هذا السؤال يطرح نفسه ضرورة في هذه المرحلة التاريخية التي يتشكل فيها التاريخ اليمني المعاصر تشكلاً جديداً.
ولمحاولة الإجابة عن السؤال نقول بحول الله:
يافع تعني عدة أمور :
١- يافع الجبل:
وهم سكان منطقة يافع الجبلية، العمق الاستراتيجي ليافع، مصدر الهجرات اليافعية.
وفي التاريخ الحديث تشكل اليافعيون في الجبل في سلطنتين: إحداهما سلطنة يافع بني قاصد، والثانية سلطنة يافع بني مالك.
، وقد كان تأسيس هاتين السلطتين ضرورة اقتضتها مقاومة الدولة القاسمية الزيدية ذات الطابع الكهنوتي العنصري القهري، ومن قبل السلطنتين كانت يافع جزءً له قيمته الكبيرة في الدولة التي تحكم اليمن السني، ومن اَخر تلك الدول الدولة الرسولية والدولة الطاهرية والدولة العثمانية، بل أن الدولة الطاهرية بحسب المصادر التاريخية تعود نسبة مؤسسيها إلى الذراخن في يافع.
٢- يافع الساحل:
وهي يافع التي امتدت من الجبل إلى الساحل المجاور لها في عدن و أبين و لحج. وقد كان ليافع وبالتحديد لكلد وآل أحمد دورًا كبيراً في إدارة ميناء عدن أيام الدولة الرسولية ثم الدولة الطاهرية، وبعد رحيل الأتراك ظهر الأمير عبد القادر اليافعي، وبعد جلاء القاسميين ظهرت السلطنة العبدلية التي أسستها أسرة نزحت من بركان في كلد بحسب مؤرخ العائلة القمندان، وأدارت ميناء عدن بالتعاون مع السلطنة العفيفية في يافع بني قاصد، وبالتعاون مع كلد المتواجدة في أبين حول حصن بن عطية الذي صار فيما بعد عاصمة السلطنة العفيفية.
٣- يافع حضرموت:
تواجد يافع في حضرموت قديم، من أيام سيف بن ذي يزن -بحسب المؤرخ الحضرمي محمد عبدالقادر بامطرف- فقد رحلت قبائل يافعية إلى حضرموت ضمن قبائل يمنية بغرض حمايتها في سياق مقاومة اليمنيين للأ حباش ، ويقال ليافع الحضرمية هذه (يافع التِّلد) تمييزاً لهم عن (يافع العسكر) وهم يا فعيون كثر رحلوا إلى حضرموت أيام السلطان الكبير بدر بو طويرق الكثيري الذي شكّل جيشا قوياً من مختلف المناطق، وكان ليافع النصيب الأكبر في ذلك الجيش، وبعد وفاة السلطان بوطويرق وتنازع القبائل الكثير ية في حضرموت كان ليافع حضورها الكبير في حضرموت تمثل فِى حاميات وإمارات يافعية ممتدة على مساحة حضرموت، تعززت بشكل كبير عندما استعان السلطان بدر المردوف الكثيري بيافع ضد بعض القبائل الكثير ية التي استعانت بالدولة القاسمية الزيدية، فا مدته يافع بآلاف المقاتلين، يقودهم السلطان عمر بن صالح بن هرهرة، وتمكنوا من طرد الدولة القاسمية الزيدية.
وقد توج الوجود اليافعي في حضرموت بالسلطنة القعيطية التي قدّمت لحضرموت نموذجاً مدنيا راقيا مستفاداً من طريقة سلطنة حيدر أباد في الهند، التي كان أول سلاطين السلطنة القعيطية جمعدارا فيها.
٤- يافع المهاجرة:
اليافيعون من أكثر الناس هجرة بسبب طبيعة بلادهم الجبلية القاسية، وفى الغربة تكوّنت ليافع قوَّة ناعمة عاد نفعها على يافع الوطن، وتظهر أهمية القوة الناعمة ليافع المهاجرة حين تمر يافع الوطن بظروف تاريخية هامة، ومن أبرز أمثلة تدخل قوَّة يافع الناعمة ما حصل في حضرموت حينما تعرَّض الوجود اليافعي فيها للخطر، وذلك بعد توحّد القبائل الكثيرية في حضرموت (والقبائل الكثيرية قبائل عديدة تعود نسبتها إلى حاشد الهمدانية سكنت حضرموت من زمن قديم) وكادوا أن يهزموا يافع ويقضوا على إماراتها. وهنا استعانت يافع بعمقها الاستراتيجي، وهي يافع الجبل الذين توافدوا من كل مكان، لكن الأهم من ذلك كانت القوَّة الناعمة ليافع، وكان أبرزها حينذاك ثروة الجمعدار عمر بن عوض القعيطي في ولاية حيدر أباد في الهند، وهو الذي صار فيما بعد سلطاناً على الجزء الأهم من حضرموت.
توجد قوة يافع الناعمة حالياً في بلدان عديدة ولاسيما في المملكة العربية السعودية، ودولة قطر، بل إنها في دولة قطر صارت باسمها مكوناً اجتماعياً هاماً من مكونات المجتمع القطري.
الخاتمة:
أن يافع ليست مجرَّد قبيلة صغيرة، ولم تكن قبل العصر الجمهوري سلطنة واحدة بل كانت أربع سلطنات، وليست يافع مجموعة من الشباب العسكر الذين تظن بعض المكونات والأحزاب السياسية والقوى الخارجية توظيفهم لصالحها، وليست مجموعة شباب صغار في السن من الذين لا يعرفون محوريتهم وتاريخهم يكتبون في وسائل التواصل أو يكتب بأسمائهم كلامٌ غير مسؤول.
عندما يتشكل التاريخ فيافع تحضر بحجمها الحقيقي، وآخر حضور لها -قبل مرحلة الربكة الحالية التي تمر بها يافع خصوصا والوطن بشكل عام- كان مرحلة النظام الجمهوريِ الذي ما كان ليتم بعيداً عن يافع .
حالياً نلاحظ مؤشرات مبشرة بالخير مفادها أن يافع بدأت تستعيد زمام المبادرة وتقوم بمسؤوليتها تجاه نفسها وتجاه الوطن، وسيعرف التاريخ معنى قول الأئمة الزيديين: (لولا يافع ما همينا الشوافع).
