آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-01:05م

العقيد محمد عوض العطري رجل المواقف الصعبة

الأربعاء - 30 يونيو 2021 - الساعة 03:24 م

ابراهيم العطري
بقلم: ابراهيم العطري
- ارشيف الكاتب


صدق الشاعر عبدالقادر اللبان حين قال :إنٌَ الرجـال وإنْ قـلـٌتْ ، مَعَادنـها ذَهَبـاً --- عنـد الشدائد تطلبها في الحال تلقـاهـا
تحـمـل إليـكَ الخـيـرَ أينمـا رحـلـت --- وتـذودَ عنكَ صِعاباً كنـتَ تخشاهـا.

في هذا المقال المتواضع وبالرغم من المشاغل التي اعانيها وشرود الذهن والتركيز الا انني سوف اعرج قليلا مع رجل المواقف الصعبة صاحب الهمة العالية والروح الطيبة أنه العقيد محمد عوض حسن العطري رئيس عمليات كتيبة الطوارئ بحزام عدن  المناضل الجسور الذي افنى حياته في خدمة الوطن والمواطن منذ فجر الاستقلال الوطني وحتى اللحظة السواق الخاص للرئيس علي سالم البيض سابقا.

 لم يظهر هذا الرجل الهمام  إلا عند الشدائد والمحن فالعقيد محمد عوض العطري أحد رجال الوطن المخلصون  الذين كانوا ومازلوا في صفوف المقاومة الوطنية من أولئك العظماء الاوفياء  الذين عملوا بصمت وهدوء وابتعدوا عن شاشة الإعلام.

لقد ساهم العقيد محمد العطري  في مختلف الجبهات القتالية ابتدأ بجبهة تحرير بئر احمد ثم العند والجحار وباب المندب إلا أن العقيد العطري  عاد لمنزله عند انتهاء الحرب واعتكف كثيرا حتى إذ سألوا  عنه زملائه الاوفياء ليتم  تعيينه مشرفا عاما لقطاع حزام بئر احمد.

لم يتذمر  العقيد العطري من صغر المنصب ولم يأن بل إنه عمل بكل ثقة وانفتاح واسهم في إنجاز مشروع أمني عظيم حتى إذ أنهم عملوا على مكافأته لإنجازاته برئيس عمليات كتيبة الطوارئ .

اخي القارئ وحتى لا اطيل عليك في السرد اختصر لك المعنى في  جملة قصيرة اسمها (لب الموضوع) حيث أن مادفعني للكتابة عن هذا الشخصية العظيمة موقف يوم امس الذي بذله معي أثناء تعرضي للحجز من احد نقاط مرور عدن بسبب فقدان اللوحات .

فلم يكن في الحسبان أن يتخلى معظم الاصدقاء الذين كنت اظنهم السند الحقيقي عند الملمات الكبار.
فعند نحو الساعة الخامسة والنصف من مساء الاثنين  تقريبا وأثناء توجهي الى جولة كلتكس تعرضت لشرطي المرور طالبا مني لوحات السيارة ومع أن السيارة خرجت من الميناء وان جميع الاوراق سليمة الا ان هذا الشرطي المتهور حاول افتعال قضية وتم احالتي لحوش الحجز الذي لم يحتجز سواء باص وسيارتين.

حاولت التوضيح ولكن دون جدوى فلم يكن لي الا التواصل مع الأصدقاء وطرح القضية.
فكان الرد صادم ومحير جدا خصوصا وأن معظم من اتصلت فيهم كنت اكتنزهم للمهام الصعبة فاحدهم لم يرد ... واحدهم يقول ليس باليد حيله.

المهم وبعد تفكير قصير تواصلت مع العقيد محمد عوض العطري الذي كان جواله خارج التغطية وبعد بضع دقائق اتصل بي وأخبرته بالقضية فلم يلبث ربع ساعة حتى إذا أجده في بوابة الحوش منفردا بنفسه ومجنبا لسيارته خلف البوابة طالبا مني الخروج مؤكدا لي بان النظام على رأس الجميع وأن المهلة اسبوع لترقيم السيارة فيما أن أحد رجال الشدائد الاوفياء الذين صدقوا الوعد كان قد عمل الواجب بكل ثقة وبذل  جهوده في سبيل الافراج عن شخصي هذا الرجل الهمام كان عند مستوى حسن الظن لم يخيب املي ابدا حفظه الله ورعاه وسدد خطاه.

وطلب مني أتباعه لمنزله ومع زحمة الخط وبعد دقائق من السير ببط قررت أوقف سيارتي لتناول وجبة العشاء.
واصلت الرحلة ولكننا ضليت الطريق ثم عدت لنقطة البريقة وأثناء تواجدي بالنقطة طلب مني العسكري التوقف ففعلت.

ثم سألني عن الرقم أخبرته أن السيارة جديدة وانني كنت محجوز على ذمة ذلك ولكنه أصر على بقائي صبرت قليلا حتى إذا خطر على بالي فكرة عمل التجربة لهذا العسكري بمحاولة الهروب للنظر في تصرفه مع البادرة.
فعلا نفذت الخطة ثم بعد ساعات عدت لنفس النقطة فإذا بالعسكري متأهب وبحالة استعداد قتالي فقلت له اخي انني ندمت على فعلتي وعدت اليك معتذرا حتى لا تبات الليل مقهورا من فعلتي المشينة.

الا ان العسكري عصب كثيرا واشهر سلاحه في وجهي متحديا وطالبا مني تكرار فعلتي الجبانة حد وصفه.
فلم أقل له سوا  تكرار الاعتذار والتأكيد على أن عودتي لم تكن بمحضى الصدفة وانما كانت مقصودة لتأدية واجب الاعتذار.

وأثناء النقاش مع العسكري  اتصل بي العقيد محمد عوض العطري متطمئنا على سلامتي سائلا عن التاخير  فأخبرته بالقصة ومع أن العقيد محمد العطري كان مرقد بالبيت وبيده  التريبات الا انه نزع المغذية وتحرك فورا للنقطة.
فلم يكن ليجدنا هناك خصوصا بعد وصل الطقم وأمر بنقلي وسيارتي لغرفة العمليات بالبريقة وعند وصولي بوابة غرفة رئيس العمليات إذا بالعقيد محمد العطري قد وصل بعد أن أجرى اتصال مع قائد اللواء العطيري الذي بدوره أمر بالصفح.
مع أن اخي ورفيق دربي العزيز سعدان اليافعي مدير اعلام محافظة لحج  كان قد اطلع عمليات الحزام الأمني بحقيقة الأمر.

هذا الموقفين العظيمين كان لهما أثرهم على شكل الدولة وحقيقة بعض القادة فموضوع المرور كان فاشلا لحد كبير بحيث أن الكثير لم يكن لهم لوحات  وانما قدموا بعض  المبالغ المالية فيما أن موضوع العسكري كان مستفزا وشاذا لحد كبير وفي نفس الوقت برز فيها رجال دولة مخلصين لم يقبلوا بالتصرفات الحمقى مع غضبهم الكبير من فعلتي حيث ان العسكري الذي كان يتحدث معي بلهجة حادة أوقفه أحد زملائه وطلب منه مغادرة المكان أو التزام الصمت وتصرف بحنكة حيث أبلغ العمليات وطلب ارسال طقم وبالفعل وصل رجال الطقم بكل هدوء ونزل معي أحد الضباط فيما أن الطقم استمر بالنقطة وتوجهنا الى عمليات البريقة وأثناء حديثه معي كان ذو اخلاق عالية وصاحب نخوة وإنسانية حيث أخبرته بأنني كنت اتوقع إطلاق النار على سيارتي أثناء التفحيطة والفرار ولكن رد بكل ثقة إطلاق النار ممنوع واي عسكري يتصرف مع الموطن بهذا العقلية يحاسب واي هروب هناك اطقم متابعة أو بلاغ للنقاط.

هذا الحديث اعجبني كثيرا واظهر لي بان هناك نوع من الحكمة والاتزان لدى مؤسسة الشرطة وهذا ماينبت الامل في نفوس الناس.
أما الأجمل من ذلك هو كشف معادن الرجال وأدراك كلا على حقيقته.