آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-08:22م

شنق الحبيشي.. هل يوقف الانهيار ؟!

السبت - 14 أغسطس 2021 - الساعة 07:16 م

فضل مبارك
بقلم: فضل مبارك
- ارشيف الكاتب



خلال اليومين الماضيين تناثرت على وسائل التواصل الاجتماعي وفي بعض  المواقع الاخبارية كتابات توصف مغادرة نائب محافظ البنك المركزي اليمني الأستاذ شكيب حبيشي الذي غادر عدن الى الرياض عبر القاهرة بدعوة من الرئاسة , بانه هروب بعد ان تقرر اقالته من منصبه وتتهمه بالتسبب في انهيار العملة وتدهور الوضع الاقتصادي ،وان اقالته مع محافظ البنك ستصحح الوضع المنهار وتقٌيم المعوج،  وهي في حقيقة الامر كتابات غير منطقية ولاتستند على أدلة مقنعة وبراهين بقدرما تنم عن تفسيرات شخصية خاطئة لما هو حاصل من تهاوي اقتصادي ومعيشي وانفلات عقال العملة .
ولو أن أمر اصلاح الوضع الاقتصادي المتدهور أو وقف تدحرج سعر صرف العملة مربوطا بشخص  شكيب حبيشي لما طالبنا باقالته فقط ولكن لتجاوزنا الأمر إلى الاصرار على شنقه ..لكن الامور لاتاخذ بهذه السطحية والتهافت على الكتابة وكيل الاتهامات على الجدار القصير دون النظر إلى معقدات الواقع والصراعات الظاهر منها والخفي بين الفرقاء والخصوم وكذلك طبيعة عمل البنك وقيادته التي تتم في ظل امواج عاتية من كل حدب وصوب .
لا ادعي أني على بينة ويقين كامل ، ولكني اقف على معلومات حقة مايسمح لي بالقول : 
أولا لابد من الوقوف والنظر إلى طبيعة الحرب التي يخوضها البنك المركزي في عدن ليس مع مليشيات الحوثي وادواتها المنتشرة في كل مفاصل الشرعية بل وفي اروقة البنك المركزي عدن بل مع اطراف وقيادات مؤثرة وكبيرة من داخل طرف الشرعية وهي معركة ادهى وامر من المواجهة مع الحوثي كون اطراف الشرعية تحاربك من داخلك وبذات ادواتك وبصورة خفية .. وشكيب حبيشي وجد نفسه في المواجهة بحكم منصبه متحديا هذا الوضع  بعد ان خذله البقية وتواروا خلف ستار المصالح داخلين في الفائدة خارجين من الخسارة مع تاكيدي القاطع أن حبيشي ليس منزها عن الأخطاء والقصور والسلبيات ، ولكن لأنه يعمل بالتأكيد تظهر جوانب السلب والقصور في العمل عكس الذين لايعملون حيث لاتظهر لديهم اية أخطاء أو سلبيات . وهذا ليس دفاعا عن شكيب حبيشي وان كان ذلك ليس عيبا ويستحق . ولكنه ايضاحا وتصحيحا  لبعض حقائق مغلوطة عند كثيرون بفعل عمل ممنهج وحملات هدفها تقويض البنك ودوره . وبالتاكيد أن الحبيشي سيغادر موقعه هذا بعد ساعات أو أشهر أو سنوات مثل من سبقوه كثر ولاحقين بعده أكثر .. فهي لاتدوم ..
لقد تركت الحكومة والشرعية البنك وهو أهم ركائزهاوماتبقى من اعمدتها يصارع لوحده في ظل هذه الاوضاع ولم تتخل عنه فحسب بل تعمل بقوة على إعاقة عمله بصور مباشرة وغير مباشرة  مثلا هناك خمس محافظات رئيسية ( مأرب .حضرموت . شبوة . المهرة . الجوف ) ترفض منذ تحويل مركز البنك من صنعاء إلى عدن من توريد ايراداتها . وقد طُرح الأمر رسميا أمام الحكومة ورئيسها وامام رئيس الجمهورية ولكن احدا لم يحرك ساكنا خشية من ردة فعل قوى تدافع عن سلطات تلك المحافظات . وأيضاً اين هي وزارة المالية التي تخلت عن مهامها وواجباتها وانكفأت على نفسها بحثا عن المغانم والفوائد ونسيت ابسط مهامها في 
حشد الموارد الحكومية المحلية والخارجية   وتوريدها الى حسابات الخكومة وهيئاتها ومؤسساتها في البنك المركزي .
وتنظيم واصلاح منظومة عمل المصالح والاوعية الايرادية للدولة ، ليس من مسؤلية البنك المركزي توفير ودفع رواتب الموظفين لجهاز الدولة هذه مهمة وزارة المالية البنك له مهام ومسؤليات أخرى نص عليها القانون ، ولكن البعض حين رأى البنك ينطلق من وأجب وطني لسد عجز وزارة المالية وجدها فرصة لكيل الاتهامات للبنك .. صائدا للسلبيات متغاضيا عن أي ايجابيات .وهذه مفاهيم مغلوطة عند البعض حول مسؤلية البنك المركزي بتوفير الرواتب .
يضاف إلى ذلك منظومة الفساد المتماسكة والمتماهية مع بعضها والتي تشكل حلقات متصلة ببعضها . خذوا مثلا ماهي موانع ومبررات الدائرتان الماليتان لوزارتي الدفاع والداخلية بعدم تسليم كشوفات افرادهما للبنك لكي يتسنى له معرفة حجم القوى الوظيفية لو أن القائمين على تلك الدائرتين واثقين من انفسهما وبرئيان مما يوجه لهما من اتهامات  بالفساد لسلما الكشوفات حتى للشيطان وليس للبنك ولكنهم يريدوا فقط كامل المخصصات واجمالي الرواتب لقوة وهمية لاوجود لها أساسا على الأرض سوا في كشوفات ورقية ، كما تشير كثير من المعلومات ،  خذوا مثلا اجمالي رواتب المنطقة الرابعة شهريا سبعة عشر مليار ، لماذا لأتعمل قيادة المنطقة على  اثبات العدد الفعلي المستحق من الأفراد والجنود والضباط .وقس عليها .
لاشك أن هناك سلبيات ونواقص في عمل البنك المركزي بعدن ولكن مردها يكمن أساسا في بيئة العمل والصراع العام ، وكذلك عدم تكامل منظومة العمل الحكومي وتناسقها بايقاع منظم واحد تمكن البنك من أداء واجبه والقيام بدوره على اكمل وجه حتى يتسنى لنا بعدها عقد جلسات محاكمة ونقد لأي اوجه قصور واختلالات في عمله ...ومن المعروف أن انهيار العملة وتدهور الاقتصاد ليس متعلق بفرد وانما بغياب دولة وتعثر اجراءات وانعدام تكامل العمل المؤسسي .
البنك يعمل بمفرده وتركته بقية الجهات يواجه جملة تحديات وحيدا ، بل ويقوم بدورها ومهامها ومكشوف الظهر من أي حماية أو مساعدة وفي ابسطها مثلا توفير الحماية إلامنية عند قيامه بأي حملات امنية .. ولعلنا نتذكر قبل شهرين عندما قام بحملة تفتيش مستعينا بقطاع أمني كيف أن قطاع أمني آخر متنفذ أقوى استدعي إلى كريتر من قبل الصرافين وقام بحجز موظفي البنك ومن يحميهم داخل احدى الصرافات ساعات طويلة وبالكاد أفرج عنهم بعد سلسلة وساطات ..
وعندما نطلب من البنك توفير الرواتب والتدخل في سوق الصرف بضخ كميات من العملة الصعبة من أجل لجم جماح الصيارفة ..اين هي موارد الدولة ، اين هي مبيعات النفط والغاز ، اين هي التزامات دول التحالف ، اين هي تحويلات المغتربين ، واين .. واين ؟ .
أن مااقدم عليه البنك مؤخرا من حملة اجراءات وتوجهات
والتي اوضح البنك أنها  تندرج ضمن اصلاح تشوهات العملة ومكافحة الجريمة المنظمة غسيل الاموال وتاتي وفق القوانين والانظمة السارية . وهي  كفيلة بتحقيق قدر من التوازن وضبط كثير من اندفاعات العملة .. ولكن وفق عدة موجبات ينبغي توفرها حتى يضطلع البنك حينها بدوره واولها .. اخلاص النية لكافة الجهات والقوى المؤثرة ، والعمل بروح التكامل والفريق الواحد لا بمنطق الصراع والتنافس ، وقيام الحكومة ومؤسساتها  بمهامها .