد كان بحاجة الى تحييده في صراع الحوثيين مع الاخوان . و تأكيد ألمه الجامح من خيانة "الاخوان" الفاجر له . وانقلابهم على سلطته وعائلته و دولته . وبالتالي انفراد "انصار الله" الذين لم يوقعوا على المبادرة الخليجية الحديث بإسم "الثورة" في ظل عودة كل رجال الرئيس السابق للحكم و تذمر العامة من خدعة "التغيير" التي كانت في الحقيقة استهدافاً شخصياً للعائلة  . كل الوجوه الحاكمة اليوم التي تدعي الثورية هي اركان الرجل السابق . وحدهم "انصار الله" الذين يتزعمهم الشاب عبدالملك الحوثي يعتبرون القوة الناشئة التي ظهرت بفضل "الثورة" . في موازاة تكلس الاحزاب وانعدام التعددية السياسية في كل المناطق اليمنية وظهور قوى جديدة مثل الحراك الجنوبي .
- الخارطة المتوفرة حالياً عصية على توقع أعمق المحللين السياسيين خبرة بمستقبل اليمن . غير أن ملامح تقدم الحوثي الجهادي غير المبرر في نهمه التوسعي على الأرض واعادة تحالفه مع جناح علي سالم البيض الذي آزره في حرب صيف 94م يشكل قوة مؤثرة اعتمدت على تحييد "صالح" من الصراع الدموي و اضعاف آل الأحمر ودك تحصيناتهم و الغاء هوية "حاشد" كقبيلة نافذة في ظل فشل شيخها الجديد من الامساك بخيوط القبيلة الحاشدية كـ آل عاطف و أبوشوارب وجليدان وغيرهم الذين يناصبون ابناء الاحمر خصومة تمنعهم من دعمهم في مواجهة المجاهدين الحوثيين . ومع افراغ الجنرال "محسن" من قوته العسكرية نسبياً بدواعي الهيكلة . تأمل " بكيل" القبيلة المواجهة لـ "حاشد" أن يسهم صراع الحوثيين مع آل الأحمر في تقويتهم قبلياً خاصة إذا عرفنا أن زعيم "بكيل" الشيخ الشائف يناصر الرئيس السابق الذي ينحدر أساساً من قبيلة "حاشد" المتهاوية .
- لماذا نحن قلقون ؟ . الأقاليم تشكل هوية جديدة لتغيير الخارطة الجغرافية في البلد . الحوثيون مصرون على تعميق هويتهم وسيطرتهم بكافة السبل و يؤسسون لجيشهم الحقيقي في اكثر من أقليم . ومنها اقليم حضرموت الذي يسيطر عليه جناح علي سالم البيض المدعوم إيرانياً مع الحوثي . و الجديد في الأمر أن الحوثيين مازالوا مسيطرين على خيام 2011م التي غادرها الجميع وبقوا بداخلها لمثل هذه الأيام التي تمكنهم من استعادة السيطرة على الشارع . غير أن بشاعة حربهم على السلفيين المسالمين شكلت وصمة عار في مسيرتهم التي يحاولون اضفاء النزاهة عليها . إلا أن ذلك لن يؤثر مستقبلا على مطامحهم الخطيرة في الوصول الى المشهد "الخميني" من داخل العاصمة صنعاء .
- هذا الأنموذج الايراني الذي مازال خياراً ناجحاً ويتبناه الحوثيين كمنهج وفكرة في مقابل فشل الانموذج التركي الذي سوق له الاخوان و أظهر فحشه و تداعيه مثيرا كراهية لا حدود لها في العالم العربي .
- القصة ليست مؤامرة انها تقنيات احترافية لإدارة صراع في ظل متاهات بلا مشاريع ..
اليمن تعيش وعي المنازع الذي ينتظر موته .. وفهم الواقع بداية لتحديد الخيار الاصوب .. لذا يجب أن يبقى المؤتمر الشعبي العام كقوة لابد من حمايتها وتدعيم وجودها وتفعيل طاقاتها . هي الاكثر نقاءً شريطة عدم وقوعها في مسارات مناهضة للحركة الوطنية شمالا وجنوباً فهي الكتلة التاريخية المختلفة التي لا يوجد امتداد معبر عنها اليوم كالمؤتمر الشعبي الذي يحتاج للإرتكاز عليها وتجديدها ويحتاج ايضاً لبناء ائتلافات متنوعة يكون هو قلبها .
− لقد سعى الاخوان بهذا الاتجاه من خلال المشترك ومن خلال فكرة الثورة الا ان الايديولوجيا والغباء السياسي جعلهم اداة في خيارات الآخرين .. المؤتمر قد يقع في الفخ نفسه الا ان طبيعة تركيبته ومشروعه التلقائي والارتباط الشعبي نتاج لما يمثله، قد يحتاج المؤتمر الى تخليق كتلة تاريخية تعيد صياغة مشروع الحركة الوطنية ليكون حاملها الموضوعي وهو المشروع الوطني الذي اسست له قوى الحركة الوطنية الناضجة في مسار الجمهورية ونضالات من اوصلونا الى نقطة تاريخية احدثت تغيير جذريا وثوريا .
- ٢٦ سبتمبر كثورة كانت التجسيد الاعلى لطموح تاريخي مختلف .. انها نقطة ارتكاز عبقرية مازالت حتى اللحظة تقاوم خنق ولادتها .. والحركة الوطنية اليمنية هي انعكاس لهذا المحور الذي ليس هناك حدث في تاريخ اليمن كله يشبهها !! .
- لست ادعو صراحة لإعادة التحالف السابق (الاسلاميون - صالح) فذلك مؤلم بالنسبة لي شخصياً لكن تحالفهما معاً انقذ الوحدة وحقق الاستقرار والبناء لدولة اليمن رغم الكثير من الملاحظات التي تنتقد سيطرة الثروة والنفوذ وتركزها في التحالف المنتصر بمعركة 94م . ليس من سبيل الان سوى التركيز على عائلة "صالح" بإعتبارها قوة شعبية محبوبة واختيار احد افرادها كقائد محوري يملك امكانية موالاة الجيش والرأي العام و معه يندفع (المؤتمر الشعبي - الاسلاميين) لجعله محور ارتكاز لانقاد مايمكن . والكف عن ممارسة الحقد الغبي على "الزعيم" في وقت يطرق (الحوثيون) أبواب صنعاء .. يطرقونها بقوة و صبر . 
- قبل عشرين عام وفي مثل هذه الأيام وقع المتصارعون اليمنيون اتفاقا ينهي ازمة السياسة والمصالح اسموه وثيقة العهد والاتفاق . سقطت الوثيقة بعد شهرين من توقيعها وصارت جزءاً من الماضي بإنتصار طرف على آخر بالقوة العسكرية . اليوم : وقع المتصارعون الجدد وثيقة الحوار الوطني ولكنها قد تصبح حبرا على ورق اذا أعلن (البيض والحوثي) أنهما على حق .
- ولهذا وأكثر نحن قلقون .
.. وإلى لقاء يتجدد .

**