كتبت منشور عن الانسحاب الأمريكي من افغانستان، فسألني احدهم هل تتوقع أن يعاود الروس احتلال بلاد الأفغان من جديد ، خالفته الرأي متوقعاً قيام الصين بالإجتياح هذه المرة ، وهذا الخطأ الصيني ما يسعى له الأمريكان من انسحابهم تحديداً ، ولن تجد الصين بداً من اغترافه عاجلاً غير آجل.
المسألة ليست غباء كما يرى صديقي في تعليق اخر له عن الموضوع ، لكنه سر افغانستان الملعون ، دائماً حكم العالم يكتمل بالسيطرة على افغانستان.
روسيا لم تكن تتنزه في افغانستان عندما غزتها، وقبلها بريطانيا، وقبلها الاتراك، وقبلهم المغول، وقبلهم فارس، وقبلها الإسكندر ، وامضي مع التاريخ حتى مطلع الشمس ستجد افغانستان حاضرة في طريق كل من اتبع سبباً.
وماذا عمن يفشل في اختبار السيطرة على افغانستان، قطعاً ينتهي ويهوي نجم امبراطوريته معه كما تصنع امريكا بإنسحابها الحالي حتى وإن ارادت توريط اعدائها (الصين ، روسيا ، إيران) المتاخمين لافغانستان بهذا الإنسحاب المفاجئ للجميع حتى للطالبان والحكومة الموالية لأمريكا وللبعثات الدبلوماسية الامريكية والغربية في كابول ، إنسحاب جاء لخلط الأوراق وليس هذا حديثنا اليوم.
بالحديث عن افغانستان درة تاج الإمبراطورية العالمية على مر العصور حتى امريكا البعيدة خلف البحار أرادت بعد الانهيار السوفايتي التغاضي عن الإختبار الافغاني وفعلت ذلك لعشر سنوات ، ومع هذا وصلها التأثير الافغاني الى عقر دارها بتفجير ابراج التجارة ، فلم تجد بداً إلا احتلال هذا البلد وهاهي تنسحب اليوم وسينجلي مع انسحابها عهد العم سام عن العالم.
وصولاً لمرحلة الطريق والحزام الحالية فالصين أمام تحدٍ هام اما السيطرة على افغانستان ، أو تطوي اوراق اعتمادها كقوة تريد السيطرة على العالم.
وعلى خلاف أمريكا التي كان تحديها في بلاد البشتون أمني بحت ، فالصين لديها تحدٍ وجودي بكل معنى الكلمة ، بسبب الحدود المشتركة وشرك الانسحاب الأمريكي ، ولا يسع التنين في هذه الحال حتى التأجيل قليلاً ، لذا لابد من خوض التجربة الافغانية كما فعل الأولون، سنة الله في الاستخلاف ولن تجد لسنته تبديلا.
انتهى