في ظل تورط كل الأطراف والنخب السياسية , في تعذيب الشعب اليمني , ومنها المناطق التي تدعى بالمحررة , وما تعيشه من انهيار اقتصادي غير مسبوق , وفشل في إدارة الأزمة القائمة , القرارات الغير مدروسة , وسلوك النكاية الغبي , واصبح المواطن هو المتضرر , يتلقى ضربات موجعة في المعيشة وسبل الحياة , حيث يتعرض هو اسرته للجوع والعطش والفاقة , بينما ثلة من السياسيين والعسكرين يعيشون تخمة من الشبع والثراء , سبب سخط شعبي وجماهيري ضد السياسيين والقادة العسكريين ,الا ما رحم ربي منهم وهم قلة قليلة .
من جور البؤس الذي يتعرض له الناس , تجدهم في الشارع تائهون و مهمومون فقر وحاجة , والسؤال عن الراتب , وان وجد لا يفي متطلبات البقاء أحياء يرزقون ,مع غياب الخدمات الضرورية للحياة , وغياب روح الدولة وروح النظام والقانون , فغابت الروح الإنسانية , لتتفوق روح العنف , والعصبية , والكراهية , والنعرات , وكل ما يدمر العلاقات والاواصر بين الناس , في مجتمع بين الحياة والموت .
هذا المواطن وخاصة في عدن , لديه تجربة لتحمل الصعاب , والصبر والمصابرة , عاش في السبعينات أشد مراحل الفقر , واصطنع وجبة صنانوة الهواء , عندما غاب عنه السمك ولحم الدجاج والمواشي , واكتفى بالخضروات , كان حينها مجتمع متكافل متعايش , وكان متقبل لذلك الواقع الجاثم على الجميع , مع فارق طفيف بين رجل السلطة والمواطن , ومحتفظ بأواصر وقيم وأخلاقيات التعامل .
اليوم حتى الخضروات أسعارها فوق قدرات الناس المادية , وغاب التكافل والتعايش , وفقد المجتمع في الشحن والتحريض اهم قيمه واخلاقياته , ولكنه يقاوم الرداءة بكل أشكالها وصفاتها ونثرتها .
يسخر من هدر أموال تذهب في شراء ذمم , وإعداد كمائن , وتموين مشكلات ورعاية حواضنها , وتزوير الواقع , يشعر فيها المواطن بالمهانة والاستخفاف , وتقزيم لقضيته ,واستمرار خداعة و الخذلان , وزجه في حروب تزيد من معاناته , وتدمر أعمدة الحياة العامة والعلاقات بين الناس , وتزيد من حجم الشروخ والتصدعات , وبالتالي إعاقة أي توافقات , تحد من أي بادرة سلام تصلح حال الوطن ,وبالتالي يصلح حال المواطن , ويتنفس الصعداء بعد ان يزاح من على كاهله العنف الجاثم .
اليوم المواطن هو اكثر وعي من السياسيين , بعد ست سنوات من حرب عبثية , وسياسة هوجاء , وسلوكيات طائشة , وغبن وظلم وقهر , ست سنوات اضافت للتاريخ أسوأ مرحلة في حياة الامة , من جرائم اغتيالات وانتهاكات , وسجون سرية , والمخفيين قسرا , ونهب وبسطو حقوق ممتلكات خاصة وعامة , أسوأ مرحلة تحاك فيها سيناريو سخيف في تعطيل روح القانون والعدالة , وتستمر العملية لتعطيل روح الحياة , واليوم يتم تعطيل حركة النقد , وإغلاق البنوك , كما أغلقت المدارس والمحاكم , وفقد التعليم رسالته السامية , وفقد القضاء دوره الوطني والإنساني , وتحولت الوظيفة لوسيلة ضغط سياسية , من خلال الاستئثار بها لممارسة الضغط على المواطن والوطن ,تسير بوتيرة عالية و غباء منقطع النظير عملية السطو للمؤسسات وتدميرها الذاتي , وافراغها من كوادرها ومؤهلاتها ,لإحلال مناصرين بمعايير رديئة , والنتيجة واقعنا المؤلم .
الواقع خير دليل على الفرق الشاسع , بين حاكم ومسيطر , يحتمي بالبندقية , ومحكوم منقسم بين مصالحه الحقيقية , ومصالح ذلك الحاكم , فالغالبية من المحكومين متذمرين من الواقع , وهم الغالبية الصامتة للأسف , السلبية التي ترى خطورة المرحلة والعنف , وتستكين علا وعسى ان يأتي الفرج , في واقع مشحون بكم هائل من النفاق , أتاح فرصة المنافقين الافاقين , يمارسون هوايتهم بأريحية , ويحمون أصنامهم التي تذر عليهم مصالح ومال , في مساندة للغباء السياسي والفشل الإداري , على أمل ان تتحول أوهامهم لواقع , ولم يدركوا بعد خطورة المرحلة , ونتاج نفاقهم , والنتيجة لا جديد , بل نرى الماضي يتكرر, و يفسد حياتنا .
هي نفس سياسة الفشل وقرارات غير مدروسة تزيد من معاناة الناس , يحدد سعر الرغيف ( الروتي ), دون دراسة للانعكاسات المضرة للقرا , فيدفع لتوقف الأفران لإنتاج الرغيف ( الروتي ) , وحرم المواطن من ارخص قوت يحميه ويحمي أولاده من الجوع , دون اسهام جدي بالحل , وتوفير الدقيق المدعوم للأفران , لخدمة لتوفير قوت المواطن , من أموال الهدر التي توزع لتلميع الصورة .
انها قمة العجز في توفير ابسط ما يحتاجه المواطن من قوت , كعجز ضبط السوق العام , والاسعار , ولو وجدت دراسة حقيقية ستجد أن المتسبب في ارتفاع الأسعار , هي الإتاوات التي تفرض على التجار , والمبالغ الكبيرة المدفوعة لاستخلاص البضائع , وبلطجة الهبر , و سياسة التأزيم للواقع السياسي , وأثره على الاقتصادي , و فقدان الضبط والتحكم العادل بحركة التجارة والاقتصاد , وتنفيذ النظم والقوانين .
والنتيجة فشل في فشل , والتسويق لوهم , وهذا ما لا يقبله الناس , ويحفزهم في تغيير أحوالهم وتصحيح مسار حياتهم , وهو حق مكفول واخلاقي .