آخر تحديث :الأربعاء-17 أبريل 2024-02:05ص

حجوا قبل ان لا تحجوا

الثلاثاء - 06 يوليه 2021 - الساعة 08:59 م

بكري العولقي
بقلم: بكري العولقي
- ارشيف الكاتب


مقال لـ/بكري العولقي

 

تعاقبت القرون والاعوام والسنين وتبدلت الازمنة وتغير المناخ والطبيعية وتحقق حديث النبي صل الله عليه وسلم حين قال مخاطباً امته(حجو قبل ان لا تحجوا)، فهاهي وقائع الحديث وان كان ضعيفاً تتحققت في زماننا هذا الذي يعج بالغرائب التي تجعل النظر اليها يعتريه الذهول والعجائب التي تحير العقل والتفكير والمتغيرات التي طغت على بلداننا العربية وطمست هويتنا واسلامنا وعقائدنا وارتباطاتنا الروحية، فاصبح الوطن العربي ملاذاً آمناً لكل من يريد مخالفة امور الدين واستباحة المحرمات والمجاهره بها.

 

لاشك ان بلداننا العربية تتسابق الواحدة تلوى الاخرى الى الولوج في (جحر الضب) مما نشاهده من تقليد اعمى للامة الاسلامية بالكفرة والمشركين من بلاد الغرب فيما هم عليه من اخلاق ذميمة وعادات فاسدة تفوح منها رائحة النتن وتمرغ أنف الإنسانية في مستنقع من وحل الرذيلة، وتشوه المعاني السامية والفطرة الربانية والكرامة الالهية التي خلق الله الناس عليها، فهاهي المملكة العربية السعودية لا نقول اوشكت على السقوط بل سقطت في اسفل السافلين منذ إن تم تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد الملكي، فتحقق في عهده الإنفتاح الحضاري مثل ما يحلوا تسميته لهم، حيث بادر الأمير الشاب في أول قرار انحطاطي له باقالة وإنهئ حقبة هيئة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) التي تأسسة في العام الميلادي 1940 والتي تسمى في المملكة باسم(الشرطة الدينية) والتي كان عملها تطبيق نظام الحسبة المستوحى من الشريعة الإسلامية.

 

نجحت هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر نجاحاً باهراً في المملكة وزادتها جمالاً وملئتها فخراً واعتزازاً بدينها الاسلامي وعقيدتها السمحاء، وساهمت بشكل فعال في ردع ووأد الاعمال المخالفة للشرعية الاسلامية ومحاربتها، كالمثلية الجنسية والزناء والدعارة واكل لحم الخنزير وعدم ارتداء الحجاب والتاكيد من اغلاق المحلات التجارية اثناء الصلاة ومنع شرب الكحول ومحاربة السحر والسحرة والشعوذة وغيرها الكثير، لم يرق ذلك العمل الكبير للامير الشاب ولحكومته الموقرة فاسقطوها وسقطت مع سقوطها هيبة المملكة، لم تكتفي المملكة بسقوطها بل تم استبدالها بهيئة اسموها (الهيئة العامة للترفية) التي من خلالها شوهدت اعمدة دخان الخزي والعار ورائحته النتنة تتصاعد في سماء المملكة.

 

ظلت المملكة العربية السعودية محل انظار الكثيرون الذين ينظرون اليها بنظرات الاشمزاز نظراً للسياسة الغير معتدلة التي تنتهجها، والتي للعام الثاني على التوالي لازالت تفرض قيوداً على حجاج بيت الله الحرام وتحصر اداء مناسك الحج على المواطنين و المقيمين دخل المملكة فقط بعدد ستون الف حاجاً، وتركت قلوب العاشقين والمتييمين والمتشوقين الى جمال الكعبة والاماكن المقدسة معلقاً الى اجلاً غير معلوم بحجة مخافة انتشار فيروس كورونا، في حين حفلات الغناء والرقص وملاعب كرة القدم واماكن اللهو واللعب تشهد ازدحاماً لم يسبق له مثيلاً في تاريخ المملكة.

 

نعم حفلات الغناء والرقص الماجن في الرياض خلال شهر يونيو شهدت حضوراً قياسياً يفوق عدد الحجيج لهذا العام، فحفلات الفنانة اللبنانية نجوى كرم والفنان العراقي ماجد المهندس والسعودي راشد الماجد وغيرهم ضمن(حفلات موسم الرياض) التي تقيمها"هيئة الترفية السعودية" حضرها تسعون الف سعودياً، دون اي تحفظات أو احترازات او شروط صحية أو ضوابط لحضور هذه الحفلات الغنائية المحرمة شرعاً والتي يختلط فيها الرجال والنساء، ناهيك عن الحفلان الغنائية في جدة تحت مسمى(حفلات صيف جدة) والتي حضرها آلفاً مؤلفة من السعوديين احيت فقراتها الفنانة نوال الكويتية والمصري محمد حماقي والعديد من الفنانين، سقطت من خلال هذه الحفلات مبادئ الرجولة لدى الرجال وقيم الحياء لدى النساء وطمس العز والإباء والغيرة وشاعت الفاحشة وتدمر الشباب والناشئة وضاعت التعاليم الاسلامية.

 

صمت رجال الدين والعلماء في السعودية سيقابله تاثير كبير في المستقبل لا نقول البعيد وانما القريب وستتحول المملكة العربية السعودية الى دولة موبوءة بمرضاً خطيراً جداً اشد فتكاً من كوفيد19 سينتشر انتشاراً واسعاً يلوح في الأفق ولن تتم السيطرة عليه، مرضاً مكتسباً من بلاد الغرب يصيب القلوب والعقول ويدمرها، فالقادم اشد واكبر مما قد مضى ولعل ما شدني تصريحات رئيس الهيئة العامة للترفية تركي آل الشيخ الذي دائماً ما يبعث رسائل للشعب السعودي مفادها ان القادم سيكون افضل واجمل وارقى في الحفلات الغنائية والمسرحيات والفرق الموسيقية في عموم مناطق المملكة، واننا نخاف ان يصل هذا الداء المنتشر الى مكة بيت الله الحرام ومدينة رسوله الكريم فسنكون حينئداً لا حول لنا ولاقوة سوى اننا نشاهد ونلتزم الصمت في ظل وضع مزري للغاية افقدنا هيبتنا وعزتنا وقوتنا.