آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-04:38ص

في رحلة عزاء...

الثلاثاء - 27 يوليه 2021 - الساعة 12:29 ص

د. عوض احمد العلقمي
بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب


صحوت يوم السبت الموافق 25 تموز يوليو 2021  للميلاد متأخرا على خبر مؤلم وفاجعة فاقت الصبر والاحتمال إذ هاتفني أخي بأن القدر قد تمكن من أخ عزيز ابن أخ كريم هو المحامي الخلوق شوقي محمد أحمد هواش العاطفي الصبيحي ذلك الشاب المتزن الذي عادة ماتسبقه ابتسامته عندما تلتقيه ، حاولت أن ألملم جراحي وأكفكف آهاتي وأعد نفسي لسفرية تأدية واجب العزاء .

انطلقنا أنا وأخي صاحب الكلمة الفصيحة والخطاب المؤثر يوم الأحد الموافق 26 تموز يوليو بعد العاشرة صباحا من مدينة عدن باتجاه الصريح مضارب قبيلة العوطف قاصدين منزل الشيخ محمد أحمد هواش ، وصلنا عند الثانية ظهرا تقريبا ، قدمنا خطاب العزاء للشيخ والد الفقيد وكذلك لابنه الوحيد إذ ليس للفقيد غيره من الذكور ولقبيلة العوطف عامة ، فرح بمقدمنا الشيخ - إذ قرأت ذلك في وجهه وتصرفه - ورحب بنا ثم هيأ لنا متكأ جيدا بالقرب منه ، فأخذني الخيال إلى زمن مضى جمعنا بالشيخ و عائلته الكريمة خارج الوطن إذ كنا حينها نتقاسم رغيف الخبز فقد جمعانا المصاب والهدف..

نعود للعزاء إذ بقي الشيخ يستقبل الوفود  التي تمثل قبائل الصبيحة وغيرها من قبائل البلاد ، الأمر الذي جعلني أتذكر كثيرا من أعراف القبيلة ، إذ لم تكن كلها سيئة - كما قد يظن البعض - ولا كلها جيدة ، غير أن كثيرا من تلك الأعراف رغب إليها الإسلام ودعا إلى العمل بها ؛ كإكرام الضيف وإغاثة الملهوف وإجارة المستجير فضلا عن المشاركة في الحزن وتقديم طقوس العزاء وكذلك في الأفراح وتقديم الرفد ( مساعدة مالية ) للعروس ، فالتكافل من أهم الطقوس المندوب إليها من القبيلة ، والأجمل من ذلك أنك تجد القبيلة تجتمع بالأغلبية إن لم تكن كلها ، عندما تريد حضور أفراح زواج في قبيلة أخرى ، ثم يقف الشيخ أو الجامع كما يسمونه ، فيطلب من الحاضرين تقديم المال الذي يستطيع عليه والذي لايستطيع دفع شيء من المال فلابأس عليه ، فيقوم ذلك الشيخ أو الجامع بجمع النقود وعدها بعد أن يزيد عليها مابجعبته هو ، ثم يقدمه للعروس من القبيلة الأخرى بإسم جمع قبيلته الذين هم برفقته كافة بل بإسم قبيلته كافة دون أن يذكر كم دفع زيد  أو أن يشير إلى أن عمرا  لم يدفع .....وغير هذا من الأمور المندوبة لدى القبيلة والمستحبة .... غير أن هناك أمورا غير مستحبة وهي من سلوك القبيلة وثقافتها ، منها على سبيل التمثيل ؛ ظاهرة الثأر ، وهذا يعد من أكثر الثقافات المشينة لدى القبيلة ، إذ تجد زيدا من قبيلة ما يقتل عمرا من قبيلة أخرى ، فتقوم الأخيرة بقتل أحمدا من قبيلة زيد بدلا عن عمرو ، وإذا ما سألتهم لماذا لم تقتلوا زيدا الذي قتل ابنكم ؟ قالوا لك : " إن ميزان القبيلة  أعوج " فالذي يهمنا أن نظفر بأحد أفراد قبيلة القاتل زيد وكفى ، وكذلك التعصب للقبيلة أكانت على حق أو على باطل ، وإذا ماسألتهم : لماذا تعصبتم لقبيلتكم مع أنكم تعلمون أنها على باطل ، قالوا لك : مثل القبيلة يقول " بين اخوتك مخطئ ولا وحدك مصيب .

وبعيدا عن الجيد أو الرديء في ثقافة المنظومة القبلية إلا أنك تجد في أعرافهم التي أصبحت موثقة أو محفوظة عند حكمائهم ماهو في غاية الروعة ، ونورد للقارئ شيئا يسيرا جدا من ذلك حتى لايطول المقال فيمل ....نأخذ قانون حكم دية الكلب الذي يحمي الغنم ويحرسها ليل نهار ، فهذا الكلب إذا ماتعرض للقتل من ضيف أو زائر أو غريب ، فإن ديته عدد الغنم التي تسبق على الماء عند ورود المنهل ظهرا ، والغنم عادة تقبل مسرعة عند الظهيرة على مورد الماء ، فيكون عدد السابقات عشر غنيمات أو أكثر أو أقل ، فضلا عن أن السابقات يكن الأقوى ، كل تلك الغنيمات يسلمن أو ما يعادلهن من المال لمالك الكلب المقتول .....ولنا أيها القارئ الكريم لقاء أو أكثر في أعراف القبيلة مستقبلا ....