آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-02:48ص

في وداع نجم "هانكوك" وأسطورة عدن

السبت - 31 يوليه 2021 - الساعة 03:34 م

احمد يسلم صالح
بقلم: احمد يسلم صالح
- ارشيف الكاتب


مذ يومين أتجهنا ثلة من زملاء الدراسة   إلى كلية التربية صبر حيث يسكن أولاد الزميل الدكتور البروفيسور عبدالكريم أسعد قحطان أستاذ الأدب العربي في جامعتي عدن و"هانكوك" الكورية الجنوبية رحمه الله لتقديم واجب العزاء في وفاته الفاجعة الأسبوع الماضي في القاهرة متأثرا بمرض كورونا وفي مجلس  العزاء التقينا د. نادر نجل الفقيد وشقيق الفقيد الاستاذ، عبدالحميد وثلة من دكاترة جامعة عدن. 

مناسبة حزينة مؤلمة بكل أسف لأنها أفقدتنا واحد من أكابر رجال العلم واللغة العربية وعلومها وأساطينها الكبار الذي مثل علامة فخر لجامعة عدن وجامعة "هانكوك "الكورية لايتسع المجال في هذه العجالة لسرد سلسلة الأنجازات والبحوث والدراسات الأكاديمية التي أنجزها د. عبدالكريم أسعد قحطان أغنت المكتبة العربية، والجامعية بالتأكيد ماأريد كتابته هنا عن فقيدنا المتألق والمتميز علما وثقافة وسلوكا وحذقا ودهاء د.عبدالكريم ، ليست كلمات رثاء عابرة قد ماهي خواطر صادقة عن زميل جمعتني وأياه سنوات الدراسة في كلية التربية عدن جامعة عدن وأعدها الفترة الذهبية في حياتي العلمية والعملية والشخصية.
وفيها
برزت شخصية ومكانة الدكتور عبدالكريم يومها وتحديدا مابين عام 87-1989م كأبرز شخصية طلابية وقيادية بامتياز، مثل شخصية محورية يجمع حولها الكل علميا في موقع الصدارة والمركز الأول بامتياز وبلا منافس وقياديا قائدا طلابيا وسياسيا يتمتع بكاريزما القيادة وقوة الشخصية مع دماثة في الأخلاق وسموفي القيم التي جسدها في سلوكه اليومي.

محبا للمرح والنكتة لماح في النظرة يختزل التشخيص والتمحيص من أول وهلة كنا نلجأ إليه في كل شاردة وواردة يقدس الزمالة ويحسسك كلما اقتربت منه انك جزء من، روحه كان أكتر من أخ أكبر وصديق وفي أكثر من اللازم  في أوقات الدردشة والسولفة عادة ما نفضفض عن حياتنا الخاصة في الريف والأسرة والعمل في الأرض والمدرسة فكانت تجمعنا سمات مشتركة منها عندما اجبرتنا الظروف المعيشية للالتحاق بالتدريس ومن ثم الانتساب في المرحلة الثانوية والعمل في الأرض والزواج المبكر بحكم عاداتنا الريفية قال لي عبدالكريم انه جمع بين التدريس صباحا في الشعيب والعمل كبناء أو عامل تلييس. أو تقليع حجارة البناء عصرا وفي المساء يجمع أدوات العمل ويذهب الى غرفته المتواضعة بين أبويه وزوجته وأطفاله يحضر دروس اليوم القادم ويقرأ مقررات الثانوية ليتقدم منتسبا لاجتياز امتحانات الثانوية العامة وما أن اجتازها حتى قرر الالتحاق في الدراسة الجامعية كلية التربية صبر ،

وفي هذه الجزئيات والمحطات كنت انا كذلك وبنفس الظروف والمعاناة تماما تزامن ان، انهينا الدبلوم هو، في كلية صبر وانا في كلية زنجبار ومثلنا كثيرون بيدأن فرصة المنح لمواصلة البكالوريوس في عدن مشروطة لمن حققوا المراكز الأولى في مساق الدبلوم كميزة تحفيزية وتكريمية يومها واستفاد، كلانا من ميزة الدراسة براتب كامل من وزارة التربية بحكم وظيفتنا  كمعلمين نعيل بالجزء الاكبر مصاريف الأولاد في الريف بنسبة، تناسب ثلثين للأسرة وثلث أي 15 دينار لزوم الدراسة مع أننا نتمتع بسكن وغذاء مجاني ويدفع لكل طالب جامعي 15 دينار نحن المنتدبين كمعلمين مؤهلين لا تشملنا بالطبع 
الشيء الذي لابد من، تدوينه هنا أن زميلنا عبدالكريم تعامل مع الأمور بحكم موقعه كرئيس للمجلس الطلابي بحنكة وعقلانية وبعد نظر خصوصا بعد كارثة ينائر 1986م وتعامل مع الجميع تعامل المسؤول الحريص والنزيه والأمين وجسد بتعامله اليومي علوا وسموا عن العصبية والمناطقية برجاحة عقل وشعور بالمسؤولية معها 

انتزع احترام عمادة الكلية والجامعة وكل الدكاترة والطلاب باختصار كان الرجل المحوري، والطالب المثالي والقائد السياسي الرصين وهذا، ما يتذكره معي كل الزملاء أتذكر منهم  صالح الصايلي .عادل الأعسم. محمود علي سبعة. محمد ناصر عولقي. الزبيري غالب ناصر .جمال الجعدني. فضل راجح. الخضر أمذلقي. عبدالحكيم الحاصل 
أحمد مهدي سالم. ثابت بدر.صالح باعزب،  سالم صالح حيدرة. محمد شيخ. زين الهلالي. عمر صالح منصور وآخرين كثر .

أيام دراسية غاية في الفائدة والأمتاع والجد والتنافس الشريف .كان اليوم الدراسي الذي يجمعنا بالاستاذ عبدالوهاب عبدالباري يوما مشهودا بالنكتة والتعليقات الساخرة يغوص بك بعمق في أتون المادة العلمية وفجأة يذهب إلى موقف ساخر يكون ضحاياه أحدنا أومسؤولا كبيرا في الدولة. 

ذات يوم توقف عن الالقاء وسأل ياعبدالكريم، أنت من فين؟  اجابه ومهيئا نفسه لموقف ما من خبث السؤال -من الشعيب يااستاذ 
قال من فين من الشعيب؟ قال زملينا ليش تعرف، الشعيب يا استاذ؟ 
فجر الاستاذ قنبلته الضاحكة، أعرف الشعيب وعادكم تلبسوا الجزمات مخالفات أنفجرنا بالضحك وواصل حديثه عن الشعرء الصعاليك وقد، صنعوا من تمردهم ظاهرة اجتماعية تعني التمرد والرفض لقيم الجاهلية وهكذا، ومن المواقف الطريفة للاستاذ عبدالباري أن الدكتور ياسين سعيد نعمان بعد توليه رئاسة الحكومة كان مارا بالصدفة بعد وداعه لوفد أجنبي في المطار وعقب عودته لمح الاستاذ عبدالباري في بوابة الكلية ولأنه معلمه ويعرف قفشاته اللاذعة حتى وقف بسيارته ليذهب مترجلا لمعانقة استاذه وهذه هي أخلاق د. ياسين . وبعد ان حيأ استاذه سأله أ لديك أي طلب أوخدمة نستطيع تقديمها لك؟  اجاب الاستاذ عبدالباري وهو الذي، لايطلب نعم. قال تفضل قال قل لحكومتك أشتي حبه بف باف!! يومها كانت أزمة بف بف وبعض الكماليات الصغيرة ضحك الدكتور ياسين  وفهم المغزا. طبعا لأ ازمة مشتقات ولا تدهور في العملة ولا اختناقات في التموين ولا لا ...

ولنعرج على 
 محاضرات الدكتور عبدالمطلب جبر الثرية والمتخمة بالأفكار والتحليلات النقدية والعمق عن باكثير وطه حسين وجبران خليل جبران ومدرسة أبولو. وفي الأدب المقارن كان د. مبارك، الخليفة يتحفنا عن التيجاني يوسف بشير.  ولطفي أمان وشعراء الرومانسية والتجديد 
وكان د. علي أسعد يبحر بنا، في هاليز المدرسة الكوفية في النحو العربي ومسفها للمدرسة البصرية التي ألفناها على مدى دراستنا.  وأتذكر في مادة التطبيق العملي في السنة الرابعة ومازلت اتذكر موقفا إلى يومنا هذا  للزميل الدكتور  فضل راجح في ثانوية الجلاء عندما تقرر ان يناظره   في مادة التطبيق، العملي الاستاذ عبدالوهاب . ود.عبدالمطلب طلب جبر ود. مبارك الخليفة وجرت العادة ان يهيئ الطالب المطبق نفسه بالدخول قبل لجنة المعاينة ثم يقوم في كتابة عنوان الدرس وبعدها يدخل الاساتذة المعاينيين لأخذ مقاعدهم بين الطلاب لتدوين ملاحظات الاداء ومنح العلامة المقررة كمادة دراسية. لأكثر من مرة 
دخل زميلنا فضل وكتب العنوان مادة العروض بحر الرجز  بدأ فضل، خجولا مرتبكا يتحدث عن علم العروض كمقدمة وفي الأثناء قرع الباب ودخلت اللجنة فمر د.  عبدالمطلب ود. مبارك وتعمد التأخير الأستاذ عبدالباري وما أن كان في مواجهة السبورة حتى خط بحركة خفيفة وسريعة فتحة على حرف العين كون زميلنا كتبها دون تشكيل وذهب ليجلس بين، زملائه وهنا أنفجر الطلاب بالضحك ووجد زملينا نفسه غير قادر على مواجهة الموقف الطارئ والمباغت فهرب وترك الحصة والدرس والدكاترة والطلاب. أما أنا وزميلي عبدالكريم فقد أكتفت لجنة المعاينة لمرة واحدة وقررت منحنا الدرجة الممتازة (امتياز+) واعفينا  من بقية أيام التطبيق. 

ذهب كلا منا إلى سبيله بعدالتخرج . ومضى زميلنا عبدالكريم يشق طريقه في مواصلة الماجستير والدكتواراه حصدهما بأمتياز مع مرتبة الشرف كنا على تواصل مستمر عند عمادته لكلية التربية الضالع ومن ثم حين أنتدب للعمل في جامعة هانكوك الكورية بعدمنافسة شرسة من، عدة جامعات ليظفر الدكتور عبدالكريم بذلك المقعد. بتألق واقتدار.  وفي مشاهد دارامتيكية متلاحقة قال لي يوما انه يمر بمرحلة من حالة حزن مركبة بفقدان أم عياله ونجله بفارق 3 أيام كتبت له مواسيا ومعزيا والاستعانة بالله لمعرفتي بقدراته، في، تخطي عتبات المواقف الصعبة.  ومن خلال متابعتي لصفحته في الفيس بوك المستمرة عرفت بمرضه واصابتني الدهشة والقشعريرة وأنا أراه في سرير المرض تسارعت مضاعفات مرض كورونا اللعين فتوفاه الله وشكل لابنائه ولي  شخصيا ولكل زملائه صدمة حزينة أبكتنا بمرارة وحرقة خاصة وأن من غادرالحياة الفانية صديق حميم وزميل نبيل يعد الأنبل والأكثر مكانة علما واخلاقا وقيما وفكرا ومكانة انه  د. عبدالكريم أسعد قحطان رحمه الله برحمته  وأسكن هو الفردوس الأعلى من، جنته الواسعة.