آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-06:05م

بالمسند.. عام من التنوير واستنهاض الانتماء

الأربعاء - 23 يونيو 2021 - الساعة 09:16 م

يحيى الأحمدي.
بقلم: يحيى الأحمدي.
- ارشيف الكاتب


 

 

كان في مقدور الإعلامي اليمني عبدالله إسماعيل معد ومقدم برنامج بالمسند أن يتفرغ في هذه المرحلة لإنتاج سلسلة من البرامج في مجالات مختلفة، ويبرم عقود عمل تعود عليه بالثراء المالي لاسيما وخبرته بالمهنة كفيلة بملء أي فراغ في وقته، لكن الضمير الحي، والمسئولية الأخلاقية تجاه هذا الجيل وأجيال قادمة، إضافة إلى ما يحمله من هم وشعور بالانتماء الوطني...، كل ذلك كان دافعا نحو الانخراط في معركة الوعي، وتنوير اليمنيين وتعريفهم بماضيهم العريق، واستنهاض هذا الانتماء الممتد لأكثر من 10 ألف عام قبل الميلاد.

قبل عام كان الإعلاميون قد قالوا كل شيء، وتحدثوا عن كل شيء، وانهمكوا في حشد كل ألوان التذمر، وأشكال الضيق بوضع جلبه تمرد المليشيا الحوثية، ولم يعد في قواميس اللغة وصف يختزل حال اليمنيين في ظل التمرد الحوثي، حينها كان الإعلامي عبد الله إسماعيل يفكر في فعل شيء يقدمه لليمنيين، يعيد لهم الاعتبار ويبعث فيهم الحماس ويدفعهم نحو النهوض والاستبسال في مواجهة الفكر الكهنوتي. فكانت فكرة بالمسند. 

 

عند العاشرة مساء من كل أسبوع يطل المناضل بقلمه وفكره من مترسه، ومن قناة اليوتيوب يقدم وجبة فكرية يشكلها من خلاصة قراءة واسعة، وسبر أغوار التاريخ، إضافة إلى ما يمتلك من تراكم معرفي وسعة اطلاع، ليقدم برنامجا تاريخيا، ينشط الذاكرة، ويتصدى لأشكال التجريف التي تستهدف الهوية الوطنية.. فتارة يقف على أمجاد اليمنيين، وتارة يعرّي تاريخ الكيان الطارئ على حياتهم ويكشف أبعاد الصراع.

   وبقدر ما يعلي البرنامج من شأن اليمني وعظمته، ويستدعي تاريخه وحضارته، فإنه في المقابل يسلط الضوء نحو حقبة سوداء نالت من الإنسان اليمني وأذلت شموخه وكبرياءه، من خلال استعراض الجرائم التي ارتكبها الطغاة منذ مجيء الرسيّ. بما يمكن من الارتقاء بالوعي الوطني الجمعي، ومد جسور العبور والخلاص من هذا الواقع، وتحصين اليمنيين من أخطر الأمراض على الإطلاق المتمثل في سرطان السلالة..

 

وبالتزامن مع المعركة الوطنية التي يخوضها الأبطال في ميادين النزال ضد التمرد الحوثي، كان صاحب بالمسند يخوض ملحمة في الوعي ويعري مسيرة الفكر السلالي، ويجسد صورة التلاحم الميداني والفكري في مواجهة الفكرة الكهنوتية وما تمارسه من هدم للدولة اليمنية وتجريدها من هويتها.

بإمكانيات ذاتية خالصة، وبجهد متواصل، وبهمة عالية، وهدف سام، انطلق زميلنا في مشواره وخلال عام كامل صال وجال وتناول جملة من القضايا وتوقف لدى عدد من الرموز الوطنية واستعرض الكتب التاريخية، وبالمسند نسج خمسين لوحة سبئية وسبيكة حميرية ووضعها على صدر هذا الوطن؛ مبينا حقيقة الجائحة الحوثية؛ سليلة ماض دموي، ونسخة من الاستعلاء السلالي العنصري المقيت..

بالمسند.. جبهة إعلامية لا تقل عن جبهات القتال، ومشروع تنويري، ووثيقة يجب أن تستمر وأن تتلقفها القنوات والمنابر الإعلامية المختلفة وأن تحظى باهتمام اليمنيين جميعا.. 

كل التوفيق والسداد.. 

د. يحيى الأحمدي.