آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-09:14ص

هل أصبح المال كل شيء في حياتنا

الأربعاء - 01 سبتمبر 2021 - الساعة 02:45 م

د. الخضر عبدالله
بقلم: د. الخضر عبدالله
- ارشيف الكاتب


يُقال عدن العرب  سمي "المال" مالاً لانه يميل بصاحبه من حياة الفقر والعوز والحرمان الى حياة الغنى والثراء.

ويقول احد الحكماء " ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺎﻝ فوق رأسك فيدفنك  ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﺟﻌﻠﻪ تحت قدميك ليرفعك

عن الأرض " .. وقد تأملت في ھذه  العبارات الجمیلة ووجدتھا فعلاً نموذجاً رائعاً ووصیة عظیمة بشأن المال والذي كاد ان يستولي على حياتنا وكاد يصبح الهاجس الأوحد لكثير من الناس والذين لم يتمكنوا من معرفة الطريقة المثلى للتعامل مع المال, ولم يعرفوا كيف يواجهون التحديات التي يوجدها المال سواء عند وفرته وسيولته او شحته وقلته , فجميع الذين يحرصون على المال ويبذلون كل طاقتهم في جمعه وتخزينه والحرص عليه حتى تشعر بأن المال تملك منهم , وأصبح في قلوبهم وملك عقولهم فأولئك يدفنهم المال مع مرور الوقت.

ويقول " روبرت أشتون" كثير من الناس يرون المال عقبة تعترض تحقيق أحلامهم ، فإذا كنت متوتراً بشأن الجوانب المالية لحياتك ، فيجب أن تبدأ بوضع ميزانية شهرية لنفسك.

أما أولئك الذين جعلوا المال في أيدهم وسيطروا على جوارحهم فعرفوا حقيقة المال وتمكنوا من تسخيره لكل ما فيه خير ونفع للبلاد والعباد, فمثل هؤلاء يصبحون رموزاً  بين الناس . إذ إن القدرة على التحكم في المال تعد نعمة عظيمة لا يملكها كثير من الأثرياء .

فالمال اليوم يمكن ان يجلب أي دواء في العالم ؛ولكنه في الوقت نفسه لا يمكن ان يقدم لصاحبه العافية , والمال يمكن أن يوفر كل الفرش الوثيرة؛ ولكنه قد لا يمكنه أن يوفر النوم الهانئ , والمال أحياناً يمكن يساهم في الحصول على  كثير من الولاءات المختلفة ؛ ولكنه لا يمكن أن يحصل على محبة القلوب الصادقة , أو القناعات المنطقية , فقد يكون المال احد أسباب السعادة , ولكنه ليس السبب الوحيد فالسعادة يمكن أن تأتي يغير المال, ومن خلال ما منحه لك المولى من نعم متعددة كالزوجة الصالحة والولد والديار وارزق المبارك, ومحبة الناس لك ,زوال الحقد والحسد من قلبك وقناعتك بما وهبه الله لك , فمن أراد ان يمتك كل شيء فقد يخسر كل شيء .

-نعم-عزيزي القارئ : إن المال حينما يميل بصاحبه من الشكر إلى الجحود، ومن التواضُع إلى الغرور، ومن اكتسابه من الوجوه المباحة وإنفاقه في الجهات المشروعة إلتي أخذت من الطُّرُق المحرَّمة، وبذله في السُبل المحظورة إذا كان الأمر كذلك، فهذا هو الذي ذمَّه الشرع الحنيف , وهو الغالب على النفوس البشرية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا، وكسبه من طيب) .

وهكذا يفعل المال بصاحبه إذا لم يشكر العطية، ويعرف حق مُعطيها، فعند ذلك تؤوب النِّعْمة إلى نقمة، والمنحة إلى محنة.